Beirut
16°
|
Homepage
الحريري يورّط الفاتيكان؟
عبدالله قمح | المصدر: ليبانون ديبايت | السبت 24 نيسان 2021 - 1:19

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

الثابت في ما نطقَ به رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري من منبر الفاتيكان أن لا حكومة في المدى المنظور، أي على عكس ما يذيع ويشتهي ويسوّق رجاله، وهي الخلاصة نفسها التي سبقه إليها، غريمه، رئيس "التيّار الوطني الحرّ" النائب جبران باسيل قبل ليلة من بكركي، كما عموم أركان الجماعة السياسية اللبنانية!

في الحقيقة، زيارة الحريري إلى رأس هرم الكنيسة الكاثوليكية في العالم، ما زالت محل تدقيق ومتابعة تبعاً لما وردَ عن لسان الضيف اللبناني من مواقف، أرادَ من خلالها ـ أو هكذا يصوّر ـ الزجّ بالفاتيكان في عمق تفاصيل الأزمة اللبنانية، ربطاً بما صرّح به، وهو الفعل الذي حاولت دوائر الحبر الأعظم تجنّبه على مدى أسابيع سبقت الزيارة، التي تم تأجيلها عن قصد إلى الموعد الذي حُدّد مؤخراً، كمحاولة لتجفيف أي إمكانية لاستخدامها في أي عامل سياسي داخلي قد يوحي أن الفاتيكان أصبح طرفاً.


وللحقيقة أيضاً، فإن الكنيسة الكاثوليكية، لم تكن راضية عن تصريحات الحريري مطلقاً سيما تلك التي أقحمَ بها مواقف خُيّل أن مصدرها الفاتيكان، أو أن الأخيرة تُشاطر الحريري مواقفه، بشهادة التعليقات التي وردت إلى سياسيين في بيروت، وأظهرت أن الفاتيكان حاول طوال يوم أمس إفراغ تصريحات الحريري من أية مضامين سلبية قد تُستخدم في إطار النزاع الداخلي، أو تكون موجّهة ضد أي طرف داخلي لبناني. فالفاتيكان الذي عمل على تأخير الزيارة الحريرية رغبةً منه في منع إقحامها في الجدل البيزنطي الدائر داخلياً، عاد وارتطمَ برغبة الحريري في إقحام الكنيسة الكاثوليكية في شرور أعماله الداخلية، كما خطّط سلفاً.

هذا الجو، يمكن رصده أيضاً من خلال التعليقات والمتابعات التي واكبت الزيارة من جانب قياديي تيار "المستقبل" والمقرّبين من الحريري، ألسنة وكُتّاب. هؤلاء، تباروا، وعلى مدى ساعات الزيارة، في تفريغ حالة استعراض ضخمة، لمضامين مختلفة بدا من خلالها توافر رغبة بـ"التمريك" مسيحياً على كل من رئاسة الجمهورية وقيادة "الوطني الحر"، من خلال التركيز على الحفاوة التي استُقبلَ بها الحريري في الفاتيكان، وما أحاطه به الحبر الأعظم من مواقف وما تلاه الحريري من على المنبر، وقد أرادَ البعض من خلال كل ذلك إعادة إنتاج نفس الصورة التي جرى تسويقها خلال زيارة الحريري إلى موسكو قبل أسابيع، والإيحاء بأنه استُقبل هناك استقبال الرؤساء الأصيلين لا المكلّفين.

بهذا المعنى أضحى أن قضية الحريري الأساسية من الزيارة كانت ممارسة فعل "النكاية" مسيحياً ب" الوطني الحر" ومن خلفه رئاسة الجمهورية لا أكثر، ومحاولة إزالة أي صورة تأييد مسيحية خارجية عنه، وهي صورة لا تعكسها، بحسب المعلومات، لا دوائر الفاتيكان ولا تستسيغها ممثليّة الكرسي الرسولي في بيروت ولا الكنيسة الإنطاكية المارونية طبعاً، صاحبة المصلحة في عدم إقحام الكنيسة الكاثوليكية الأمّ، في صورة النزاع السياسي الدائر في لبنان.

