Beirut
16°
|
Homepage
لا مهلة سماح من الحريري لحكومة دياب
ملاك عقيل | المصدر: ليبانون ديبايت | الخميس 26 كانون الأول 2019 - 3:00

"ليبانون ديبايت" - ملاك عقيل

عَكَس السجال الرئاسي الأوّل من نوعهِ منذ استقالة الرئيس سعد الحريري واقع أنّ مشروعَ تأليف الحكومة لا تزال تعترضه عقبات عدّة يمكن اختصارها بمسألتَيْن أساسيَّتَيْن:

الاولى، عدم تجاوز مشهدِ التكليفِ بعد. حيث أنّه خلال الفترة الماضية، طغى الغموض على الموقفِ الفعلي للحريري من تكليفِ حسّان دياب أوحى حتى بوجودِ قبّةِ باطٍ من جانب بيت الوسط، إذ وجدَ الاخيرُ نفسه معنيًّا بالتوضيحِ من خلال ترسيمِ الحدودِ مع الرئيسِ المُكلَّف ومع من كلَّفَه، وتوضيح الاسباب الحقيقيّة التي دفعته مُرغَمًا الى تركِ الحلبةِ الحكوميّة "لاني لم أجد من يمضي معي في انقاذِ البلدِ ولم أُقابَل بتعاونٍ"، مُشددًا، على المُعطَى الميثاقي الذي افتقدَه في تغطيتهِ مسيحيًّا الذي تمّ تجاوزه مع دياب من خلال الاكثرية المُهتَزّة التي مُنِحَت له. والأهمّ، هدم الجسور كلّها مع رئيس الجمهورية ميشال عون والوزير جبران باسيل.


والثانية، تتمثّل في بروز تناقضٍ واضحٍ بين الرئيسَيْن ميشال عون ونبيه بري في شأن شكل الحكومة بعدما غيَّرَ "الجنرال" رأيه من حكومةٍ تكنو سياسيّة أعلن انحيازه لها مباشرة على الهواء حين كان سعد الحريري لا يزال مرشح المرحلة، الى حكومة اختصاصيين، كانت اصلًا الخيار الاول والاوحد للحريري، وطرحَ عون وقتها سؤالًا بشأنها "من وين منجيب وزراءها... من القمر؟".

وقد أتى هذا الموقف الرئاسي في أعقاب توجّهٍ واضحٍ في عين التينة لتزكية خيار الوزراء الحزبيين في الحكومة العتيدة (وليس فقط السياسيين)، ذاهبًا الى حدِّ الجزم بمشاركة الفريق الشيعي بشكلٍ واضحٍ في الحكومة حتى لو شهدت مقاطعة من تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية. بدا بري كمَن يقول، "لم نُصعِّب المهمة على سعد الحريري ونُثقِله بالشروطِ كي نعود اليوم ونسهِّل لحسّان دياب حتى إلغاء الذات"، فيما بدا عون كمن أصرَّ على حكومةٍ مُطعَّمة بسياسيين بوجود الحريري وخالية منهم برئاسة دياب.

لم يكن صعبًا الاستنتاج، بأنّ جُملةَ الرسائل "الميلادية" التي وجَّهَها الحريري قد استهدَفت الرئيس عون وباسيل في مقابل تحييدٍ تامٍّ للفريقِ الشيعيِّ.

وحين سمَّى بالاسم الرئيس نبيه بري، توخى ردّ التهمة الموجّهة اليه بـ "اللعبِ بالنارِ"، بتذكير من يعنيهم الأمر، أنّه أطفأ النار وكلّفه ذلك ربما إحراق نفسه حين قَبِلَ بالتسوية الرئاسية التي أفقدته حلفاء الخارج والداخل، وما لم يقله، أنّه يدفع اليوم ربما ثمن هذا الخيار الكبير بسيره بمرشحٍ سُمِّيَ من قبل غيره ودفاعه عن التسوية طوال الأعوام الماضية!

وبالمقارنة مع مشهدِ الاستغناءِ عن خدماتِ سعد الحريري الذي سبق له أن تبنّى ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية سيكون سهلًا على الحريريين استرجاع مرحلة تسمية الحريري لرئيس تيار المرده والتي قابلها منظومة عونية هجومية حشرت الحريري في زاويةِ صعوبة التعامي عن حقيقة من يمثل الاكثرية في الشارع المسيحي، وأنّ الميثاقية تُحدِّدها الاحجام ولا أحد يستطيع الاطاحة بها، فيما وثيقة بكركي عام 2014 تغنّت في سطورها بالميثاقية وضرورة العودة دائمًا الى جوهر الميثاق، "فيما نظرها متّجِه الى عام 2020"، كما وردَ في المذكرة يومها.

