عون يفتح ملف رواتب القطاع العام... ويشدد على الحوار

أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أنه "ابن القطاع العام وعاش معاناة المؤسسة العسكرية، وأنه من حق موظفي القطاع العام المطالبة بإنصافهم". وكشف عن تداول مجلس الوزراء ووزير المال في مسألة إعادة النظر برواتب القطاع العام، مؤكدًا "إشراك ممثلي هذا القطاع في النقاش الدائر حول الموضوع"، ومشدّدًا على "التعاون معهم للوصول إلى حل يتوافق مع الإمكانات الحالية الموجودة".

جاء كلام عون خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر، مع وفد يضم ممثلين عن موظفي القطاع العام.

في مستهل اللقاء، تحدث الأسمر، مشيرًا إلى تراكم المشاكل الاقتصادية عبر السنين، ما أدى إلى كوارث على كل الأصعدة، بما فيها القطاع العام. وقال في كلمة: "تمنيت علينا فخامة الرئيس في زياراتنا السابقة لكم أن يرفع القطاع العام الإضراب، وكان هناك تجاوب من قبل موظفي القطاع العام الذي يُعتبر أكبر منتج للدولة اللبنانية ويجب تعزيزه".

وأضاف: "جئنا اليوم لوضع أزمة القطاع العام بين يديكم، وهناك دراسات مع مجلس الخدمة المدنية والوزراء المعنيين واتجاهات لزيادات معيّنة، إنما أصحاب العلاقة غير موجودين في النقاش. وكذلك هناك دراسات تجري للقطاع العسكري، وأيضًا أصحاب العلاقة غير موجودين".

ثم تحدث عدد من أعضاء الوفد، عارضين واقع موظفي القطاع العام وتآكل رواتبهم بفعل الظروف الحالية، ودعوا إلى تعاطٍ جدي مع مطالبهم وإشراكهم في النقاش حول الحلول المطروحة. كما لفتوا إلى وجود ملاحظات على مشروع سلسلة الرتب والرواتب المطروح من قبل الحكومة، معتبرين أنه، برغم هذه الملاحظات، لو وُضع المشروع على السكة، لحلّ مشاكل عدّة.

وأشارت المداخلات إلى وجود بعض الرواتب المرتفعة جدًا في الهيئات الناظمة التي جرى تشكيلها وبعض الوزارات، ما يؤثر على مبدأ المساواة والتكافل والتضامن الاجتماعي.

كما أشاروا إلى أنه في العام الحالي لم تطرأ أي إضافات على رواتب القطاع العام، وهو العام الوحيد الذي يحدث فيه ذلك منذ بداية الأزمة في العام 2019، مطالبين بإعادة الانتظام إلى قطاع الرواتب.

ورد الرئيس عون على كلمات الوفد، فأكد أنه "ابن القطاع العام وعاش معاناة المؤسسة العسكرية، ومن حق موظفي القطاع العام المطالبة بإنصافهم".

وأشار إلى أن "الدولة تُبنى من جديد وتؤسس نفسها، وهناك فكرة يتم تداولها في مجلس الوزراء ومع وزير المال لإعادة النظر برواتب القطاع العام، نظرًا إلى وجود تفاوت كبير بينها". وقال: "سنشرككم معنا في النقاش، ولكن نريد تعاونكم، خصوصًا أن الإضراب يشلّ الدولة ويحرمها من المداخيل، وبالتالي لا يساهم في حل مشكلة رفع الرواتب".

وأضاف: "أنتم العمود الفقري للدولة اللبنانية، ونريد التعاون معكم للوصول إلى حل يتوافق مع الإمكانات الحالية الموجودة".

بعد اللقاء، تحدث الدكتور الأسمر إلى الصحافيين، فقال: "وضعنا فخامة الرئيس في الأجواء الكارثية التي يعيشها القطاع العام بكل فئاته وأطيافه". وأوضح أن اللقاء ضم ممثلين عن روابط موظفي القطاع العام والمتقاعدين والعسكريين والمدنيين والأساتذة والمصالح المستقلة والمؤسسات العامة، مؤكدًا أن القطاع العام "قطاع مظلوم".

وأضاف أن الرئيس بادر إلى تأليف لجنة برعايته المباشرة، تضم مختلف القطاعات، لمواكبة ملف الرواتب والتعويضات في القطاع العام.

وتوجّه بالشكر إلى رئيس الجمهورية على هذه الخطوة، معتبرًا أنها قد تؤدي إلى نتائج سريعة في أوائل العام المقبل، وتُسهم في وقف الإضرابات والتحركات.

ورداً على سؤال حول أولويات مطالب القطاع العام، قال إن هناك أجواء عدم ثقة مع بعض المسؤولين، لافتًا إلى أن اللجنة التي يرعاها رئيس الجمهورية تشكّل تطورًا نوعيًا، معربًا عن الأمل بنتائج مهمة.

وعن مشروع قانون الفجوة المالية، قال الأسمر: "نتمنى أن تؤدي مشاريع القوانين المطروحة إلى إنصاف كل فئات الشعب اللبناني، وأن يؤخذ بالملاحظات المطروحة للوصول إلى الطريق الصحيح".

وضم الوفد المرافق للأسمر ممثلين عن روابط ونقابات وهيئات رسمية وتربوية وقضائية وإدارية متعددة.

وزاريًا، استقبل الرئيس عون وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كمال شحادة ورئيس شركة مايكروسوفت في الشرق الأوسط وأفريقيا نعيم يزبك، حيث جرى عرض التعاون القائم والمساعدات المقدّمة للبنان في مجالات متعددة، ولا سيما في مجال التحول الرقمي والحكومة الإلكترونية.

بعد اللقاء، أعلن الوزير شحادة توقيع اتفاقية مع مايكروسوفت لدعم القطاع الخاص والشركات الناشئة، وإطلاق برامج تدريب واسعة في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، يستفيد منها أكثر من 100 ألف لبناني.

وأكد يزبك التزام مايكروسوفت دعم لبنان، مشيرًا إلى أن الاتفاقية تشمل دعم الشركات الناشئة وتدريب القطاعين العام والخاص.

كما استقبل الرئيس عون رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، الذي عرض معه الأوضاع العامة والواقع المالي. وأكد كنعان أن حقوق الشعب اللبناني وسيادة الدولة ودعم الجيش تشكّل أساسًا في مقاربة رئيس الجمهورية.

وأكد كنعان أنه لن يعلّق على مشروع قانون الفجوة المالية قبل صدوره بصيغته النهائية، مشددًا على ضرورة توافر الإمكانات لتنفيذ استرداد الودائع بعد 6 سنوات على الانهيار.

واستقبل الرئيس عون أيضًا رئيس لجنة الشباب والرياضة النيابية النائب سيمون أبي رميا، الذي نوّه بالخطوات الجريئة التي يتخذها رئيس الجمهورية في ملفات السيادة والإصلاح المالي.

كما استقبل النائب ميشال المر، الذي شدد على أهمية إجراء الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها الدستوري.

واستقبل الرئيس عون الوزير السابق زياد المكاري، الذي أشاد بنهج الرئيس في معالجة الملفات الحساسة، كما التقى رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي شارل عربيد، الذي عرض تطور الحركة الاقتصادية خلال الأشهر الماضية والواقع الاجتماعي في البلاد.