انتهت جلسة مجلس الوزراء المخصّصة لدرس مشروع الانتظام المالي واستعادة الودائع قرابة الثالثة إلّا ربعًا من بعد ظهر اليوم في السراي الكبير. وبعد الجلسة، أعلن رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام إقرار مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع.
وأوضح سلام أنّ الأيام الأخيرة شهدت، منذ وضع المشروع على طاولة البحث في مجلس الوزراء، صدور عدد كبير من التعليقات والكتابات التي خالفت حقيقة مضمون القانون وتمّ تداولها بشكل مضلّل، ما استوجب توضيح جملة من النقاط الأساسية.
وأشار إلى أنّه جرى التشكيك في أنّ القانون لا يضمن للمودعين استرداد 100 ألف دولار، سواء كانت الودائع مؤمّنة أم غير مؤمّنة، مؤكّدًا أنّ المودعين الذين تقلّ قيمة ودائعهم عن 100 ألف دولار سيحصلون على هذا المبلغ كاملًا من دون أي اقتطاع، إضافة إلى الفوائد المتراكمة عليه، وذلك خلال فترة 4 سنوات. ولفت إلى أنّ هؤلاء يشكّلون نحو 85% من المودعين، وسيستعيدون أموالهم كاملة وفي أقصر فترة زمنية ممكنة.
أمّا المودعون الآخرون، فأكّد سلام أنّه لا يوجد أي شرط لبدء استرداد أموالهم، إذ سيستردّون ودائعهم بقيمتها الاسمية أيضًا، ولكن بوتيرة أبطأ مقارنة بصغار المودعين. وأوضح أنّهم سيحصلون أولًا على 100 ألف دولار، ثم على سندات قابلة للتداول بقيمة الرصيد المتبقّي من حساباتهم.
وتطرّق سلام إلى ما أُثير حول هذه السندات والتشكيك بقيمتها، مشدّدًا على أنّ هذا الكلام غير صحيح، إذ إنّ هذه السندات تتمتّع بقيمة كبيرة كونها معزّزة بإيرادات وأصول مصرف لبنان، فيما تشمل محفظة أصول المصرف المركزي ما يقارب 50 مليار دولار، ما ينفي الادّعاء بأنّها مجرّد أوراق بلا قيمة.
وأضاف أنّه بعد حصول المودعين على 100 ألف دولار، تُمنح لهم هذه السندات، على أن يتمكّنوا خلال الفترة اللاحقة من استرداد ما نسبته 2% من قيمتها سنويًا. وأعطى مثالًا على ذلك، مشيرًا إلى أنّ من يملك وديعة بقيمة 3 ملايين دولار يمكنه استرداد نحو 60 ألف دولار سنويًا تُضاف إلى حسابه.
كما تناول سلام الحملات التي تحدّثت عن أنّ هذه السندات معزّزة بموجودات مصرف لبنان وأنّ الذهب في خطر، مؤكّدًا بشكل قاطع أنّ ما قيل عن بيع الذهب هو افتراء. وشدّد على أنّ لا أحد يبيع الذهب، لا هو ولا غيره، ولن يتم بيعه أو المغامرة به، معتبرًا أنّ ما جرى هو حملات هدفت إلى التشويش.
وفي هذا الإطار، أعلن أنّه جرى إدخال بند إلى المشروع يؤكّد الالتزام بأحكام القانون الرقم 42/86 المتعلّق بحماية احتياطي الذهب لدى مصرف لبنان، مشدّدًا على أنّ مسألة الذهب محسومة ولا مجال لأي مزايدات بشأنها، وأنّ كل ما قيل خلاف ذلك يناقض الحقيقة.
كذلك ردّ سلام على ما قيل إنّ هذا القانون هو قانون “عفا الله عمّا مضى”، واصفًا هذا الكلام بالمعيب وغير الصحيح، ومؤكّدًا أنّه للمرة الأولى يتضمّن القانون مساءلة ومحاسبة. وأشار إلى أنّ الحكومة التزمت، في بيانها الذي نالت على أساسه الثقة، باستكمال التدقيق الجنائي والمحاسبة، وقد أُدرج هذا الالتزام صراحة ضمن القانون.
وشدّد سلام على أنّ كل من حوّل أمواله قبل الانهيار المالي عام 2019 مستغلًا موقعه أو نفوذه، وكل من استفاد من الهندسات المالية، أو من أرباح ومكافآت مفرطة، سيخضع للمساءلة، وسيُطلب منه دفع تعويض قد يصل إلى 30% من هذه المبالغ.
وأضاف أنّه لا يمكن لأي اقتصاد أن ينمو من دون قطاع مصرفي سليم، لافتًا إلى أنّ الثقة بالنظام المصرفي تضرّرت بشدّة خلال السنوات الماضية. وأكّد أنّ هذا القانون يهدف إلى حماية المودعين وتمكينهم من استرداد ودائعهم، كما يهدف إلى تعافي القطاع المصرفي عبر تقييم أصول المصارف وإعادة رسملتها، بما يسمح لها باستعادة دورها في تمويل الاقتصاد وتحفيز النمو وتسهيل الاستثمار والحدّ من اقتصاد النقد المتفشّي.
وختم سلام بالتأكيد أنّ القانون ليس مثاليًا وفيه نواقص، وقد أُدخلت عليه تعديلات مهمّة في الجلسات الأخيرة لمجلس الوزراء. وأقرّ بأنّه قد لا يلبّي تطلّعات الجميع، إلا أنّه يشكّل خطوة واقعية ومنصفة على طريق استعادة الحقوق، ووقف الانهيار، وإعادة العافية إلى القطاع المصرفي. كما شدّد على أنّ الحكومة تعمل ضمن الإمكانيات المتاحة، ولا تبيع أوهامًا، بل تسعى إلى مصارحة الناس، مؤكدًا أنّ اللبنانيين يستحقون الصدق.