هي بكركي نفسها، برأي الحريريين، التي احتضنت القادة الموارنة الأربعة وأمَنَّت بطاقة رئاسة الجمهورية "الكنسيّة" لأي واحدٍ منهم تتوفر له أكثر ظروف الوصول الى قصر بعبدا. لكن العونيين يومها لم يقرأوا في الورقة سوى إسم ميشال عون "الاكثر تمثيلًا".

ويأتي في السياق نفسه، موقف البطريرك مار بشاره بطرس الراعي في شباط 2014 وبعد عشرة أشهر على تكليفِ تمام سلام رفضه قيام حكومة بمن حضر، مطالبًا بحكومة جامعة لا تقصي أحدًا، أما في مقلب قوى الثامن من آذار، فصدر تهديدٌ واضحٌ بإسقاطِ حكومة الأمر الواقع ومنعها من العمل في حال خروج التيار الوطني الحر وحركة أمل وحزب الله وتيار المرده منها!

عمليًا، لقاءٌ يتيمٌ واحدٌ جَمَعَ الحريري مع دياب في بيت الوسط بعد سقوطِ إسم سمير الخطيب، وكان الوزير السّابق من ضمن الاسماء التي رأى الحريري أنّها مناسبة كي تكون ضمن فريق عمله الوزاري.

أما خلال الاستشارات، فلم يصدر عن الحريري ما يوحي بوجودِ غطاءٍ من بيت الوسط للتكليف، إذ لا يزال يرفض المشاركة في الحكومة المقبلة واقتراح وزراءٍ، وهو يمهّدُ لقرار حجبِ الثقة عنها وصولًا الى إعلان المعارضة السياسيّة الشاملة من دون إعطائها حتى مهلة سماح.

وربما ركائز الخطاب المعارض، دشّنه الحريري في سلسلة مواقفه الاخيرة من خلال مواجهة تهمة إلصاق موبقات السلطة كلّها والنظام السياسي الطائفي الانتفاعي بمرحلة الحريرية السياسيّة منذ 1992، إذ يشير قريبون من الحريري، الى أنّ "فترة الثلاثين عامًا شهدت مشاركة مباشرة للتيار الوطني الحر بالسلطة التشريعية منذ 2005 والسلطة التنفيذية منذ 2008، كما أنّ الحريرية السياسيّة لم تظفر بكلّ حكومات ما بعد الطائف ولم تكن مُطلَقَة اليدَيْن ومرحلة أميل لحود نموذجًا، وحتى في عهد ميشال سليمان، فيما المكوّن الوحيد الذي شارك في الحكومات كلّها منذ 1992 حتى اليوم هي حركة أمل فقط".

ويبدو أنّ الحريري الذي سيغيب عن الساحة السياسيّة لفترةٍ قصيرةٍ جدًا بسبب الاعياد سيعود ليُدشِّن مرحلة جديدة من مساره السياسي لكن من خارج الحكم بعدما كلّفه الانخراط في اللعبة الداخلية سقوط حكومته مرّتَيْن (وإن استقال بإرادته في الثانية) وما بينهما محنة الرياض وخسارة جزءٍ كبيرٍ من رصيده السياسي ونكسة مالية كبيرة وديون ترتبت على مؤسساته وخسارة منابره الاعلامية.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
عن الشهيد "حيدر"... حزب الله ينشر فيديو بِعنوان "يستبشرون" 9 إلى القوات وحلفائها… حان وقت الإستقالة 5 "الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 1
بالفيديو: محامية تتعرّض للضرب على يد زوج موكلتها 10 200 ألف مقاتل سوري يهددون لبنان.. ناجي حايك يتحدث عن "أمر كبير" طُلِب من الحزب! 6 "المخابرات السورية تتواقح في لبنان"... إيلي محفوض يكشف عن مؤامرة خبيثة تُحضر! 2
"حزب الله" يكشف حقيقة مقتل نصف قادته في الجنوب 11 مع ارتفاع درجة الحرارة... نمر يوضح امكانية "حدوث هزّات أرضية"! 7 نائب يودّع العزوبية بعد أسابيع! 3
أحزمة نار وتدمير بلدات... تطور جهنمي في الجنوب اللبناني! 12 "نساء المخابرات" الى الواجهة بين ايران واسرائيل: خداع جنسي وفتاوى تبيح "تسليم الجسد"! 8 "بسحر ساحر تتصل غادة عون"... اليسا تستنكر: "هيدي بأي بلد بتصير"! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر