الأخبار المهمة

محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت
الجمعة 26 كانون الأول 2025 - 07:09 ليبانون ديبايت
محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت

القانون الذي يخشاه الجميع

القانون الذي يخشاه الجميع

"ليبانون ديبايت" - محمد المدني


في لحظةٍ مفصلية من النقاش حول "قانون الفجوة المالية"، يتكشّف المشهد السياسي اللبناني بلا مواربة. فالمسألة لم تعد تقنية ولا مالية، بل تحوّلت إلى معركة سياسية تتحكّم بها الاصطفافات، ويثقلها التوقيت الانتخابي.


من حزب الله إلى حركة أمل مرورًا بالحزب التقدمي الاشتراكي، تتقاطع القوى الأساسية على إدارة الخسائر بدل محاسبة من تسبّب بها. واختلاف الخطاب لا يخفي وحدة المسار، حيث يسعى كل طرف إلى حماية موقعه داخل المنظومة، لا إلى تفكيكها أو تحميلها مسؤولية الانهيار.


ضمن هذا المشهد، يبرز موقف القوات اللبنانية التي اختارت التمركز في موقع المعترض، إدراكًا منها أنّ أي قانون لا يضمن استعادة الودائع بشكل واضح وكامل سيُحتسب سياسيًا على من يمرّره، خصوصًا في ظل غضب شعبي متراكم يسبق الاستحقاق النيابي.


في المقابل، يرزح التيار الوطني الحر تحت معادلة أكثر تعقيدًا. فهو جزء من السلطة التي كانت قائمة في مرحلة الانهيار، ويواجه اليوم استحقاق إعادة التموضع. فالسير بقانون فجوة مالية بلا ضمانات حقيقية يعيد فتح ملف مسؤوليته السياسية، فيما تعطيله بالكامل يضعه في مواجهة الخارج الذي يضغط باتجاه تمرير أي إطار قانوني يفتح باب التفاوض. هذا التناقض يفسّر تردّد التيار ومحاولته الإمساك بالعصا من الوسط.


الأخطر في هذه المعادلة أنّ المكوّن السنّي خارجها عمليًا. لا موقف جامع ولا مشروع واضح، ولا قدرة على فرض شروط تتعلّق بحماية المودعين أو إعادة التوازن إلى القرار المالي. التسويات الكبرى تُدار من دون شراكة كاملة، فيما يُترك مكوّن أساسي من المجتمع خارج دائرة التأثير.


هنا، يطرح السؤال الأساسي، هل سيمضي قانون الفجوة المالية؟ المؤشرات لا توحي بذلك قبل الانتخابات. فتمرير قانون يعيد تعريف الخسائر، ويضع سقوفًا للسحوبات، ويحوّل جزءًا من الودائع إلى سندات طويلة الأجل، يُعدّ خطوة غير شعبية إلى حدّ الانتحار السياسي. لذلك، يبدو السيناريو الأرجح هو المماطلة. جلسات طويلة، مواد تُجزّأ، صيغ تُعدّل، ونقاشات تقنية تُغرق الرأي العام بالتفاصيل، بانتظار عبور الاستحقاق الانتخابي.


هكذا، يتحوّل قانون الفجوة المالية إلى ضحية التوقيت بقدر ما هو ضحية الخلل في المضمون. الجميع يعلن رغبته في "حلّ الفجوة"، لكن أحدًا لا يريد دفع ثمن هذا الحل أمام الناس. وبين اعتراض القوات، وتردّد التيار الوطني الحر، واصطفافات باقي القوى، يبقى المودع خارج المعادلة، ينتظر عدالة مؤجّلة لا تبدو قريبة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة