في مشهد بدا اعتياديًا بكل تفاصيله، استُقبل رئيس أركان الجيش الليبي الفريق أول محمد علي أحمد الحداد، يوم الثلاثاء، بمراسم عسكرية رسمية في العاصمة التركية أنقرة، قبل ساعات قليلة من تحطم طائرته الخاصة أثناء عودته إلى ليبيا في حادث مأساوي لا تزال ملابساته قيد التحقيق.
وجرت مراسم الاستقبال في مقر رئاسة الأركان التركية، حيث كان في استقبال الحداد نظيره التركي الفريق أول سلجوق بايركتار أوغلو، وذلك في زيارة رسمية بدعوة من الجانب التركي. ووثّقت صور ومقاطع فيديو متداولة لحظات اللقاء، بما فيها التحية العسكرية واستعراض حرس الشرف، في مشهد عكس عمق العلاقات العسكرية بين البلدين.
وعقب المراسم، عقد الجانبان جلسة مباحثات ثنائية، توسعت لاحقًا لتشمل وفدي البلدين، بمشاركة قائد القوات البرية التركية الفريق أول متين توكيل، ونظيره الليبي الفريق أول الفيتوري غريبيل. كما التقى الحداد خلال زيارته وزير الدفاع التركي يشار غولر، حيث جرى بحث سبل تعزيز التعاون العسكري والتنسيق الأمني بين أنقرة وطرابلس.
غير أن هذا المشهد الرسمي لم يلبث أن تحوّل إلى لغز مأساوي بعد ساعات قليلة، إذ أُبلغت السلطات الليبية بفقدان الاتصال بالطائرة الخاصة التي كانت تقل الحداد ورفاقه، بعد نحو نصف ساعة من إقلاعها من مطار أسنبوغا في أنقرة متجهة إلى طرابلس.
وقال وزير الدولة الليبي للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي إن المعلومات الأولية الواردة من الجانب التركي تفيد بأن الطائرة، وهي من طراز “فالكون 50”، أرسلت بلاغًا بنيتها تنفيذ هبوط اضطراري في منطقة حيمانة، قبل أن ينقطع الاتصال بها بالكامل عند الساعة 20:52 مساءً، بعدما كانت قد أقلعت عند الساعة 20:10.
وأضاف اللافي أن الترجيحات الأولية تشير إلى سقوط الطائرة، لافتًا إلى استمرار التنسيق بين السلطات الليبية والتركية لكشف مصير الركاب الخمسة، وهم: الفريق أول محمد الحداد، مستشاره محمد العصاوي، قائد القوات البرية الليبية الفريق أول الفيتوري غريبيل، اللواء محمد جمعة، والمرافق الإعلامي محمد المحجوب.
وفي السياق نفسه، تداول ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر انفجارًا قويًا في محيط مطار أسنبوغا، يُعتقد أنه ناجم عن سقوط الطائرة. كما أظهرت بيانات موقع “فلايت رادار 24” أن الطائرة سجّلت ارتفاعًا تدريجيًا بعد الإقلاع، قبل أن تهبط بشكل مفاجئ وحاد وتختفي من شاشات الرادار.
من جهته، أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا عبر منصة “إكس” فقدان الاتصال بالطائرة بعد طلبها هبوطًا اضطراريًا، مشيرًا في بيان أولي إلى أن الطائرة تقل “رجال أعمال”، قبل أن تتضح لاحقًا هوية الركاب.
وفي ليبيا، أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة تشكيل خلية أزمة فور ورود نبأ الحادثة، لمتابعة التطورات والتنسيق مع الجانب التركي. كما أفادت وكالة “İHA” التركية بأن شهود عيان سمعوا دوي انفجار قوي في المنطقة التي اختفت فيها الطائرة.
وبين صور الاستقبال الرسمي التي وثّقت لحظات ودّية ومشاهد الانفجار الغامض، يبقى مصير رئيس الأركان الليبي ورفاقه رهن التحقيقات الرسمية، وسط ترقّب ليبي وتركي لإجابات حاسمة عن سؤال واحد: ماذا حدث بعد نصف ساعة من الإقلاع؟