أقام رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، مساء اليوم الجمعة، في السراي الحكومي، مأدبة عشاء تكريمية على شرف رئيس الحكومة المصرية الدكتور مصطفى مدبولي والوفد المرافق، بحضور الرؤساء ميشال سليمان، نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، تمام سلام وحسان دياب، ونائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب، ونائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري، إضافة إلى عدد من الوزراء والنواب وقادة الأجهزة الأمنية وشخصيات سياسية واجتماعية.
وفي المناسبة، ألقى الرئيس سلام كلمة رحّب فيها بمدبولي والوفد المرافق، مؤكدًا عمق العلاقة التاريخية بين لبنان ومصر، ومثمّنًا الدور الذي تضطلع به القاهرة، قيادةً ودولةً وشعبًا، في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ المنطقة.
وقال سلام إن مصر شكّلت، على الدوام، ركيزة أساسية في النظام العربي وصوتًا عقلانيًا في لحظات الانقسام، ومرجعية في الدفاع عن القضايا العربية المشتركة، والسعي إلى حماية الاستقرار الإقليمي وتعزيز الحلول السلمية للنزاعات. وأكد أن لبنان يقدّر عاليًا المواقف المصرية الأخوية الداعمة له سياسيًا ودبلوماسيًا، كما يثمّن جهودها المتواصلة، بالتنسيق مع الأشقاء العرب، لدعم لبنان في مساعيه لوقف الاعتداءات الإسرائيلية اليومية، والانسحاب من كامل الأراضي اللبنانية، والإفراج عن الأسرى.
وأشار رئيس الحكومة إلى أن لبنان ينظر إلى الدور المصري بوصفه دورًا فاعلًا ومسؤولًا يرفض منطق المحاور، ويسعى إلى تجنيب المنطقة مزيدًا من الانفجارات، وتثبيت الحلول السياسية كخيار مستدام. وفي هذا الإطار، رحّب بالجهود المصرية الهادفة إلى احتواء التوتر وتفادي توسيع رقعة المواجهة، ليس على الساحة اللبنانية فحسب، بل على مستوى الإقليم ككل.
كما أثنى سلام على الدور الذي اضطلعت به مصر في مؤتمر شرم الشيخ الأخير، الذي انعقد في ظل الحرب المدمّرة على غزة، بهدف الدفع نحو وقف فوري لإطلاق النار، وتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية، وفتح مسار سياسي يضع حدًا لمعاناة الشعب الفلسطيني ويحول دون تعميم النزاع على دول المنطقة.
وفي شقٍّ تاريخي وثقافي، شدد سلام على أن العلاقة بين لبنان ومصر ليست علاقة دولتين فحسب، بل علاقة شعبين تشاركا الزمن والذاكرة، مذكّرًا بالتفاعل الحضاري العميق بين بيروت والإسكندرية عبر العصور، وبالدور الذي لعبه اللبنانيون في نهضة الصحافة والثقافة والطباعة في مصر، مستشهدًا بأسماء بارزة شكّلت علامات مضيئة في التاريخ الثقافي العربي.
وختم رئيس الحكومة بالتأكيد على أن بيروت والقاهرة شكّلتا، ولا تزالان، فضاءين متكاملين للفكر السياسي والقانوني العربي، حيث نوقشت أسئلة الدولة الحديثة والدستور والحريات ودور المؤسسات، في مسارٍ مشتركٍ ساهم في تشكيل الوجدان العربي الحديث.
وتأتي هذه المأدبة في ختام يوم حافل من اللقاءات التي عقدها رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي في بيروت، شملت اجتماعات مع كبار المسؤولين اللبنانيين، في إطار زيارة رسمية تهدف إلى تأكيد الدعم المصري للبنان سياسيًا ومؤسساتيًا، وتعزيز التنسيق في ظل التطورات الإقليمية المتسارعة.
وكانت القاهرة قد كثّفت تحرّكها الدبلوماسي خلال الفترة الماضية على خط التهدئة، سواء في لبنان أو في الإقليم، انطلاقًا من موقف ثابت يقوم على منع توسّع المواجهات، والدفع نحو الحلول السياسية، والحفاظ على استقرار الدول العربية.
الـــمــــزيــــــــــد
