"ليبانون ديبايت" - نهلا ناصر الدين

جاء البيان الختامي الصادر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب موافقاً للتوقعات اللبنانية التي توقعتها عدة أطراف على مدى الساعات الـ48 التي سبقت الاجتماع. فكان معلوماً أن البيان سيخرج باتهام صريح لـ"حزب الله الشريك في الحكومة" بالإرهاب، وتحميله "مسؤولية دعم الإرهاب والجماعات الإرهابية في الدول العربية بالأسلحة المتطورة والصواريخ الباليستية". وفي المقابل جاء موقف "الجمهورية اللبنانية" متوقعاً لجهة الاعتراض "على الفقرات 4 و6 و9 في قرار التدخلات الايرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية".
اعترض لبنان، كما جاء في هوامش البيان الختامي "على ذكر حزب الله ووصفه بالإرهابي والإشارة إلى وجوده في الحكومة. ولا يمكن الموافقة على الأمر كونه خارج تصنيف الأمم المتحدة، وغير متوافق مع المعاهدة العربية لمكافحة الإرهاب خاصة من حيث التمييز بين المقاومة والإرهاب، كون حزب الله يمثل مكونا أساسيا في لبنان وشريحة واسعة من اللبنانيين ولدية كتلة نيابية ووزارية وازنة في المؤسسات الدستورية اللبنانية".

"وصف حزب الله بالإرهابي ليس بجديد، على الأقل في بعض العواصم العربية، لكن الجديد أن يصدر بالإجماع عن الجامعة العربية في اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب قراراً بتصنيف حزب الله بأنه منظمة إرهابية، والإشارة بشكل جدا واضح وصريح على أنه شريك في الحكومة اللبنانية، ما يعني تحميل صفة الإرهاب للحكومة اللبنانية". على حدّ تعبير الكاتب والمحلل السياسي راجح خوري.

الأمر الذي "يمثل نوعاً من التركيز والتصويب على لبنان كونه يضم في سلطته التنفيذية حزب الله كما في سلطته التشريعية" وهو الحزب الذي أجمعت الدول العربية على وصفه بالإرهابي.

ويؤكد خوري في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت" على أن الخطوة الثالثة الأخطر، من الإجماع على تسمية حزب الله بالإرهابي، والتأكيد على وجوده في الحكومة اللبنانية، "أنه سيتم إطلاع مجلس الأمن الدولي على مضمون هذا البيان الذي يمثل تقريبا إجماعاً عربياً، ما يعني أن لبنان سيُساق إلى الشرعية الدولية بصفته انه لديه شراكة مع حزب إرهابي في السلطة التنفيذية".

ولكن، كيف يمكن أن تُترجم هذه الخطوات على الصعيد اللبناني؟
يقول خوري إن لبنان ليس لديه إلا حلاً من اثنين إما العودة إلى تنفيذ أمين وصادق لسياسة النأي بالنفس، وهذا يعني أن على حزب الله أن يوقف هجماته وتصريحاته ضد دول الخليج وضد الدول العربية وينسحب من بعض الجبهات العربية تحديدا من سوريا واليمن.

وبرأيه أن هذا الأمر لن يحصل، بعد "أن ذهب حزب الله بهذا الاتجاه وقال إنه مقاتل بجبهة الممانعة، وبعدما حققت إيران كل هذه الاختراقات في العالم العربي، هذا يعني أننا دخلنا بأزمة فراغ حكومي في حال لم يستطِع رئيس الجمهورية ميشال عون أن يسحب حزب الله إلى الداخل اللبناني ويقنعه بضرورة اتباع سياسة النأي بالنفس. في الوقت الذي يُعاد فيه رسم الخرائط السياسية في المنطقة".

ولذلك يرى خوري أن رئيس الحكومة سعد الحريري سيصرّ على الاستقالة بعد عودته، وستجري عملية استشارات نيابية ملزمة ويُعاد تكليف الحريري الذي سيعجز عن تشكيل حكومة لا تضم حزب الله، ما يجبره على الاعتذار، وربما سيكون هناك استشارات نيابية ملزمة لتكليف غيره بتشكيل الحكومة الجديدة، والذي سيكون أمامه 3 طرق. إما حكومة تكنوقراط وهي مرفوضة سلفاً من حزب الله وحركة أمل، وإما أن يمشي بحكومة من لون واحد (كحكومة رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي) لها أن تؤدي إلى مشاكل كبيرة مع دول الخليج، وإما الاعتذار والعودة إلى حكومة تصريف أعمال طويلة الأمد".

ويستبعد خوري سيناريو إخراج لبنان من الجامعة العربية، فـ"لبنان دولة مؤسِسة في الجامعة العربية منذ الستينات، علماً أن إبعاد لبنان لن يؤدي إلى نتيجة إذا كان الهدف سحب حزب الله من المنطقة، فإخراج لبنان من عضوية الجامعة العربية يعني وضعه في أحضان حزب الله".

إذاً، الكرة في ملعب رئيس الجمهورية ميشال عون، والعين على بعبدا، وجلسات حوارها التي إذا لم تتوصل إلى تسوية جديدة تُرضي حزب الله ودول الخليج بنفس الوقت، سيكون لبنان أمام أزمة مفتوحة على جميع الاحتمالات وعلى رأسها الشغور في السلطة التنفيذية.