ثم أن الحريري، وعلى ما قال وبيّن، توجّه إلى الفاتيكان على نية البحث في شؤون لبنانية، وهو المُدرك ضمناً أن دور الفاتيكان الحالي "راعوي" بالنسبة إلى المسألة اللبنانية ككل، وعامل تقريب لا تباعد بين اللبنانيين. عند هذه الصورة، ما هي النتيجة التي تمكن من تجميعها الرئيس المكلّف غداة ما صرّح به؟ ثم ما هي النتائج التي استقاها من خلوتين، الأولى مع الحبر الأعظم البابا فرنسيس، والثانية مع أمين سر الدولة الكاردينال بييترو بارولين، بحضور أمين سرّ الدولة للعلاقات مع الدول المطران بول ريتشارد غالاغير، وهل يمكن عكسها على مسار جدي يؤدي إلى تأليف حكومة؟

بالنسبة إلى متابعين في بيروت، فإن شرود الحريري وغروبه لن يُسفر سوى عن تأخير موعد التأليف إلى موعد بات يتخوّف أن يتخطى فصل الصيف المقبل، في ضوء الخلل الذي يعتري المبادرة الفرنسية، والتي تقترب من إحياء سنويتها الأولى من دون أي نتيجة تُذكر، وتأكيد المؤكد من أنه ـ أي رئيس الحكومة المكلّف ـ لا بد أنه ينتظر إشارة خارجية ما. القصة لا تتصل فقط بـ"جبران وحلفائه"، كما أعلن الحريري واتّهم من على منبر الفاتيكان ورمى من وراء ذلك إلى إظهار أن المشكلة من "عندياتهم" فقط، ولا تمتدّ إلى محاولة خَلق اشتباك "طائش" ومختلف على قارعة تشكيل الحكومة عنوانه الخلاف على أي جهة أو نظام إقتصادي لا بد أن نتوجّه. بل أن القصة الأساس تتمثّل في ارتباطات الحريري ورهاناته الخارجية و "الأوكي" التي ما زال يراهن أن ساعة قدومها قد اقتربت، وبهذا المعنى ليس عليه سوى الإنتظار وتحسين شروطه.

ثم أن الحريري، وفيما لو أراد حقاً التأليف بمعزل عن أي إشارة تأييد ينتظر قدومها، لكان استغل جرعة الإيجابية التي خلفتها زيارة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط إلى قصر بعبدا على شكل قبول بصيغة 24 وزيراً، ولكان قدّم تشكيلة مختلفة إلى رئيس الجمهورية على هذا الأساس، إنسجاماً مع الآليات الناظمة التي عمل على إنتاجها رئيس مجلس النواب نبيه بري. بدلاً من ذلك، غرق في الزيارات الخارجية قاطعاً أي اتصال داخلي مرتبط بأي احتمال ذات صلة بمشروع التأليف، متجاهلاً ما ورده من أن تأليف الحكومة لا بد أن يحصل في بيروت، وليس في أي عاصمة خارجية أخرى.

في الطريق إلى ذلك، يتعمّق الإنهيار، والجهات التي يُراهن الحريري عليها، لكي تخوض غمار الإنقاذ، تنفرط رويداً رويداً. ما سمعه الحريري في روما من قبل الساسة الإيطاليين، كما يُنقل في بيروت، يزيد الشكوك حيال ما يُحضّر أوروبياً للبنان، والدخول الألماني بالشراكة مع الفرنسيين، يوحي أن الفرنسيون باتوا يميلون إلى الإنكفاء التدريجي عن الخوض في المسألة السياسية اللبنانية مع قرب دخول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عامه الأخير في الولاية، وقرب تفرّغه لشؤون بلاده الداخلية.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
"نساء المخابرات" الى الواجهة بين ايران واسرائيل: خداع جنسي وفتاوى تبيح "تسليم الجسد"! 9 "بسحر ساحر تتصل غادة عون"... اليسا تستنكر: "هيدي بأي بلد بتصير"! 5 "الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 1
بعد إنتحار شاب... نائب يُثير موضوع ألعاب الميسر 10 إلى القوات وحلفائها… حان وقت الإستقالة 6 "المخابرات السورية تتواقح في لبنان"... إيلي محفوض يكشف عن مؤامرة خبيثة تُحضر! 2
عن الشهيد "حيدر"... حزب الله ينشر فيديو بِعنوان "يستبشرون" 11 200 ألف مقاتل سوري يهددون لبنان.. ناجي حايك يتحدث عن "أمر كبير" طُلِب من الحزب! 7 عملية للحزب في عمق اسرائيل... صقور متفجرة تدك القاعدة العسكرية الأكبر! 3
بالفيديو: محامية تتعرّض للضرب على يد زوج موكلتها 12 مع ارتفاع درجة الحرارة... نمر يوضح امكانية "حدوث هزّات أرضية"! 8 نائب يودّع العزوبية بعد أسابيع! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر