أي حكومة ستولد السبت؟

Beirut

16°

Coming
Soon

عبدالله قمح

الجمعة 19 تشرين الأول 2018 - 0:00

على الأرجح ستحمل الحكومة العتيدة نفس التوازن الذي مثلته الحكومة السالفة

قال مرجع أن المعابر التي فتحت في سوريا والتي جهز فتحها في العراق، ادت الى فتح معابر بيروت

تؤكد معطيات أن فترة السماح الممنوحة لتشكيل الحكومة تنتهي مطلع الاسبوع القادم

عملية التشكيل تجري بسلاسة على قاعدة مفاوضات يديرها معنيون من خلف الظلال

التيار قبل ان تبقى الاشغال عند المردة بشرط عدم توزير يوسف فنيانوس

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

لا يشبه تكوين الحكومة العتيدة سوى العلكة. لقد تناولها السّياسيون ثم مضغوها ومضغوها. لقد مضغوها جيداً حتى تكسَّرت تحت أسنانهم وذهبَ شكلها ولونها وطعمها، ثُم وبعد أن "قرفت" مضغاً، رماها هؤلاء من أفواههم ثم بدأوا تفتيها أقساماً كي يصلحُ بناؤها بسهولة ووفقَ ما يشتهون. يصحُّ وصف الحُكومة بالعلكة!

السؤال الذي أرخى بثقله في طورِ سريان مفاعيل التأليف. لماذا تعمّدَ المعنيون تأخير التّشكيل مدة ٤ أشهر ونصف طالما ظهرَ أنّهم يستطيعون ذلك بـ ٦ أيام؟ ما معنى ذلك؟ هل معناهُ أنّهم يهوون سياسة اللّعب في الوقتِ الضائع أم لعبة إلتقاط الإشارات الخارجية، رغم تعمُّد تناولهم النّفي صباحاً ومساءاً؟ عموماً باتت الحُكومة في متناولِ اليد اللهم إلا إذا لم يدخلُ ابليس في التّفاصيل.. وابالسة السّياسة لهم كثر!

صدقت مهلة الـ ٤٨ ساعة هذه المرّة. وعلى أساس الثّالثة ثابتة بعد مرّتين مفخختين، سارَ قطار التّأليف. صُرفت ٢٤ وبقيت ٢٤ سيشهدُ أفولها على المولودِ الجديد، ما يقدّمُ لأن يكون الإعلان متوقعاً بين يومي الجمعة والسبت.

عملية التّشكيل إذاً تجري بسلاسة على قاعدةِ مفاوضات يُديرها معنيون من خلفِ الظِّلال. وفقَ متابعين للخطوط، يقومُ "الشغل" على قاعدةِ التّنازلات المدروسة. وعلى حدِّ قول أحدهم، أنّ فترة السّماح الممنوحة لتشكيلِ الحكومة تنتهي مطلع الأسبوع القادم، وعلى هذا الأساس يفسّرُ النّشاط السّريع للتشكيل في غضونِ الأيام المقبلة، مع حرصِ الرؤساء الثلاثة إقامة خطوط تواصل بينهم على مدارِ السّاعة.

وقد اندرجَ اللّقاء السّري بين رئيس الجمهورية والمُكلّف الذي حصلَ قبل يومين في قصرِ بعبدا تحت هذه الخانة. وعندما سُأِلت مصادر متابعة عن أسبابِ جعله سرّياً وليس علني، أفادت أنه كان بمثابة إخراجه للرئيس المُكلّف لعدم إحراجه بزيارة علنية ألزمَ نفسه أن يقدّم خلالها صيغة نهائية، وعلى هذه القاعدة استعيض عن العلنية بأخرى بعيدة عن الإعلام على أن تترك العلنية كخاتمة لمسار التأليف وتتوج بتقديم صيغة تستتبع بإصدار مراسيم، وهذا يتطابقُ مع ما ورد في "ليبانون ديبايت" يوم الثلاثاء حولَ أنّ الرّئيس الحريري سيزورُ الرئيس عون ويضعُ بعهدته صيغة على أن يستمهلُ دراستها لبعض الوقت.

أفصحت مصادر عاملة على خطِ التّأليف عن جملةِ أسرار أفضت إلى تقدُّم مسار التّشكيل تِباعاً وسط إشارتها إلى أنّ المفاوضات الجارية متبدلة وغير ثابتة تبعاً للمساعي النشطة ويصعبُ إستخراج المعلومات الأكيدة منها. وقدّرت أن تبقى الحقائب الخدماتية التي تجري حولها مفاوضات المربع الأخير قيد التبدُّل إلى حين زيارة الرّئيس المُكلّف إلى قصر بعبدا.

