ليبانون ديبايت - عبدالله قمح

يَمضي حزب الله في ترشيدِ نفقاته الداخليّة وعصرها كأحد عوامل المواجهة التي تَرتبَ عليه خوضها ضدَ رُزم العقوبات الأميركيّة، لا بل أنّ ثقافة المقاومة لدى الحزب دائماً ما تأخذُ من المِحن عُصارات تنفع في بناءِ هيكليّات المواجهة وتحويل الهجمات إلى مواضع استثمار.

قبلَ أسابيع قليلة نمى أثرٌ بالغ لدى البيئة المؤيّدة للمقاومة، نتحدث هنا عن غير بيئة حزب الله الخاصّة والحديث يدور عن بيئات أخرى من مذاهب وطوائف غير شيعيّة، بعد إعلان السيّد حسن نصرالله «التعبئة الماليّة» وعودة ثقافة «التبرّعات الماليّة» التي اشتُهرت بها تلك البيئات على مرّ زمن الإحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان على وجه الخصوص.

ليسَ سرّاً أنّ «هيئة دعم المقاومة الإسلاميّة»، جنت بعد هذا الإعلان أكثر من ٧ ملايين دولار أميركي وفقَ معلومات خاصّة بـ«ليبانون ديبايت»، أتت عبارة عن تبرّعات «كاش» وردت إليها من قبل متموّلين يؤيّدون المقاومة، وأشخاص عاديين من أبناء البيئة، ما كان له أثرٌ إيجابي في نفوس الهيئة، كما «السيّد» صاحب الإعلان.

حتّى أنّ هيئات في المجتمع المدني «الشيعي»، أي تلك القريبة من حزب الله، ناشطة في مجال دعم المقاومة ثقافيّاً واجتماعيّاً، بل إنّها بدأت الزود في مجال التبرّعات كنوعٍ من أنواع المواجهة، وقد امتازت الفترة التي أعقبت «إعلان نصرالله»، بالدعوة إلى أكثرِ من لقاء احتفالي تخلّله تقديم دعم مادي للمقاومة، وهذا كان يدوّن في الدعوات تلك.

ولعلَّ أكثر النماذج التي تدل إلى مدى تلبية «بيئة المقاومة» لنداءات أركانها، هي إعادة الاعتبار إلى «قجّة المقاومة» التي تمكّنت وعلى فترات طويلة من دخول البيوت كضيفٍ مميز وضعها في مصاف أفراد تلك العائلات.

وبالفعل، رصدت «آنتينات» هيئة دعم المقاومة، اهتماماً بالغاً بموضوع «القِجج» من خلال زيادة الطلب عليها، سواءٌ عبر المواطنين الراغبين في وضعها في قلبِ منازلهم، أو المؤسّسات التجاريّة التي عرضت وضع القجج في صالوناتها كنوعٍ من أنواع الدعم.

حتّى أنّ «طفرة الإهتمام بالقِجج» جرت معاينتها من حجم الأموال التي تدفّقت إلى خزائن «الهيئة» خلال الشهر الحالي، بحيثُ ترصد مؤشّرات هيئة الدعم ارتفاعاً ملحوظاً في حجم الأموال التي تُوضع في «القجج» ويتم إستخراجها منها بعد ذلك، والتي تبين الأرقام مقدار إرتفاعها مقارنةً مثلاً بالشهر الذي سبقَ دعوة نصرالله العلنيّة.

لقد مثّلت هذه الحالة دليلاً إضافيّاً على مدى تماهي بيئة المقاومة مع إحتياجات الجسم العسكري والتنظيمي، وعلى طرفِ نقيض، مثّلت هذه الحالة «نقزة» لدى الدّوائر الأميركيّة، تجلّت بالإهتمام البالغ الذي خصّصته السّفارة في عوكر، التي وبحسب تقاطع معلومات، وضعت «قِجج حزب الله» على درجةٍ عالية من الإهتمام، وهذا يشملُ الجهات التي تُساهم في رفدِ الدّعم من خلال الهيئة.

ويبدو أنّ السّفارة مهتمة بشكل بالغ في دراسة أشكال الدعم المالي الذي يتلقاهُ الحزب، سواء من خلال هيئة الدعم، أو جهات أخرى أو أشخاصاً وضعوا إمكاناتهم في سبيلِ تأمين إحتياجات المقاومة، وهو ما يجعلُ التحدّي بالنسبة إلى حزب الله مضاعفاً.