ليبانون ديبايت - روني ألفا

القاضي خميس. يقلّب أوراق الفضيحة بأصابع ورعة. ثلاثون ألف موظّف. قبل أو بعد صدور قانون وقف التوظيف لا يهم. المهم الفضيحة. هؤلاء أكلوا من صحن الدولة وشربوا من أكوابها وتنعموا بأموالها. ربما أيضاً كوفِئوا وقُلِّدوا أوسمة إستحقاق من رتبة موظَّف مثالي. ما عدا السّهو والغلط ثلاثون ألفاً.

هؤلاء رُصِدوا على قمة إفرست الفساد. المخفي أعظم. رادارات الإصلاح لم ترصده بعد. دفعة أولى ممن أُمكِنَ تعدادُهم في الإدارة العامة. في ملاكات الدولة. ثلاثون ألفاً. القاضي خميس سيقطع النفقة عن الدفعة الأولى منهم. تناهز خمسمئة موظف.

من وظّفَهُم؟ كَمْ يبلغ مجموع ما تقاضوه من رواتب ومخصصات من المال العام؟ من يعوّض على الخزينة هذه الأموال المهدورة؟ سيتمّ الإكتفاء بقطع النفقة؟ القاضي أدرى.

النيابة العامة لدى الديوان مشهود لها بالنزاهة. ديوان في مواجهة "دِيوَنجِيَّة". الغلبة في نهاية المطاف للديوان.

إنما نحن أمام أزمة إنسانية كبرى. هؤلاء ضحايا مُغَرَّر بهم. يجب ملاحقة مُشَغِّليهم. هناك يكمن الكنز المُدهِن. قطع النفقة عن الموظفين سيقطع كسرة الخبز عن عائلاتهم. يجب إيجاد برنامج إجتماعي عاجل يحمي هؤلاء. برنامج يكون على نفقة المشغِّلين بعد مصادرة أموالهم وبيوتهم وأملاكهم وبعد إيداعهم السجن.

فضيحة مدوّية رمي ثلاثين ألف عائلة على رصيف البطالة في وطن عاطل عن العمل. "طرزانيات" إصلاحية بتوقيع سياسي في أدغال الإدارة. لا بأس. سيضرب طرزان بقبضتيه على صدره. حنجرته ستكون أقوى من انتصاره. لا مشكلة.

القنابل الصوتية في لبنان والرصاص الخُلَّبي يثيرُ الجماهير أكثر من أي سلاح آخر. المهم. تسريح آلاف الموظفين سيفجّر لغم إجتماعي. سيكون مفعوله أخطر من الألغام ضد الأشخاص. يكفي أن تدوس عليها حتى تقطع لك طرفاً.

ندعو ديوان المحاسبة إلى التشهير بالوزراء. إلى زيادة شهرتهم. لا خاتمة لهم إلا وراء القضبان.

أمران قبل التسليم بأمرٍ بات مفعولاً: البحث عن الحماية السياسية للوزراء. من يحمي؟ من يغطّي؟ التشهير بالحماية أيضاً. عندها سنكون على موعد مع إصلاح باب أول. مع شهادة "آيزو". الأمر الثاني. ردع مقتنصي الفرص السياسية بقرار قضائي. ردعهم عن اجتراح بطولات شمشونية. يكاد بعضهم يرفع أطنان من الأوطان بخصلة واحدة من فروة رأسه.

لا يجب أن يستفيد من الإصلاح الحقيقي مروجو إعلانات سياسية مبوّبة. عيب والله.