وفي تفسيرها لتسريع وتيرة الإيجابيات، ذكرت أنّ القوات اللبنانية شعرت بحال من الإرباكِ بعد الموقف الأخير لرئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النّائب السّابق وليد جنبلاط الذي تجاوبَ مع مسعى الرئيس عون المُرتبط بفكفكة العقدة الدرزية مفوضاً إيّاه الحل، وهو ما دفعَ بمعراب فور توفّر معلومات لديها حولَ إيجابيات إلى اللّحاق بقطار التسهيل من أجلِ تحصيل المكاسب أو المحافظة على ما تجمّعَ قدر الإمكان.

وقد وضعت القوات حصّتها على الطاولةِ من قبيل المفاوضة، مطالبةً بحقيبة العدل بدلاً عن وزارةِ الدّولة، علماً أنّ رئاسة الجمهورية ليست في واردِ التّخلي عنها على إعتبار أنها قد تنازلت لصالح معراب عن موقعٍ أساسي جداً بالنسبة لبعبدا هو نائب رئيس مجلس الوزراء. في المقابل، فتحَ جعجع باب المُقايضة طارحاً تلبية طلب الرئيس نبيه بري الحصول على حقيبةِ الشؤون الإجتماعيّة مقابل أن تنال معراب الزراعة التي يسعى خلفها جنبلاط، وقد وضعت الأوساط الطّرح في إطارِ المناورة وزكزكة زعيم المختارة.

وبرزَ إهتمام واضح لدى الرئيس المُكلّف عبّرَ عنهُ بإرسال تطمينات إلى شخصيات تواصلت معه ونقلت إنطباعاً عن أنّ التّشكيل "منتهي"، وهو ما قابله الوزير جبران باسيل بتطمينة علنية أُخرى على وزنِ التّبريك، بالإضافة إلى إيحاء روجت له مصادر التّيار وقامَ على إعطاء مهلة حتى الأحد القادم موعداً لولادة الحكومة.

وعلى نفسِ الخط نشطَ حزب الله صوب التيار الوطني الحر من قُبيلِ المساهمة في فكفكةِ العقد. وعلم "ليبانون ديبايت" أنّ اجتماع الوزير جبران باسيل والحاج وفيق صفا في قصرِ بسترس الأربعاء، خلُص إلى تراجع التّيار عن طلبِ حجب وزارة الأشغال عن المردة، لكنّه وضعَ فيتو على التّجديد للوزير يوسف فنيانوس، ما أعطى انطباعاً أنّ الخلاف بين باسيل وفنيانوس شخصي. وقد نقلَ صفا الصّورة إلى بنشعي رُغم تحفّظه على الطرح، وقد أجابت إنّ إستبدال فنيانوس خارج النقاش.

وعلى خطٍ ثانٍ، يبدو أنّ ثقافة المُقايضات ستكونُ خارج معادلة التّشكيل هذه المرة، بفعلِ إنصراف الجميع صوب الإلتزام بالحصص المطلوبة. وبعدما دارَ الحديث عن تبادُل بين المردة وحزب الله على الصّحةِ والأشغال، قطعَ الوزير محمد فنيش دابر الكلام بإعلانه أنّ الصِّحة حُسِمت لحزب الله.

وبالتوازي مع عمليةِ التّشكيل، دارَ حديث عن ترميمِ التّحالفات وحل الخلافات وتذليل التراكمات النّاتجة عن مرحلتي الإنتخابات والتّكليف والتّأليف، تمهيداً للشروع بالعمل الجاد والمضنى تحت مظلّة "سيدر". وقالَ مرجع لـ "ليبانون ديبايت" أنَّ المعابر التي فُتحت في سوريا والتي جهزَ فتحها في العراق، أدّت إلى فتح معابر بيروت مربوطة بغطاء دولي مساعد".

وعلى الأرجح، أنّ الحكومة الجَديدة ستحملُ نفس هويّة سلفتها، بمعنى أنّها ستمِّثل التوازن السياسي نفسه الذي مثلته حكومة ما قبلَ الإنتخابات، رُغم أنّ زمن التّشكيل الحالي حملَ معه تغييرات سياسية لم ترتق إلى مستوى أحداث تبدّل في التوازن. أمر طبيعي، بسبب أنّ الوضع الذي نشأ بعد إتفاق الدّوحة وقامَ على مبدأ توزّع السّيطرة على السلطاتِ بين محورين.

وفي التفّسير الدّقيق، هي حكومة الصفقة على أساس "لا غالب ولا مغلوب"، حُكومة مصغّرة عن مجلسِ النواب، أقرب إلى حكومة القوى الكبرى الفائزة في الإنتخابات لا حكومة الوحدة الوطنية، وهي نشأة نتاج مردود صفقاتي في المنطقةِ إمتد من العراق إلى لبنان.

انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا