Beirut
16°
|
Homepage
مَشروعٌ لـ"تَهجير الشّيعة" مِن خَلدة؟
عبدالله قمح | السبت 29 آب 2020 - 3:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

مشروع أحمد الأسير الذي ووريَ الثرى على يد الجيش اللبناني في عبرا صيف عام ٢٠١٣ ينبعث من جديد.. هذه المرّة تصاعدَ "الدخان الأسود" من خلدة، فسائق التاكسي "المعتزل" عُمر غصن، الذي يتزعّم "شبه إمارة إسلامية" عند المدخل الجنوبي لبيروت، يريد تطهير "منطقة خلدة من دنس الشيعة" متزعماً مجموعة عسكرية ذات تمويل سياسي معروف الحسب والنسب وميول مذهبية ساطعة تنتسب إلى السلفية الجهادية بمجملها، تتّخذ من "عشائر العرب في خلدة" غطاءً "غير شرعي" لها.

"عرب خلدة" الواقعون تحت الصدمة من هول ما حصل، رأي غالبيتهم من رأي معظم السكان، "إسم العشيرة من غير المسموح لأي كان أن يستغله، تحت أي ظرف، وعرب خلدة المتجذرون في المنطقة منذ أعوام طويلة، قيمة الجيرة بالنسبة إليهم فوق أي إعتبار... وكفى المؤمنين شرّ القتال".


لكن ما جرى عصر الخميس، يدفعهم كما يدفع غيرهم من المواطنين إلى الحذر، لا سيما مع صدور بيانات موقّعة بإسم العشائر، تعدها أوساط عشائرية "مدسوسة في المقام الأول وغايتها التفرقة وبث الأحداث، وفي المقام الثاني لا صفة اعتبارية لها".

هكذا وفي طرفة عين، يريد "شيخ مزعوم" مسكون بهاجس الشهرة واستنساخ التجارب الإسلامية في المحيط وجرّ منطقة بأسرها، بما فيها من عشائر وفعاليات، إلى "مشروع فتنوي" يهدف إلى إخراج الشيعة من المنطقة، أو بالحد الأدنى، إجبارهم على الخضوع لوصايته، حيث لا كلام يعلو فوق أحكام شريعته.

في وقائع الاشكال الذي امتد ليتحوّل إلى معركة في خلدة، يتبين وفق معظم الروايات الامنية أنه كناية عن خليط بين أحقاد شخصية ومذهبية واعتراضات سياسية وأهلية، تقطرت بفعل تراكمات عمرها سنين لتصل حافة الانفجار، وما أسهم في ذلك غياب المعالجات الامنية الجذرية. وشاء القدر، ان يرتبط الخلاف في إطار شخصي بطليه شخصين محسوبين على طرفين متناقضين: السيد علي شبلي ميسور الحال، رافض الخضوع لـ"قوانين الشيخ"، والشيخ عمر غصن الذي بات ينظر إلى غريمه على أنه "آلة دعاية إعلامية تخدم حزب الله".

جديد القصة التي نقلت الخلاف من مستوى الاحتقان إلى فوهة الانفجار، ما حصل عند بداية شهر محرم (عاشوراء) يوم الخميس الماضي، إذ رفعَ شبلي يافطة عاشورائية دوّنَ عليها عبارة "هيهات منّا الذلة" رغم أن إجماع الاحزاب في المنطقة إمتثلَ إلى وجهة نظر بلدية الشويفات القائلة بمنع تعليق اللافتات الحزبية والدينية منعاً لاثارة الحساسية. حجة شبلي، أنه يرفع اليافطة على مبنى يعود له وعلى "بانو" شرعي يمتلكه بموجب ترخيص صادر عن الوزارة المعنية بغرض نشر الاعلانات. تصرف لم ينل إعجاب غصن الذي توجّهَ على رأس مجموعة وبشكل مباغت نحو مكان نصب اللافتة عند مدخل "السنتر" مبادراً الى تمزيقها بذريعة أنها مستفزة. وينقل شهود عيان لـ"ليبانون ديبايت" (تؤكدها مصادر أمنية)، أن شبلي ردّ على تخريب اللافتة بـ"صفع" الشيخ عمر على وجهه وأمام الموجودين، فتوعده بترحيله من المنطقة.

لكن شبلي قرّر سلوك درب الاجراءات القانونية حفظاً لحقه. توجّه بعد يوم على الحادثة إلى فصيلة عرمون متقدّماً بشكوى جزائية بحق الشيخ عمر غصن بجرم الاعتداء على أملاك خاصة. بموجب ذلك جرى إستدعاء الشيخ عمر غصن صباح الخميس الماضي للمثول في مركز الفصيلة بحضور المدعي شبلي. لكن يبدو انه تم الاستدعاء على الطريقة اللبنانية، وفق "تبويس اللحى"، وكانت النية محاولة إنناء الخلاف في الفصيلة، بدليل الإفراط في الكرم وعدم إتباع الاجراءات القانونية، كمثل عدم إتخاذ أي إجراء سواء بحق شبلي أو غصن، علماً أن كليهما صادرة بحقه استنابات قضائية بجرم اطلاق نار توجب توقيفهما على الفور.

هذا كله لم يدفع رتيب التحقيق إلى وضع المدعي العام المناوب في جبل لبنان نادر منصور بصورة وجود استنابات قضائية بل اقتصرت مهمته على مخابرة المدعي العام وتلقينه عرض أحداث شيّق اصدرَ منصور بموجبه اشارته بتركهما!

