"ليبانون ديبايت" - د. جمانة شهال تدمري

لا شك أن ما يمر به لبنان من ازمة مالية قضت نهائيا على الدورة الاقتصادية، وبات الشعب اللبناني يبحث عن بدائل تؤمن له بعض المردود المادي لتوفير مقتضيات الحياة الضرورية.

اشتهر اللبناني بالمبادرة الفردية، والعالم كله يشهد على قوة وعزم اللبناني وارادته في تنفيذ فكرة او مشروع ما.

يؤكد الخبراء الاقتصاديون جميعا أن الوضع الاقتصادي لن يعود إلى سابق عهده خلال سنوات، والأمور لن تستقيم قبل تعديل جذري في الميزان التجاري، والتعديل لن يتم قبل خفض نسبة الاستيراد ورفع حجم الصادرات التي تدخل العملات الصعبة الى لبنان.

رغم فداحة الخسائر والأضرار اجتماعيا، غير أن نافذة امل تطل في النفق المظلم، انهيار الليرة أمام الدولار قد يعيد لبنان إلى خريطة السياحة الإقليمية، ومن المرجح ان يعود لبنان قبلة السواح سيما الأجانب منهم، وذلك إضافة إلى السياحة الداخلية بعد تقلص مخاطر جائحة كورونا.

في ظل غياب الدولة او وزارتي السياحة والثقافة بالتحديد على المبادرات الفردية ان تعوض ذلك الغياب، وعلى كل من يتقن صناعة الأعمال اليدوية والتحف والاثريات ان يعيد إحياء تلك الصناعة غير المكلفة، كل سائح يعود إلى وطنه محملا بالتذكارات والهدايا، فكيف اذا كانت تلك التذكارات ترتبط بوطن مثل لبنان غني في تعدد الحضارات ويضرب عميقا في التاريخ.

ستعود طرابلس بأبنيتها التراثية مقصدا للسواح وكذلك بعلبك وصيدا وصور وغيرها من مدننا التاريخية، من واجبنا لا بل من مسؤوليتنا الوطنية ان نستغل الفاجعة الاقتصادية لاعادة إحياء تراثنا. عمليا سنبدأ بخرق جدار الازمة خصوصا في طرابلس من خلال تأمين البنية التحتية وتجهيز الأرضية لعودة مدينتنا على خارطة المدن السياحية، التحضيرات بدأت على أرض الواقع، وخلال الأسابيع القليلة المقبلة سنطلق ورشة عمل للانتقال إلى التنفيذ الفعلي من خلال تجهيز اليد العاملة وتأمين فرص العمل وتوفير كل الخدمات التي سيحتاجها السياح.

تحد جديد نرفعه رغم كل الظروف الاجتماعية السيئة، انطلاقا من إيمان راسخ ان الثقافة والتراث وتعدد الحضارات احد اهم خصائص المجتمع اللبناني القادرة على انقاذنا.