"ليبانون ديبايت" ــ فيفيان الخولي

يدأب نائب رئيس المجاس النيابي إيلي الفرزلي منذ فوزه في الانتخابات النيابية على دعوة حزب القوات اللبنانية للقيام بدور المعارضة في البرلمان. وهي أقرب إلى قناعة أكثر منها دعوة بوجوب وضرورة أن يقوم الحزب بهذه المهمة، الأمر الذي حمل رسائل سياسية عدة في مضمونه.

قال الفرزلي قبل تسمية رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، "إذا لم يتفق رئيس حزب القوات سمير جعجع مع الحريري في حال تكليفه بتشكيل الحكومة، فليسمي غيره وليحضّر نفسه للمعارضة لأن الديمقراطية البرلمانية تحتاج لمعارضة، فالمجلس هو أم المؤسسات ودوره تشريعي ورقابي.

حينها، ردّ قيادي قواتي على الفرزلي عبر "ليبانون ديبايت"، أن "هذه المحاولات لا تنطلي على أحد، وشرف لنا أن نكون في المعارضة واستطعنا تحقيق إنجازات فيها منذ خروج الجيش السوري. يسمحلنا فيها دولة الرئيس، نحن نقرر أين نكون".

عاد الفرزلي إلى الحديث، أخيراً، عن ضرورة وجود المعارضة من دون تسمية القوات، لكنه تحدّث عن عزله حكومياً كما حصل في هيئة مكتب البرلمان، مشيراً إلى أن "حزب الله، بحسب استنتاجي، له مصلحة ذات بعد ‏استراتيجي ألا يتم اقصاء القوات من الحكومة المقبلة، وذلك كي لا يقال عنها لاحقاً ان هذه الحكومة ‏خاضعة لحزب الله. والحديث عن العزل يهدف لكسب الاستعطاف".

الجميع يعلم أن قنوات التواصل بين معراب والمحامي المخضرم مقطوعة، لأسباب تاريخية، فُتحت لفترة محدودة، أثناء هندسة القانون الأرثوذكسي. وعاد ليرحّب بالتفاهم المسيحي الأخير. لكن الرجل دعا يوم عودته إلى البرلمان إلى غسل القلوب بعد الانتخابات، لتنطلق المرحلة الجديدة لأن العهد انطلق اليوم.

إلّا أنه لا يبدو أنّ الأمور تتجه نحو "الغسل والدبلوماسية"، على الرغم من أن الرجل السياسي العتيق يدرك تماماً معنى الحصار، إذ عانى من بعض أنواعه، المذهبي ولاحقاً السياسي الذي منعه من العودة إلى ساحة النجمة منذ العام 2005، فضلاً عن العزل الشعبي في البقاع الغربي.

لا يختلف اثنان على خبرة الرجل في هذا العالم الذي يضجّ بالتقلبات والتسويات، وأوراق فوق الطاولة وأخرى ملغومة تحتها. بالإضافة إلى الحنكة المخمّرة، تبعاً لجهوده على خط دمشق بيروت، ومعه معظم سياسيي البلد، انقسمت الأطراف حولها بين مؤيد ومعارض، باعتبارها منعت ارتدادات عدة، لكنها في الوقت عينه صبغت لبنان سورياً.

يتوقّف مراقبون عند تصريحات الفرزلي حول ضرورة وجود معارضة نيابية للحكومة وأن ورودها من خارج السياق العام للحديث عن حكومة جامعة تشكّل رسالة سورية عابرة للحدود ترغب باستبعاد القوات من الحكومة إضعافاً للمحور السيادي والتوازن الذي تشكله إلى جانب تيار المستقبل للحؤول دون تمرير طلبات سورية بإعادة العلاقات مع النظام إلى سابق عهدها.

الفرزلي استهل كلامه باستهداف القوات للإيحاء بأنه رجل سوريا الأول في لبنان على صعيد المؤسسات الرسمية واستكمالاً لإبعاد القوات عن أمانة سر المجلس النيابي على حين غرّة، لتنتقل محاولة الحصار في الحكومة السابقة إلى مستويات جديدة وأكثر حدّية بعد الفوز الكبير الذي حققه القوات في الانتخابات النيابية، الذي اعترف به الخصوم قبل الحلفاء، وفقاً لهؤلاء المراقبين.

هل تتكرر قصة "أُكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض"؟ تجيب أوساط سياسية إن "الزمن والظروف تغيّرا وعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، والكلام الذي صدر يدرك قائله قبل سواه استحالة تنفيذه. والأمر لا يعدو كونه تقديم أوراق اعتماد غير قابلة للصرف، مع الإشارة إلى أن النوايا غير صافية ومن دون إغفال ضرورة الاستعداد لمواجهة أي محاولة جدية في هذا الاتجاه.