شكل ذلك القشة التي قصمت ظهر البعير. شبلي، بصفته مدعياً، إعتبرَ ان القانون لم ينصفه، لكنه كظم غيظه، أما الجانب الآخر فلم يفعل. وجد أن ما جرى يعد بمثابة إنتصار له. اطورت الأمور سريعاً. بعد الظهر، وعند نقطة "موقف التاكسي" مقابل المبنى الذي يعود لشبلي، احتشدت جموع يغلب عليها طابع آل غصن والأنصار، باشرت بعراضة إحتفالية فرحاً بخروج "الشيخ" ردّدَ خلالها عبارات طالت شبلي وجهة سياسية محددة، وجدها شبلي بمثابة "تعليمة" مقصودة عليع. بالتزامن، كانت تتواجد سيارتين اسفل المبنى تحسب القوى الامنية انهما تعودان لاصدقاء وأنساب علي شبلي تراقب ما يجري، وثالثة يستقلها مجموعة من شبّان المنطقة من المحسوبين على شبلي قطع المحتفلون عليها أمام الموقف ثم حصل تلاسن بين ركابها والاشخاص في الخارج تطوّر إلى تضارب بالعصي حصل بعده إطلاق نار ما لبث أن تحول إلى إشتباك بين "أنصار غصن" و "أنصار شبلي" الذين كانوا متواجدين في السيارتين، أسفر عن سقوط أكثر من ٦ إصابات.

وبينما كان البحث جارياً عن مصدر الطلقة الاولى، تقدر أجهزة أمنية معنية بالتحقيق، أنها صدرت بدايةً عن أنصار غصن، الذين ثبتَ أنهم كانوا يصطحبون أسلحةً في سيارات عائدة إليهم، وإحدى الصور تظهر مبادرتهم صوب اطلاق النار تجاه صالة أفراح تقع في الطابق الأخير من المبنى العائد لشبلي، مع احتمال أن تكون بعض الإصابات قد سقطت عن طريق الخطأ.

ومع نقل الجرحى وتوارد معلومات عن سقوط قتيل من آل غصن يبلغ من العمر ١٤ عاماً، إنفجر الوضع تماماً وتحوّل من عراضة إحتفالية إلى عراضة مسلحة شارك فيها العشرات من أنصار غصن وعدد من أبناء العشائر المحسوبين على تيار المستقبل وآخرين فيما لا يمكن إخفاء المعالم عن وحود دور جماعات بهاء الحريري صعباً. هؤلاء جميعهم، شرعوا بإطلاق النار بإتجاه الأبنية وبعض المحال والمؤسسات التي قيل أنها تتبع لشبلي ليمتد ذلك إلى إحراق مولدات كهربائية وسيارات عائدة له، في سياق يوحي بخطة كانت محضرة سلفاً. وقد شمل إطلاق النار أحياء محسوبة على طائفة محددة، دام زهاء ٣ ساعات، وقد امطرَ بوابل كثيف ومستمرّ من النيران.

في هذا السياق، تنفي مصادر أمنية لـ"ليبانون ديبايت" المزاعم حول حصول إشتباكات بين طرفين، والحقيقة أن الأمر قد إقتصر على إطلاق نار من جانب واحد، من دون إثبات مشاركة طرف آخر وهذا ما يفسّر سبب اقتصار الاصابات على الاشكال الاول عند "موقف التاكسي"، وهو ما يعيد تأكيد رواية حزب الله حول أنه لم يكن جزءاً من المعركة. أضف إلى ذلك المعلومات التي أوردها "ليبانون ديبايت" ليل الحادث، حول صدور أوامر إلى "أنصار حزب الله وحركة أمل" بضرورة عدم الرد على مصادر إطلاق النيران واقتصار الرد على حالات الحماية القصوى الحماية.

لكن كميات الرصاص التي انهمرت على المنازل طيلة ٣ ساعات واكثر، أفصحت عن وجود عملية توزيع أسلحة منظمة إن لم يكن ثمة وجود لمخازن في الاصل، إذ من غير الممكن عدم وجود إمداد لوجستي للعناصر التي تقدم على إطلاق النار بهذه الغزارة، وهو ما دفعَ بمرجعيات سياسية في المنطقة، على رأسها رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان إلى التبّنه والحذر الشديدين، ما يرتّب بالتالي على قيادة الجيش الشروع فوراً بمداهمات واسعة.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
بعد أسبوع... لماذا كشفت إسرائيل إصابة مواقع حساسة بالهجوم الإيراني؟ 9 سيناريو "مُقلق" ينتظر مطار بيروت... إنذار خطير وأيام حاسمة! 5 إنتشار عسكري "غربي" في لبنان وحشود إيرانية وروسية وصلت.. عماد رزق: بيروت ستقصف وحرب التحرير بدأت! 1
بشار بطل عمليّة نصب كبيرة في طرابلس! (صور) 10 واشنطن تكشف دورها في "الضربة الإسرائيلية" على ايران 6 حادثة رئاسية فضحت "الثنائي الشيعي" 2
عصابة "خطرة" تنشط في طرابلس... بطلتها إمرأة! 11 "النكزة الأخيرة"... منشورٌ "ناريّ" للسيّد! 7 "عبوهن بالباصات وكبوهن بسوريا": سياسي يدعو الى التحرك سريعاً… ونسب مقلقة في السجون اللبنانية! 3
بقوة 5.6 درجة... زلزال "يهز" شمال تركيا! 12 كليب "يُرجح" ما قد تبلغه فرنسا لِميقاتي اليوم! 8 مستجدات فصل بو صعب من التيار! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر