Beirut
16°
|
Homepage
قانونياً.. السّلاح في متناولِ الجميع بشرط!
عبدالله قمح | الاربعاء 17 تموز 2019 - 0:00

ليبانون ديبايت - عبدالله قمح

قبل فترة، غاصت دوائر قضائية "عسكريّة" في مراجعات حملها مواطنون، اعترضوا على قرار أصدره مفوض الحُكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، يرمي إلى مصادرة تلقائية لجميع مماشط المسدسات والبنادق الحربية والعتاد العسكري بما فيها تلك التي تحوزُ على رخصِ حمل سلاح، مما دفع أحدهم إلى القول: "وما حاجتنا في قطع حديد!".

السّؤال مشروع، نابع من حالة موجودة يعاني منها سائر هوات حيازة السلاح، وهي عدم تمكنهم من توفير ما يحتاجونه بطريقة قانونية. ويتحتم عليهم دوماً اللّجوء إلى "السّوق السوداء" التي تُعد مصدراً لـ ٩٨% من قطع السّلاح المنتشرة في البلد.


من يردد تلك العبارة، يعلم عن ظهر قلب، أن مصادرة "المماشط" هي مشكلة في حد ذاتها، ويعني بذلك صعوبة الحصول على بديلٍ متوفر للبيع في "السّوق السوداء" مما يجعل هذه الأسلحة عملياً غير صالحة للإستعمال؛ وإن تسنّى الحصول على ممشط، فإن سعرها أحياناً يبلغ ربع قيمة القطعة!

المشكلة تكمنُ في طريقةِ قوننة حيازة السّلاح في لبنان التي تخضع في أغلب الحالات إلى استنسابية واضحة. أبوه "أبو زيد" من يستطيع الحصول "مجاناً" على رخصة حيازة. مقولة رائجة لدى مجتمع "هواة الأسلحة". والمستفيدون من هذه الوضعية حكماً هم من أصحاب المعارف أو من ولدوا وفي أفواههم "ملعقة من ذهب".

ليس سراً أن قسماً من أعضاء هذا النادي دفعوا في مراحل مبالغ إلى "سماسرة" لقاء الحصول على رخصة حيازة "غير مضمونة" اعادة تجديدها مرّة أخرى، ما دام انها محكومة دائماً بالأوضاع السياسية في بلد يعيش فوق صفيح سياسي - أمني متقلّب. ما يعني ان السلاح الذي ابتاع اصلاً من مصدر غير شرعية، سيتحوّل لاحقاً إلى سلاح غير شرعي!

والمفارقة، ان الأسلحة غير الشرعية الآتية من مصادر سوق غير شرعي، تستقطب أموالاً شرعية بالكامل وتحيا على خيراتها! فسوق الأسلحة "الأسود"، وبحسب الأرقام، يدر ملايين الدولارات على أصحابه سنوياً، ما يخولهم الانضمام إلى "الطبقة المخملية" والحصول على بطاقة انتساب تمنح لحاملها عضوية كاملة!

المشكلة الأكبر، أن كُلّ ذلك يحدث تحت أعين أرباب الدولة وكبار رجالاتها، الذين يتعاطون مع مسألة قوننة حيازة السلاح من بوابة مصلحتهم وما توفره من أبواب تقديم خدمات إلى الازلام والمحاسيب، فيصبح منح "رخصة السلاح" خاضعٌ لإستنسابية غير ثابتة، تتحرك بحسب أهواء النافذ.. من هُنا وجد البعض أن هذه المسألة تعيد طرح ضرورة العمل برخص حمل وحيازة السلاح "البيومترية" المشابهة إلى حدٍ ما برخص السّوق الصادرة عن إدارة السير، ما يعني قوننة هذا القطاع على نحوٍ ينظمه ويضبطه.

أمّا الفكرة المتداولة، فتقوم على تقسيمِ الرخص "البيومترية" إلى جزئين: جزء خاص بالحيازة، ويستفيد منه أصحاب المصالح الذين هم بحاجة إلى توفير حماية ذاتية لانفسهم مثلاً، وهذا يشمل اعمال الصيرفة وتجارة المجوهرات، ومثل هكذا رخصة لا تتيح حمل السّلاح خارج مكان العمل؛ ونوع آخر يتيح لحامله "الحيازة والحمل وحق الإستخدام"، كحمل السلاح بطريقة غير ظاهرة، وإستخدامه في ميادين رماية قانونية تُعطى حقوق إنشائها وتشغيلها إلى المؤسسة العسكرية حصراً، على أن يكون الإشتراك فيها من ضمن بدل مادي ولفترة محدودة.

