المحلية

السبت 21 تشرين الثاني 2020 - 04:00

ألفاريز إند مارسال.... "دولار ما لَح تاخدوا"

ألفاريز إند مارسال.... "دولار ما لَح تاخدوا"

"ليبانون ديبايت" - ميشال نصر

أربعة أشهر من "الشدّ والقدّ ويا أرض اشتدي ما حدن قدّي"، انتهت معركة التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، بكتاب تبلّغته وزارة المال "نام" عليه الوزير وزني لأربع وعشرين ساعة، قبل أن "يبق البحصة". فإلى جهنم الانحدار سائر. المهم ان مادة سجالية دسمة دخلت على الخط كافية "لتبليع" اللبنانيين خفض الدعم الى النصف، في الوقت الذي تباع فيه مواده المدعومة من مأكولات في الكويت وتركيا، والدواء في مصر، والبنزين والمازوت والطحين في سوريا. وما خفي كان اعظم.

بنى ميشال عون نظرته للحكم على قاعدتين اساسيتين، معتبراً تحقيق الانجازات فيهما كافياً لتأمين دخول ولايته الرئاسية الحقبة الذهبية، بحسب المطلعين على كواليس تلك الفترة. فالملف الاول، والذي هو كهرباء لبنان، والذي انتهى الى كارثة كبرى دفعت بالعهد الىى مزيد من الغرق نتيجة السياسات الخاطئة لإدارة الملف الذي تتقاطر عنده وعليه مصالح داخلية وخارجية كبرى، يؤدي المسّ بها الى انهيار التركيبة السياسية اللبنانية ومراكز القوى داخلها، أمّا الثاني فهو التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، الذي رأى فيه الجنرال "طوق نجاة" لما تبقى من عمر العهد بعد ثورة ١٧ تشرين الثاني، معتبراً ان القضية معركته الاخيرة التي سيخوضها حتى النهاية.

غير ان الرياح سارت بعكس مراكب الرئيس عون، ما أدّى الى انهيار التدقيق الجنائي، مع دقّ المسمار الاول في نعش المبادرة الفرنسية التي ضخت "اوكسيجانا ملوثا" في "رئتي" العهد، فسقطت بعبدا والثورة وقامت على ظهرهما الطبقة السياسية القديمة. وما زاد من طين "الورطة" بلة الانقسام او الاختلاف في وجهات النظر داخل الفريق البرتقالي، الذي انفجر صداماً اعلامياً انتهى الى حفلة "تبويس لحى" في القصر الجمهوري برعاية سيده، دون ان يؤدي ذلك الى تغيير اي من فريقيه لموقفه.

مع الاشارة هنا الى ان الرئيس عون اضطر للسير على مضض بالصيغة التي وقعها وزير المالية مع شركة التدقيق الدولي، رغم كل البلبلة والزوبعة التي اثارها تغييب بنود كان سبق واتفق عليها.

ولكن كيف سقط التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان؟

منذ اليوم الاول لم يصدق اي لبناني او يأخذ على محمل الجد تلك المسألة، لادراك الجميع "من الختيار الى المقمط بالسرير" ان المطروح "مزحة"، اذ كيف يمكن للمريب ان يقول خذوني، وكيف للسارق ان يسلم نفسه، خصوصاً ان تجربة قوانين استعادة الاموال المنهوبة ورفع السرية المصرفية لا زالت "طازة" في ذهن اللبنانيين.

كان الحل بالنسبة "للانتاليجنسيا" الحاكمة والمتحكمة واضحاً وضوح الشمس، والمعادلة لا لبس فيها، فهناك حلان لا ثالث لهما:

-الاول، اسقاط المشروع بكليته، عبر تفخيخ الاتفاقية، بداية واغراقها بعشرات النقاط والبنود الغامضة، على الطريقة اللبنانية، لتسهيل عملية "الاحراج والاخراج" وتأمين الادوات اللازمة لمصرف لبنان لخوض المعركة نيابة عن الطبقة السياسية. وقد جاء قرار تذكية الشيخ سعد رئيساً مكلفاً بتشكيل حكومة، باتفاق شيعي - سني - درزي ليعلن وفاة التدقيق الجنائي في انتظار اعلان مراسم الدفن. وهو ما حصل أمس وفقاً لاخراج على قاعدة" لا يفنى الديب ولا يموت الغنم"، اذ جاء القرار من الشركة التي انقذت الطبقة السياسية على عينك يا تاجر.

-أمّا الثاني، فكان بالسير بالتحقيق الجنائي وفقاً لحدود مرسومة مسبقاً تفضي الى نوع من "براءة ذمة" للجميع، وفقاً لما درجت عليه النيابة العامة المالية، وبذلك يكون" الكل ربحان ويا دار ما دخلك شر".

وهنا يطرح السؤال الذي حصل لتتغير المعادلة؟ ثمة من يقول ان تعقيدات تشكيل الحكومة والخلاف على توزيع الحصص اسقط تسوية التدقيق. فهل الحلحلة الحكومية من جديد ستعيد احياء الاتفاق مع الشركة؟

اليوم سيعقد اجتماع في بعبدا، في "احسن حالاته" وحفاظا على ماء الوجه، قد يعيد الشركة العالمية الى عملها.

فما الذي جعل "الفاريز اند مرسال" تتراجع عن اتفاق التمديد لثلاثة اشهر؟ هل هو تهديد تلقته ام صفقة من تحت الطاولة؟ ام هو مناورة من الشركة لتحقيق لا انجاز في لبنان حفاظاً على سمعتها؟ وهل سندخل في نزاع قضائي معها بسبب عدم توجه الدولة الى دفع المستحقات للشركة وفقاً للاتفاقية الموقعة بين الطرفين؟

الواضح ان مادة دسمة باتت في يد معارضي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للتصويب عليه، وهو اصلا "جسمه لبيس"، الا ان الحقيقة تكمن في مكان اخر، حيث تحالف الحاكمون الخمسة بفسادهم دون حياء او رفّة جفن لشعب "يشحد اللقمة والدوا من جيبته" فيما يباع على رفوف مخازن وصيدليات العالم.

فهل المطلوب دفع الساحة عمداً الى انفجار قد تسعى اليه بعض الجهات؟ علّ في ذلك علامات نهاية زمن الخمسة الكبار...

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة