"ليبانون ديبايت"- زِياد الشويري:

ليسَ مديحاً أجوفَ أن نقول بأن إهتمام وزير الخارجية جبران باسيل باللبنانيين المتضررين من إعصار الولايات المتحدة الأميركيَّة هوَ إستثنائي لمسؤول يخرج عن مألوف البروتوكول ليتفقَّد معاناة التفاصيل في البيوت والحدائق اللبنانيَّة التي أشتراها المغتَرِبَون بدموع الأعين، وليسَ تَقريظاً أن ننوِّه أيضاً بمواجَهَةِ الدبلوماسيَّةِ اللبنانيَّة لإعصار ترامب الذي زَلزلَ أروقَة الأمم المتّحدة في نيويورك حيث حلّت أزمَة النازِحين طَبقاً مسَمَّماً ومُسَمِّماً في آن على المائِدَة السياسيَّة اللبنانيَّة الدّاخليَّة، لكنَّ الملفِت في مواجهات الأعاصير كانَ إهتِمام الوَزير باسيل بقضيَّة المطرانَين المَخطوفَين ومساعَدات الجيش اللبناني.

ماذا يضافُ على المواجَهَة إذا أضَفنا على قائِمَة الطعام السياسي هذه مسألَة البطاقَة البيومتريَّة؟ وهَل من الحكمَة إرباك لبنان في هذه المرحَلَة بسجال دستوري وسياسي قَد يطيح بأهم إنجاز تمَّ تحيقيقه في هذا العهد أعني بِه قانون الإنتخاب؟

لسنا بالطّبع في صَدَد التشكيك أو في صَدَد إسدال ستار من الرّيبَة على مَخاوِف رئيس مجلس النواب من عَدَم قدرَة الحكومَة إنجاز الإبتِكار البيومتري في الوَقت المحدد وبالتالي التخوّف من الوقوع في مَحظور تَمديد رابِع سيكون بِمثابَة رصاصَة رَحمَة على جسد النظام اللبناني المثقَل بالجِراح.

ولكن إذا ما سألنا اللبنانيين عَما إذا كانوا مَع إصلاح آلياتِنا الإنتخابيَّة أو مَع البقاء على ما نعرِفه من تنخيب المَوتَى وتَزوير بِطاقات الهويَّة والإنتخاب في أكثر مِن قَلَم إقتِراع باسمٍ واحِد وكنيَة واحِدَة، وبينَ أن نصبِح دولَةً عصريَة بكل المَعايير والمَقاييس فبماذا يا تَرى يُجيبون؟

هؤلاء سيجيبون حتماً أنَ البطاقة الممغنَطَة لن تزيد من نسبَة الإقتراع فَحَسب بَل ستحرِّر الناخِبين عموماَ وأهالي منطقة الجبَل خصوصاً مِن الضغوطات التي كانَت في ما مَضى تُمارَس عليهم وستؤدي في محصَّلَة الأمر إلى تَمثيل القِوى بأحجامِها الحقيقيَّة لا بتلكَ المنتَفِخَة عَن غيرِ وَجهِ حَقّ.

لذلكَ فإنَّ حَقيقَة الأمر لا يتمثَّل في أن البيومتريَة مَرَّت عَلى غَفلَة أو على حينَ غرَّة بَل مرّت على أنها فرصَة تاريخيَّة للمقيمين وللمغتَربين على حدِّ سَواء وعلى وجه الخصوص لِمنطقَة عانت تَهجيراً وإهمالاً وقَد حانَ لَها إسماعَ صَوتِها لا أن تَكون أصواتها مجرَّد أوراق في صناديق الإذعان، وإذا كانَ لا بدّ مِن ذِكرِ الشياطين في هذا السياق فسيكونُ شَيطان إلغاء فرصَة إقتِراع المغتَرَبين أعتى وأخطَرَ الشياطين على لبنان.

خلاصَة القَول أن السياسَة تَقتَحِم مِن جديد إستحقاقاً دستوريّاً لَم يكن على المسؤولين سِوى تَطبيقه في مَواعيدِه، خصوصاً وأننا على مفترَق إقتِصادي وإجتماعي في غايَة الخطورَة، مفتَرَق الإفلاس أو خَطَر الإفلاس على أقلّ تَعدَيل.

الدول المانِحَة تراقِبنا عَن كَثَب عَبرَ مناظيرِها البيومتريَّة أيضاً خصوصاً بعد إبطال المجلس الدستوري لقانون الضرائِب والتوجّه إلى تَجميد العَمَل بسلسلة الرتب والرواتِب، وأخالُ المجتَمَع الدّولي يَقولُ لَنا بالفَمِ الملآن وبَعدَ كلّ هذه الإخفاقات أن عَدَم إنجاز الإنتخابات في مَواعيدِها المقررة في العام 2018 أو محاوَلَة تَطييرِها تحتَ مسوّغات متعدِّدة سيدفَع بالدول المانحة إلى إعلاننا دولَةً فاشلَة وستحجم صناديق العالَم عَن تَسليفِنا وبالتالي سيكونُ سقوطُنا عَظيماً.

فلنتَّقِ الله ولتكن العبرَة في تَنفيذِنا لمندرَجات قانون الإنتخاب كما تمَّ التوافق عليه إنقاذاً لِماء الوجه قبلَ أن نضطرّ إلى دَفنِ وجوهِنا خَجَلاً مما أقترفتهُ أيدينا.