Beirut
16°
|
Homepage
الجملة ـ المفتاح في عظة البطريرك
بولس عيسى | الثلاثاء 09 شباط 2021 - 3:00

"ليبانون ديبايت" - بولس عيسى

"إنّ وضع لبنان المنهار، وهو بحسب مقدّمة الدستور، "عضو مؤسّس وعامل ملتزم في جامعة الدول العربيّة، وعضو مؤسّس وعامل ملتزم في منظّمة الأمم المتّحدة" (فقرة ب)، يستوجب أن تُطرح قضيّته في مؤتمر دوليّ خاص برعاية الأمم المتّحدة، يثبّت لبنان في أطره الدستورية الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد وتوفير ضمانات دائمة للوجود اللبناني، تمنع التعدّي عليه، والمسّ بشرعيّته، وتضع حداًّ لتعدّديّة السلاح، وتعالج حالة غياب سلطة دستوريّة واضحة تحسم النزاعات، وتسدّ الثغرات الدستوريّة والإجرائية، تأميناً لاستقرار النظام، وتلافياً لتعطيل آلة الحكم أشهراً وأشهراً عند كلّ استحقاق لانتخاب رئيسٍ للجمهورية ولتشكيل حكومة". هي دعوة أطلقها البطريرك الكاردينال بشارة الراعي في عظته نهار الأحد المنصرم، وقد أثارت ما أثارته من ردود فعل ومن تأويل وحملات واتهامات بحقه.

إلا أنه، وبحسب الأوساط السياسية، فإن من يراقب مواقف البطريرك في الآونة الأخيرة، يصل إلى استنتاج بأنه تدرّج فيها وصولاً إلى ما وصل إليه اليوم، مذكرةً بأنه، إلى جانب موضوع الحياد الذي أطلقه الراعي وركّز عليه ولا يزال يعتبره عنواناً أساسياً لعملية الإنقاذ في لبنان، فقد عمل جاهداً من أجل إخراج مسألة تأليف الحكومة العتيدة من عنق الزجاجة من خلال وساطته لتقريب وجهات النظر ما بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، والتي كان هناك تعويل كبير عليها.


كما اعتبرت الأوساط، أنه بالعودة إلى عظات البطريرك ومواقفه، يمكن الملاحظة أنه يركّز باستمرار على الوضع المزري الذي وصل إليه لبنان جراء الكارثة الإقتصاديّة - المالية التي ألمّت بنا، والتي أدّت إلى تصاعد مريب في أعداد المهاجرين والفقراء والمُعوَزين، وبالتالي، دخوله على خط الوساطة الحكومية أتى من باب محاولة التسريع في ولادة الحكومة للتخفيف قدر الإمكان من آلام ومعاناة اللبنانيين، ولأنه بالنسبة له، تأتي معالجة الأزمة المعيشيّة، أولوية ضاغطة وطاغية على كل ما عداها من قضايا ومسائل.

وأكدت الأوساط، أن هذه الدعوة لم تأتِ من عدم، وإنما هي تشكّل استمراراً للخط البياني التصاعدي لمواقف البطريرك السابقة، ولا يمكن فصلها أبداً عما سبقها من مواقف ومساع، بمعنى أنه لو تم تشكيل الحكومة، بشكل أو بآخر، لما كان وصل البطريرك إلى هذا الموقف الذي لا يمكن اعتباره سوى رسالة موجّهة بشكل مباشر إلى القوى السياسية الحاكمة والممسكة بزمام الأمور في البلاد، مشيرةً إلى أن مضمون هذه الرسالة واضح وهو أنه لا يمكن الرهان على هذه القوى، لأن من لا يستطيع القيام بمجرّد تشكيل حكومة تعالج وتبلسم أوجاع اللبنانيين، لا يمكن الرهان عليه في أي من الملفات المشكو منها وطنياً، سواء تلك المرتبطة بموضوع السيادة أو الأخرى المرتبطة بموضوع الحياد الذي هو من أساسيات ميثاق العيش المشترك.

ولفتت الأوساط، إلى أن الجملة ـ المفتاح في عظة البطريرك هي "نادَينا فلم يَسمَعوا. سألنا فلم يُجيبوا. بادَرنا فلم يَتجاوبوا"، التي تدلّ على أن البطريرك لم يصل إلى ما وصل إليه من دعوة إلى عقد مؤتمر دولي للتداول بالأزمة اللبنانيّة، إلا نتيجة القَرَف واليأس الذي يعتريه إزاء القوى السياسية الحاكمة والممسكة بزمام الأمور في البلاد وطريقة إدارتها للدولة، فلم يجد نفسه سوى مضطراً، انطلاقاً من ضميره الوطني وأمانة لبنان الكيان التي تحملها بكركي تاريخياً، ورسالة الحرية والعيش بكرامة التي حملها البطاركة الموارنة عبر العصور، لاتخاذ موقف من هذا النوع، بفعل أن هذه القوى السياسية أثبتت أنها غير قادرة على إدارة شؤون اللبنانيين، وبالتالي، لا بد من إيجاد وسيلة لانتشال البلاد من هذه الأزمة قبل دخولها، لا سمح الله، في ما لا تحمد عقباه، أي الفوضى الشاملة، باعتبار أن ما حصل في طرابلس شكّل أحد المؤشرات المهمة جداً، والتي من الممكن القول أنها إحدى فصول هذه الفوضى المرتقبة، والتي ولّدها في طرابلس وسيولّدها في المناطق اللبنانية كافة، الواقع الإجتماعي المتردّي الذي يعيشه الناس.

