"ليبانون ديبايت"

يجمِع الكثير من المراقبين، أنّ حملَ تيار المستقبل لواء الميثاقية في هجومهِ على تكليفِ رئيسِ حكومةٍ جديدٍ غير مُمثَّل في الشارعِ السنّي خطأ إستراتيجيٌّ، ولا يمكن، لِما إستطاعَ التيار الوطني الحرّ النجاحَ به لكونه أكبر مكوّن سياسي مسيحي أن ينجحَ به التيار السُني الأول وذلك لأسبابٍ عدّة.

مصادرٌ متعاطفةٌ مع بيت الوسط، تشيرُ، الى أنّ سياسةَ "الوطني الحر" لن تكون مفيدة على المدى الطويل، إذ إنّ ما قام به "التيّار" بإسم الميثاقية المسيحية، سيُمكِّن الطوائف الأخرى من إعتماده ضدّه في كلّ فرصة متاحة، وهذا ما ظهرت إحدى تجلّياته مع رفضِ الرئيس سعد الحريري التوقيع على ترقيات الضباط نظرًا لغيابِ التوازن بين المسلمين والمسيحيين، وذلك ردًا على عدم توقيعِ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مراسيم تعيين مجلس الخدمة المدنية.

وترى، أنّه ما يصحّ، ولو ظرفيًا، على الواقعِ المسيحي، لا يصحّ على ذاك السُني، إذ إنّ الطائفة السُنية أكبر طائفة في لبنان ولا يمكن لها أن تتعاطى بمنطقِ غير القادر أو العاجز عن فرضِ الواقعِ السياسي الذي تريد، لذلك فإنّ العنوان "السياسي" البحت الذي يحمله تيار المستقبل قد يفيده هو كقوّةٍ سياسيّةٍ لكنه سيُضرّ في المقابل بالواقعِ السياسي للطائفة السُنية عمومًا.

وتشير المصادر، إلى أنّ "السُنة كطائفة ليسوا أقليّة لا في لبنان، ولا في الإقليم، بل هم يشكّلون أكثرية كبرى، لها إمتدادها السياسي والإستراتيجي، ولها عوامل قوّة خاصّة بها، كما وتملك هامش مناورة كبير في لبنان من خلال تجذّرها في الدولة العميقة (في الإدارة، والمؤسسات، والنظام المالي كما الإقتصادي) ولا يمكن إضعافها من خلال رفعِ عناوين تعكس تراجع قوّتها السياسيّة".

وتعتبر، أنّه لا يمكن إختزال السُنة، أو السُنية السياسية، بـ"المستقبل"، حيث أنّ خسارة النقاط التي تعرَّض لها هذا "التيّار"، لا يجب أن تؤدي إلى إغلاق البيوت السياسيّة والحَراكِ السياسي داخل الطائفة السُنية، لأن ذلك كفيلٌ بإضعافها فعلًا لا قولًا.

وتؤكد المصادر، أنّ "الطائفة السُنية نظرًا لتكافلها الحالي بين المؤسسة الدينية، والقوى السياسية الأساسية، يمكنها عرقلة وصول دياب إلى رئاسة الحكومة، عبر إستعمال أدواتها في الإدارة والمؤسسة الدينية والإعلام، والنواب وغيرهم".

وتقول، "في التجربة المسيحية ونعني بذلك الوطني الحرّ، لم يكن المسيحيون يملكون أي قدرةٍ في الدولة العميقة، ونفوذهم داخل الإدارة كان محدودًا، وقواهم السياسية محصورة بين التيّار وحزب القوات اللبنانية لذلك كان السعي إلى جعل الأهداف السياسية هي ذاتها حقوق الطائفة بهدفِ تحقيق مكاسبٍ في السياسة".

وتضيف، "أما لدى الطائفة السُنية فإنّ هذا الربط بين المصلحة السياسيّة لحزبٍ أو تيّارٍ وحقوق الطائفة يضرّ بهذه الأخيرة ونفوذها السياسي ومفعول قرارها، كما يؤدي إلى تهميشِ القوى السياسيّة الأخرى والتي تبدو فاعلة ولو مناطقيًا، من عبد الرحيم مراد في البقاع الغربي إلى فؤاد مخزومي في بيروت، وصولاً إلى نجيب ميقاتي في الشمال عمومًا وطرابلس تحديدًا.. وغيرها من القوى التي تستطيع تمثيل السُنة فعليًا".

وترى المصادر، أنّ "تهميشَ هذه القوى كلّها هو الذي يُسقِط تمثيل دياب، في حين أنّ شعارَ الميثاقية الذي يحمله تيار المستقبل حصرًا يؤدي إلى ضرب معنويّات العامّة داخل الشارعِ السُني، ويهمِّش دور الطائفة، ويضرب القوى السياسيّة الحليفة وغير الحليفة للمستقبل ويقرن تراجع الأخير بتراجعٍ سُني غير مُبَرَّرٍ".