"ليبانون ديبايت" ــ ندين حداد

تختصر دائرة صيدا ــ جزين لبنان. تخبُّط القوى السياسية كافة فيها وضبابية المشهد وحساسية الموقف، مؤشرات واضحة إلى أنّ العملية هنا لعبة كباش المعروفة بشدّ العصب. وفي هذه الحالة يمكن القول إن المعركة طاحنة والنصر للحلف الأذكى والأشمل.

المعركة الأساسية في هذه الدائرة عبارة عن قضاء ذي أكثرية سنيّة وآخر ذو أكثرية مسيحية لطالما كانت الأقلية الشيعية هي التي تُرجح الكفة فيه. حدّية المعركة عنوانها العريض "الأخذ بالثأر" بين من اعتبر أنّ المقاعد الجزينية الثلاثة انتزعوا منه في العام 2009 وبين آخر رأى أنّه "حرّر" جزين من براثن متعدٍ.

بين حزب بريء وآخر متعدّ، حزب خائف وآخر مُحرج، حزب منعزل وآخر مستكبر "ضاعت الطاسة"، وقواعد الفرق في حالة انتظار واستعداد تام عمّا ستُسفر إليه التحالفات. الكلّ ينتظر على أحرّ من الجمر إمّا مغازلة "الحلفاء" طمعاً بحاصل من هنا وهناك، إما مهاجمة الخصوم و"ترذيلهم" لاستقطاب الناخب المتردّد.

تبرز في هذه الدائرة سيناريوهات عدة، ويبدو أنّ الثابت الوحيد حتى اللحظة هو تحالف التنظيم الشعبي الناصري المُتمثل برئيسه أسامة سعد ومعه رئيس النادي الشعبي الدكتور عبد القادر باسط من جهة وابراهيم عازار من جهة أخرى مدعوماً من الثنائية الشيعية.

على المقلب الآخر، من المتوقع أن تنضج صيغ اللوائح خلال هذا الأسبوع. فالوقت بدأ ينفذ والموعد المحدد لتشكيلها بحسب ما يلزم القانون بدأ يقترب. يبدو التيار الوطني الحر وهو الأقوى مسيحياً في قضاء جزين حائراً، ولا شيء واضح حتى الساعة، ولا تحالفات ناضجة في هذه الدائرة، بحسب ما أكدّ المسؤول عن الماكينة الانتخابية للتيار الوطني الحر نسيب حاتم لـ"ليبانون ديبايت". وأشار حاتم الى أنّ المشهد لم يكتمل بعد والمفاوضات تجري على قدم وساق، مؤكداً ألا شيء مُستبعد ويُمكن للساعات الأخيرة أن تنتهي بمفاجآت لم تكن في الحسبان.

وأوضح أنّ التيار لم ينتقص يوماً من طائفة الملكيين الكاثوليك لكنّ الاحصاءات جميعها تؤكد تقدّم المرشحين المارونيين على حساب المرشح الكاثوليكي: "الأحزاب هنا تنظر الى الأرقام لا الى الأشخاص الذين نجلّهم".

في هذا السياق، أكدت مصادر مقرّبة من المرشح عن المقعد الكاثوليكي جاد صوايا، المحسوب على التيار الوطني الحر، إصراره على خوض الانتخابات حتى لو استبعده التيار ولو كلّفه الأمر الانضمام الى اللائحة المقابلة. فالأرقام جميعها تصب لصالحه، واحتلّ المركز الأول كاثوليكياً في جميع الاحصاءات التي أُجريت، كما تُشير الى أنّ كافة الخيارات مفتوحة أمامه والتواصل يجري مع الجميع.

حال تيار المستقبل ليس أفضل بكثير على الرغم من أنّه الأقوى، وبإمكانه تأمين الحاصل الانتخابي منفرداً، لكنّ صورة تحالفاته لم تكتمل بعد. فالتحالف مع الوطني الحرّ يواجه عقبة تتمثل بالنائب زياد أسود غير المحبوب في الشارع الصيداوي وكذلك لم يحسم الأمر ما إذا كان سيتم التحالف مع حزب القوّات اللبنانية الذي بدوره لم يحسم أمره بعد، إذ يعتبر في هذه الدائرة الأضعف والحاجة الى حليف قوي أمر ضروري لتعزيز الفرص بالخرق وكذلك الحال لدى حزب الكتائب اللبنانية.

أمّا الجماعة الاسلامية تميل الى خوض الانتخابات الى جانب الرئيس السابق لبلدية صيدا الدكتور عبد الرحمن البزري والنائب السابق إدمون رزق.

وسط هذه الأجواء الضبابية التي لا يزال يعتريها الكثير من الغموض، تبقى كل الاحتمالات واردة وفقاً للترجيحات وتشكيل اللوائح، ولا بدّ من انتظار ما ستؤول إليه الأمور في الايام المقبلة، باعتبار أن الدائرة الانتخابية التي لم تحبل بها الارتباكات وتتمخض بها الشكوك وتضعها التحالفات في مهد القوة تظل لا طعماً لذيذاً للنصر فيها.