أما بالنسبة لمضمون الدعوة، فشدّدت الأوساط على أن كلام البطريرك "واضح جداً وهو لم يتطرّق، لا من قريب ولا من بعيد، إلى مسألة المؤتمر التأسيسي، أو أي أمر من هذا القبيل، وكل الكلام حول هذا الموضوع مختلق ومفبرك، وإنما العكس تماماً ، فقد ركّز في دعوته على الثوابت الوطنية لجهة تثبيت الدستور، والأمور الأخرى المتعلّقة بموضوع الكيان والحياد وتعدديّة السلاح وانتظام عمل المؤسّسات، وبالتالي، فإن كل ما قيل في أعقاب هذا الموقف، لا يمكن أن يُعَدّ سوى ترهات لا تمتّ للحقيقة بصلة، وبعيدة كل البعد عن مرامي البطريرك الحقيقية في موقفه، وهي تعبّر فقط عن مضمون عقول مطلقيها.

وأشارت الأوساط، إلى أن البطريرك، أراد من هذه الدعوة توجيه رسالة إلى الفريق الحاكم بأنه لا يمكن الرهان عليه، وقد حوّل المرجعية اللبنانية الحاليّة غير صالحة وفق ما أثبتت الأحداث، وبالتالي، يجب الذهاب إلى مرجعية أخرى، كما أراد التأكيد على مجموعة الثوابت التي تنادي بها الكنيسة المارونية، والتي هي جزء لا يتجزأ من الثوابت اللبنانية الوطنية من أجل قيام الدولة في لبنان.

أما بالنسبة لقول البطريرك: "لن نَتعبَ من المطالبةِ بالحقّ. وشعبنا لن يرحلَ، بل يبقى هنا. سيَنتفِضُ من جديد في الشارع ويطالبُ بحقوقِه، سيثورُ، ويحاسب"، فقد رأت الأوساط، أنه من أجل أن تأخذ دعوة البطريرك حقّها المطلوب، يجب أن تترافق مع مسعى جدّي للتغيير الحقيقي، باعتبار أن البطريرك يشكو من الفريق الحاكم الذي أصبح التخلّص منه واجب، والحلّ الأسهل والأسرع والأكثر فعالية ونجاعة وسلمية للقيام بذلك، هو الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة تطيح به.

ختاماً، أعادت الأوساط التأكيد، أن البطريرك الماروني لم يرفع صوته بوجه أي فريق لبناني، إلا في وجه هذا الفريق وإدارته الفاشلة وسياساته التي أوصلت لبنان إلى ما وصل إليه اليوم، وبالتالي لجأ إلى المرجعية الدولية انطلاقاً من يأسه من المرجعية المحلية الحاكمة حالياً، إذ لا حلّ أمثل من الذهاب بإرادة لبنانية عارمة إلى انتخابات نيابية مبكرة من أجل تغيير هذا الفريق الحاكم، والإتيان بأكثرية جديدة تتمتّع بالشرعية الشعبية وقادرة على إعادة الإعتبار للمرجعية اللبنانية.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
عن الشهيد "حيدر"... حزب الله ينشر فيديو بِعنوان "يستبشرون" 9 "بسحر ساحر تتصل غادة عون"... اليسا تستنكر: "هيدي بأي بلد بتصير"! 5 "الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 1
بالفيديو: محامية تتعرّض للضرب على يد زوج موكلتها 10 200 ألف مقاتل سوري يهددون لبنان.. ناجي حايك يتحدث عن "أمر كبير" طُلِب من الحزب! 6 "المخابرات السورية تتواقح في لبنان"... إيلي محفوض يكشف عن مؤامرة خبيثة تُحضر! 2
"حزب الله" يكشف حقيقة مقتل نصف قادته في الجنوب 11 مع ارتفاع درجة الحرارة... نمر يوضح امكانية "حدوث هزّات أرضية"! 7 إلى القوات وحلفائها… حان وقت الإستقالة 3
أحزمة نار وتدمير بلدات... تطور جهنمي في الجنوب اللبناني! 12 "نساء المخابرات" الى الواجهة بين ايران واسرائيل: خداع جنسي وفتاوى تبيح "تسليم الجسد"! 8 نائب يودّع العزوبية بعد أسابيع! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر