"RED TV"
ما قدّمته الحكومة تحت عنوان “قانون الفجوة المالية” لا يبدو، وفق قراءات قانونية واقتصادية، كتشريع إنقاذي بقدر ما هو إطار قانوني لإدارة الانهيار وتوزيع خسائره.
فالقانون، بحسب منتقديه، لا يهدف إلى استعادة الودائع أو إعادة بناء الثقة بالنظام المالي، بل إلى إقفال أزمة ممتدة منذ سنوات عبر شطب منظّم للخسائر، حتى لو جاء ذلك على حساب المودعين والقطاع المصرفي.
ومن خلال قراءة مواد المشروع، يتبيّن أن الدولة تخرج عمليًا من دائرة المحاسبة، إذ لا يفرض القانون أي مساهمة إلزامية من الخزينة في تغطية الخسائر، ولا يحمّلها مسؤولية مباشرة عن السياسات المالية والدين العام اللذين سبقا الانهيار.
ويكتفي بالاعتراف المبدئي بوجود دين لمصرف لبنان، على أن يُحدَّد لاحقًا بما يراعي ما تسميه الحكومة “استدامة الدين العام”.
أما مصرف لبنان، فيحصل على حصانة شبه كاملة، إذ يتجنّب المشروع تطبيق النص القانوني الذي يُلزم الخزينة بتغطية خسائره، ويحوّل هذا الإلزام إلى خيار سياسي لا إلى واجب قانوني.
وفي ظل إعفاء الدولة وتحصين المصرف المركزي، تنتقل الكلفة إلى المصارف والمودعين. فالودائع التي تتجاوز مئة ألف دولار لا تُعاد نقدًا، بل تُحوَّل إلى شهادات طويلة الأجل مدعومة بأصول غير واضحة القيمة أو الإيرادات.
كما يعيد القانون فتح ملف التحويلات والفوائد التي جرت بعد عام 2019، ويعاملها كأنها مشبوهة، رغم قانونيتها آنذاك، ما يُعدّ مساسًا بالحقوق المكتسبة.
وفي حال إقراره بصيغته الحالية، يحذّر منتقدوه من تصفية منظّمة للقطاع المصرفي وضياع فعلي للودائع، تحت عنوان إصلاحي شكلي.