Beirut
16°
|
Homepage
"بلفة" تُحضّر للمتظاهرين في الشارع
عبدالله قمح | الاربعاء 23 تشرين الأول 2019 - 2:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

لغايةِ الأمسِ، كانت السلطة السياسيّة ما تزال تُراهن على إمكانية تسويق ورقتها الإصلاحيّة الإقتصادية على الجماهير المُحتشدة في الساحات، على إعتبارِ أنّ هذه الورقة فريدةٌ من نوعِها ولا نظير لها منذ قرابة 30 عامًا. لكن "فريدة" إسم عتيق لمولودٍ حديث تأخرَ كثيرًا، شيء مستحيل أن تدركهُ طبقة متوسط أعمار أعضائها "60 وطلوع"!

الورقة موضع الحديثِ وعلى ذمّةٍ من يعنيهم الأمر، عبارة عن مزيجٍ من "البلف والإصلاح". كلّه تقريبًا موضوعٌ تحت خانة "مؤجل" بينما مطالب الناس في الشارع تدور جميعها وفق منطلق "معجل". وعلى هذا الأساس، ولو أنّ الورقة فيها من الشيءِ الجيد مقدارًا، لكنها لا تفي بغرضِ من هم في الشارعِ ويطرحون ما هو أبعدُ من إصلاحٍ وحكومةٍ!


وبينما هم كذلك، كانت الأصوات تصدح في الساحات بضرورة رحيل الحكومة ورموزها. وتحت هذا الواقع أدركَ من هم "فوق" أنّ ورقتهم "ساقطة" لا محال، لذا لا بد من اللجوء إلى عملية "تكحيل" للمتظاهرين، "خطة كمّاشة" في مثل هذه الأوقات مفيدة، فوقع الخيار على نظريّة "إبلفوهم علّ البلف يأتي نفعًا".

بالنسبة إلى الشارع، الحلّ بسيط، إستقالة الحكومة، نموذج تبناه بعض أفراد الطبقة، لكنهم سرعان ما تجاوزوه، طبعًا، الضرورات المسجلة تحت إسم المكتسبات والحفاظ على "التوازنات" هي أقوى من كلّ الأشياء في بلدِ الطوائف.

بالنسبة إلى هذا الجزء، كانت الفكرة الاولية تأتي على شكلِ الذهاب نحو استقالةٍ من الحكومة والمضي قدمًا في نهجِ إستبدالها بواحدة أخرى، رشيدة وجديدة. الواقعيّة السياسيّة فضلاً عن الشركاءِ، اظهرت لهم أنّ عملاً من هذا النوع ليس سهلاً تحقيقه.

الجانب السياسي المتشائم وجدَ بواقعيته السياسيّة، أنّ أمرًا من هذا القبيل قد يطول تحقيقه، وفي إطالة في مثل هذه الظروف خطرًا على البلاد فمن يضمن أن تتشكل حكومة اصلاً وقد كلف تشكيل الحالية 9 شهور؟ بل أنّ هذا الجانب مضى إلى أكثر من ذلك حين توقع أنّ تشكيل حكومة جديدة أمر ليس مضمونًا حصوله في فترة قصيرة أو ليس متوقعًا أن يحصل في ما تبقى من عهد الرئيس ميشال عون، ما معناه أنّ الفوضى هي البديل الشرعي للحكومة.

وقدرُ وضعِ هذا الجانب بين يدي المعنيين سيناريو فوضى محتّم في حال وضع الحكومة تحت الاستقالة. لذا يقال أنّ طرفًا إشتراكيًّا أجبر على التراجع عن موقفٍ كان عازم على تقديمه.

وفي الكلام، أنّ إستقالة وزراء "القوات" مثلَ مخرجًا، بحيث أنّ بعض من في الحكومة ارادَ الاستثمار فيه، إن لناحية إختبار موقف الشارع حياله، وتبين لاحقًا، أنها مرّت مرور الكرام، وإن من خلال ترك القواتيين يخرجون، وفي خروجهم إراحة للبعض من وجع الرأس!

المهم أنّ الاستقالة لم تؤتِ نفعًا، فكان لا من بد من خيارٍ ثانٍ.

وعلى طريقة حكِّ الرأس، جلس المنظرون الموظفون في جلباب السلطة يبحثون عن طريقة لإسرار الناس، أو بالحد الأدنى إلحاق الشرخ بينهم، كون الخطابات أكدت وجود إختلافات جوهرية في الخطابات السياسية بين ساحة وأخرى، وعلى طريقة وجدتها، خرجَ هؤلاء بفكرةٍ تقول بـ"إجراءِ تعديلٍ حكوميٍّ" وسِمَ تحت صفة "مُعجّل مكرّر"، ثم مرّر إلى بعض وسائل الإعلام التي أخذت ترفعه على أنه العلاج الشافي.