لا يُعد لبنان استثنائياً في مجالِ قوننة من هذا النوع. ثلّة من الدُّول الغربية سبقته في هذا المجال بأشواط. في الولايات المتحدة مثلاً تُباع قطع السلاح على إختلافها في متاجر تخضع للقوات المسلحة، تمنح الشاري القطعة مع رخصة حيازة وإستخدام تتضمن كافة المعلومات حوله. والمصادفة أن الحال في الولايات المتحدة كلبنان تماماً. أي أن ظاهرة حيازة السّلاح غير قابلة للإستئصال، لكنهم تعاملوا معها كأمر واقع يحتاج إلى تنظيم، وهذا ما نفتقدهُ نحن.

واصلاً السّلاح في لبنان منتشر بخلاف القوانين، أنه راسخ في أذهان القبائل اللّبنانية التي تعتبرُ أن "السّلاح زينة الرجال"، وللحقيقة، فإن مجتمع رجال القانون هنا، يجد صعوبةً في إنهاء هذه "الآفة"، وما دام الأمر كذلك، لما لا يصار إلى قوننة هذه الظاهرة وإرساء قواعد وضوابط تكفلها كسائر البلدان؟

الفكرة نابعة من منحِ الجيش حق منح الرخص "البيومترية" لقاء بدل مالي يدفع لصالحه، إلى جانب إعطائه حق شراء وبيع السّلاح وإعادة بيعه للراغبين من خلال مراكز رئيسية تفتتح في الأقضية وتخضع لسلطته، ولا يتم البيع إلا بإتباع قائمة شروط، كحصول الطالب على شهادة صحية وأخرى قضائية، ثم تدون المعلومات عنه في "ملف بيومتري" يتضمن بصمته وبصمة السّلاح وكافة المعلومات الشخصية.

كذلك تمنحُ هذه المراكز حق شراء السّلاح من السّوق في حالِ أراد من يحمله بيعه أو تبديله، وعلى هذا النحو تصبح حقوق إدارة هذا القطاع من صلاحية المؤسسة العسكرية حصراً، التي تصبح على إطّلاعٍ كامل بكافة تفاصيل حركة القطع الموجودة ومن يحملها، ما يؤسس إلى أمن إجتماعي بنسبة ما، خلافاً للوضع السّائد اليوم.

وإلى هذا الجانب، كذلك تؤسس هذه الحالة، إلى ضبط حيازة السّلاح على نحوٍ قد يؤسس إلى نمو رادع قوي لدى حامله في إستخدامه لدوافع جرمية، بحيث يمكنُ للمعلومات المقدمة أن تمثل رادعاً قوياً ضد الإستخدام الجرمي. ومن المعلوم أن غالبية السّلاح الذي استخدمَ في لبنان بجرائم قتل، هو سلاح غير مرخص!

إلى جانبِ ذلك، يتيحُ إعتماد هذا المشروع، مصادر مالية صافية تذهب إلى الموازنة والجيش، فلا تعود الدّولة مثلاً "مجبورة" على تأمينِ تمويلٍ لصالح المؤسسة من جيوب المواطنين عبر رفع الضرائب في مشاريع الموازنات. كذلك لا يُعَد متاحاً اللجوء إلى شراءِ السّلاح من السوق السوداء بمبالغ مضاعفة يستفيد منها التاجر، بل يصبح في مقدور من يرغب شراء السّلاح من مصدر قانوني وبسعر أقل.

ثم أن إعتماد هذه الطريقة في البيع ومنح رخص "بيومترية"، يؤسس إلى تسهيلات قضائية وأمنية في حال إستخدام السّلاح من قبل حامله في وجهة غير شرعية، فيتسنى ساعة إذاً تحديد المستخدم من بصمة سلاحه!

لكن طبعاً العبور بإتجاه هذا القانون، يلزمهُ تشريعات وقبلها "نيّات" في الإنتقالِ من قانون دولة "المزرعة" التي تبيح كل المحظورات في سبيلِ السّياسية، إلى دولة تعيدُ الإعتبار إلى نفسها.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
منصوري يكشف سبب تأخر المصارف بتطبيق القانون 166 9 بعد الإعتداء على محامية وتحرُّك القضاء... إليكم ما فعله الزوج! (فيديو) 5 بعد تغريدة أشعلت المملكة السعودية... وهاب "مُحاصر" بالشائعات! 1
كمينٌ مُركّب لحزب الله... إسرائيل تستخدم ساتر دخاني لسحب الخسائر! 10 إنخفاضٌ في أسعار المحروقات! 6 بلبلة في صفوف قوة الـرضوان والسيّد يتدخل شخصيًا... يا ويلكن ويا سواد ليلكن! 2
إهتمام قطري بآل الحريري 11 "إلغاء تعميم الـ 20 مليون ليرة"... بيان من "الضمان" 7 الساعات القادمة حاسمة... تحرّكات "مفاجئة" تلوح في الأفق! 3
جلسة التمديد تفضح علاقة باسيل بأعضاء كتلته… نائب يتحول إلى ساعي بريد 12 الحلبي يعدّل عطلة عيد الفصح الأرثوذكسي 8 إلى القوات وحلفائها… حان وقت الإستقالة 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر