"ليبانون ديبايت" - ميشال نصر

بَين الاونيسكو والكَحالة وبعبدا، يبدو ان لا "عيديّات" السنة، رغم "مزحة" المجلس بالاعفاء من رسوم السير، فيما اساسيات الدولة في خبر كان، من امن مستباح جديده التصفيات، وقضاء مكبّل عاجز عن التحرّك في جريمة بحجم انفجار مرفأ بيروت، ونظام عاجز عن انجاز حكومة، وشعب غارق في الازمات "ما حدن عارف شو ناطر".

وسط هذه الصورة تتجه الأنظار الى اللقاء الذي سيعقد اليوم في بعبدا، والذي من المفترض ان يؤدي الى "حلحلة ما"، وفقاً لرهانات البعض المتفائلة من اهل السياسة، رغم ان العالمين والعاملين في الكواليس يحذرون من الافراط في التفاؤل، متخوفين من ان يتحوّل اللقاء الى مجرد خرق شكلي حدوده الوقوف "عند خاطر" البطريرك، لا اكثر، مع ظهور عقابات قديمة - جديدة لا تقل استعصاءً عن مشكلة الثلث الضامن.

ففيما كانت الجبهة السياسية والاعلامية مشتعلة بين البرتقالي والازرق في حفلة "زجل بيزنطي"، كان هاتف بيت الوسط يرن يوم السبت، على الطرف الاخر من الخط قصر بعبدا، لتحديد موعد للرئيس المكلف للقاء، مفتوح زمنياً، مع رئيس الجمهورية لبحث ملف تشكيل الحكومة، بعد جولة الاتصالات والمساعي التي قام بها البطريرك الراعي، مع اكثر من جهة، مبدياً تفاؤله امام زواره من امكانية الحل اذا ما كانت العقد داخلية حصرا.

فالصرح الذي أُعطي مجد تكليف الحكومة، محدد الخطوط العريضة، فتح خطاً جديداً لبحث هدنة اعلامية حكومية، لتمرير "قطوع" الثلاثاء.

في معرض شرحها للمسعى البطريركي، تكشف اوساط الصرح ان البطريرك الذي وجد نفسه يصدح في البرية، بعد سلسلة العظات والمواقف التي اطلقها، وجد نفسه "مجبرا" على التدخل لحماية ما تبقى للرعية، فكان قراره بالمبادرة باتجاه بعبدا، التي لم ينقطع تواصله معها، سواء مباشرة او عبر موفدين موثوقين، مستندا الى العلاقة الممتازة التي تربطه برئيس الجمهورية، وهو ما حصل بالفعل وجعل الصرح يبادر باتجاه الرئيس المكلف، الذي ردّ التحية بأحسن منها عارضاً زيارة الصرح وشرح وجهة نظره، التي استمع اليها البطريرك باهتمام، طارحاً تساؤلاته، قبل ان يزور مقر الرئاسة الاولى، حيث وجد تجاوباً من سيده، ما دفعه الى المبادرة في توسيع مروحة اتصالاته، عبر لقاء شخصيات سياسية مؤثرة في القرار، من بينها رئيس التيار الوطني الحر.

رافق هذه الاتصالات استمزاج لرأي دستوريين وقانونيين، خلص الى وضع معايير عبّر عنها خلال عظة الاحد، كافية في حال توافر النية، للخروج بحكومة منتجة امام اللبنانيين والعالم.

لكن هل يعني ذلك ان الضوء الاحمر اصبح اصفر؟ وماذا عن حزب الله ؟
المعطيات تشير الى وجود عقبات امام لقاء بعبدا، ترتبط بجوهرها في خلق توازن يصر فريق رئيس الجمهورية عليه، ايا كان اسمه، ثلث معطل، ام وزارات حساسة، ما لا يتطابق وروحية المبادرة الفرنسية، وفق معارضي بعبدا وسياستها.

أمّا الاشكالية الثانية والاهم، فتتجلى في ان المعايير التي تحدّثت عنها بكركي، لا يمكن للحزب السير بها، خصوصاً ان تلك الحكومة عاجلاً أم اجلاً ملزمة بمناقشة مواضيع على تماس مباشر مع مصالح ومشاريع حزب المقاومة، سياسياً واقتصادياً،كان سبق لامينه العام ان رسم خطوطها الحمراء، في اكثر من مناسبة. علماً ان الحارة تنفست الصعداء مع دخول "سندباد الجمهورية" على خط المبادرات والمساومات.

بالتالي، هل يعني ذلك ان حارة حريك ستحبط مسعى بكركي؟ وهل يعني ذلك وضع الصرح في مواجهة القصر؟ ام هي لعبة جديدة للحارة لتمرير الوقت الى حين اتضاح الصورة الاقليمية والدولية، بيت القصيد السياسي؟ وما هي مصلحة الحزب في ابعاد البطريرك عن الرئيس؟ السبب معروف هنا. الواضح انه من "الهبل السياسي" اسقاط العوامل الخارجية التي هي الاساس.

"هالسيارة" مش عم تمشي بدها حدن يدفشها دفشة... يقول "الشاطر حسن" مستذكراً فيروز، التي ألهمت الرئيس الفرنسي، الذي يبدو انه على نفس موجة البطريرك الماروني الذي قرر "التشمير عن زنوده" ودفش السيارة علّها تصل" لورشة التصليح وبيمشي حالها".

لكن مسرحية الواقع تختلف كثيراً عن ما كتبه ولحّنه الاخوين رحباني... الذي سها عنهم وجود" العطل" في حزب المقاومة، الذي يستحيل ان يسمح للمسعى البطريركي بشروطه الحالية ان ينجح لحسابات اكبر من لبنان...

من الاخر ومن دون "لت وعجن" الحارة غير مرتاحة ولن ترتاح لقرب الجنرال من البطرك... والان الفرصة ذهبية للانقضاض...