"ليبانون ديبايت" - ميشال نصر

كما بدأ زيارته بمسرحية فيروزية، أنهاها بلقاء اعلامي، سبقه استقبال "رومي" بقي بعيداً عن الاعلام. مؤتمر صحافي "لبناني قح"، الشيئ ونقيضه، ولكن بالبرنجي،كأن المياه التي شربها في لبنان قد فعلت فعلها بالضيف الذي حسناً فعل بعدم زيارته الجميزة هذه المرة، حيث كان "المسيل للدموع" الذي قدّمته حكومته كهبة، قد فعل فعله في من اراد ايصال صوته بشكل عنفي لسيد الاليزيه، "المتخوم" بعد غذاء بعبدا الفضفاض في بلد" يشحد شعبه "اللقمة" في انتظار "كرتونة مساعدات". انه كرم الضيافة اللبنانية...

صحيح أن الرئيس ماكرون يضع رصيده السياسي لانقاذ النظام اللبناني بكل احزابه بما فيهم حزب المقاومة، ليس كرمى لعيون اللبنانيين بل لعودته الى الاليزيه لولاية ثانية، وهو ما لن يتحقق طالما ان حليفيه سلطة ونظام فاسد، اصبحا على مشرحة الاعلام الفرنسي، في بلد قدره ان يكون مغتربوه في باريس بغالبيتهم من الثورة.

فضيفنا الذي غادر الى العراق "حيث لا خبز له" منذ قرر الرئيس جورج بوش اخراج فرنسا من جنته، ترك خلفه سلسلة من التساؤلات، التي قد لا تحتاج الى كثير من الوقت قبل ان تتبلور. وهنا يمكن التوقف عند ست نقاط اساسية :

١-عدم اشارة الرئيس الفرنسي خلال مؤتمره الصحافي الى اي كلام حول التعاون مع الجيش اللبناني ومن خلفه الاجهزة الامنية، رغم ان الكلمة كانت معدة مسبقاً من قبل فريق الاليزيه وبعناية. فما هي دلالات ذلك؟ هل هي اشارة الى استبعاد الجيش عن الاحداث القادمة؟ ام هو التزام بالحدود الاميركية الجديدة الموضوعة؟

٢-حديث الرئيس الفرنسي في موضع رده عن سؤال حول حزب الله، عن انه ابلغ رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ان موضوع سلاح الحزب سيكون على الطاولة مطلع العام المقبل. عليه هل يعني ذلك ان حزب الله سيعرقل المرحلة الاولى المخصصة لانطلاق الاصلاح والمحددة بثلاثة اشهر لكسب الوقت؟

٣-قوله صراحة خلال لقائه القادة لسياسيين الى الطاولة في قصر الصنوبر، ان الانتخابات النيابية المبكرة ليست من الاولويات، خلافا لبنود خارطة الطريق الفرنسية. فهل في هذا "بلف" للثورة والاحزاب المسيحية؟ام هو تعويض للرئيس الحريري الذي حرق كل مراكبه مع الاميركيين والسعودية؟

٤- تهديد اللبنانيين بتدفيعهم ثن عدم التزام الطبقة السياسية بتعهداتها، خصوصا انه لم يجزم بفسادها ولا بحتمية معاقبتها. فهل هذا نتيجة تعويم عهد العماد عون من خلال الحفاظ على الطبقة الحاكمة؟ ام هو حث للثورة لمزيد من التحرك؟

٥- مزحة الورقة - البرنامج التي وزعها قصر الصنوبر والتي لا تغدو كونها عبارة عن حقنة مورفين تدغدغ مشاعر اللبنانيين، اكثر مما هي قابلة للتطبيق على يد سلطة تعتاش من نقيض ما تتطلبه الورقة. فكيف لفرنسا ان تطلب الشيئ ونقيضه؟

٦-غياب كلمة "محاسبة" عن كل كلامه، وكأن به يبشر اللبنانيين بأن ما فات قد مات؟ لماذا ترى هذا الموقف؟ هل لان التحقيقات ستطال مسؤولين فرنسيين قد تؤدي محاسبتهم وانكشاف اسباب مواقفهم الى خسارته معركة التجديد في وجه الرئيس ترامب؟

في كل الاحوال، لا لزوم لكثير من التحليل، لمعرفة الخيط الابيض من الخيط الاسود، فالسياسة الفرنسية منذ استهداف قاعدة المظليين "دراغون" في "ستاد دو شايلا" عام 1983، تراوح نقطة الاقوال دون افعال، حيث سقفها الدعم الثقافي والتربوي. فهل لاحد ان يجيبنا حول لقاءات عقدها الوفد الاقتصادي المرافق للرئيس ماكرون؟

وحدهما، وزيرة الثقافة زارت قصر سرسق المدمر وبعض مدارس الاشرفية المتضررة، ووزير الصحة الذي زار مستشفى الحريري الجامعي ومطار بيروت.
انها قواعد اللعبة التي وضعها الاميركيون وما على باريس سوى الالتزام...وإلّا.....

فمَن لا زال يشكك في كل ذلك، نحيله الى تصريح وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو ومساعده لشؤون الشرق الادنى دايفيد شينكر اللذان وضعا خريطة طريق لا تلتقي مع الفرنسيين الا عند نقطة الاصلاح. اصلاح "سكّته" الالزامية لقاءات "الصديق دايفيد" في بيروت، والتي مهما حاولت ابواق محور الممانعة التصدي والتقليل من اهميتها، تبقى اكبر من رسالة عشية انجاز ملفات شخصيات لبنانية ستواجه قريبا مصيرها المحتوم.