في الحقيقة، فإن علاجًا من هذا النوع، هو فكرةٌ أقرب إلى "بلفة" منها إلى حلٍّ! "بلفة" للمتظاهرين وأكثر، يعني كذبة كبيرة يراد رميها على المياه غير الراكدة، على أساس أنّ التغيير الحكومي الموعود "سيشيل الزير من البير"، بينما المطلوب شعبيًّا تغيير ليس فقط على مستوى التفكير والنهج السياسي المعتمد لدى الطبقة، بل تغيير على صعيد شكلها والنظام الذي تحكم على أساسه.

اذًا، فالموضوع يتجاوز مسألة التغيير الحكومي بالنسبة إلى العامة، ويذهب أكثر إلى حدودِ التغيير في النظام، شيء تعتبره نوادٍ في الطبقة الرفيعة على أنه مستحيل ومحرم ويصعب تحقيقه. أصلاً حرام التفكير فيه.

أصحاب هذا المذهب، يقولون بصوابية المنحى المقترح، الذي في تقديرهم يستطيع بالحد الادنى شق صف المنتفضين في الساحات، بخاصّةٍ إن اختيرَ على قائمةِ التغيير وزراء من الذين يثيرون حساسيّة فائقة للشارع يمكن أن تكون بمثابة جائزة ترضية بالنسبة الى البعض.

في المعلومات، أنّ لائحة الاقتراحات شملت إدخال تغييرات على وزيرين من التيّار الوطني الحر أحدهما الوزير جبران باسيل. وتشمل الاقتراحات إدخال تغيير في حصة رئيس الجمهورية ايضًا، بالاضافة إلى وزيري تيّار المستقبل محمد شقير، المسؤول التنفيذي عن الأزمة الراهنة، وصديقه جمال الجراح الضالع في إستفزاز المنتفضين.

كذلك، تشمل اللائحة تعيين وزراء جدد بدل الوزراء القواتيين المستقيلين بعد قبول استقالاتهم طبعًا، والهدف هو "اغراء" رئيس الجمهورية بمنصبَيْن من بين 4 بالحد الادنى. والورقة المسرَّبة، لا تستثني الحزب التقدمي الاشتراكي، بحيث يصار إلى تغيير الوزير أكرم شهيب، فيما لم يظهر وجود تغييرات مقترحة تطاول الحصّة الشيعية.

لكن ما يُكشف من معلومات، يؤكد رفض هذه الصيغ لشمولها أسماء وزراء يعدون بالنسبة إلى مرجعياتهم ضرورات سياسية ليس في الوارد التخلي عنها!.

ما يصح وصفه على السلطة عندنا أنها شاطرة بـ"البلف"، وقضية "البلف" هي عبارة عن حقوق حصرية تمتلكها هذه الطبقة المشهود لها بأعمال من هذا النوع.

ليست المرة الأولى التي يجري فيها إقحام هذه "البلفة" في سوق المهاترات السياسي. في آخر مرة طرح الأمر على بساط البحث أتى على شكل عملية "تجميل" قيل إنها ضرورية من أجل زيادة قدرات الحكومة، كان ذلك إبان الحكومة الاولى في التسوية. الآن يطرح شيء مشابه له تحت حجج واسباب مشابهة ايضًا، لكن الغايات ليست مشابهة أبدًا، بل تعود إلى نية في ممارسة خداع موصوف على المنتفضين في ساحات لبنان.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
عن الشهيد "حيدر"... حزب الله ينشر فيديو بِعنوان "يستبشرون" 9 إلى القوات وحلفائها… حان وقت الإستقالة 5 "الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 1
بالفيديو: محامية تتعرّض للضرب على يد زوج موكلتها 10 200 ألف مقاتل سوري يهددون لبنان.. ناجي حايك يتحدث عن "أمر كبير" طُلِب من الحزب! 6 "المخابرات السورية تتواقح في لبنان"... إيلي محفوض يكشف عن مؤامرة خبيثة تُحضر! 2
"حزب الله" يكشف حقيقة مقتل نصف قادته في الجنوب 11 مع ارتفاع درجة الحرارة... نمر يوضح امكانية "حدوث هزّات أرضية"! 7 نائب يودّع العزوبية بعد أسابيع! 3
أحزمة نار وتدمير بلدات... تطور جهنمي في الجنوب اللبناني! 12 "نساء المخابرات" الى الواجهة بين ايران واسرائيل: خداع جنسي وفتاوى تبيح "تسليم الجسد"! 8 "بسحر ساحر تتصل غادة عون"... اليسا تستنكر: "هيدي بأي بلد بتصير"! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر