"ليبانون ديبايت" - علي الحسيني
دخلت البلاد في مُنعطف جديد عقب اعتذار الرئيس سعد الحريري عن مُهمّة تأليف الحكومة، ويكاد يكون هذا المُنعطف، بحسب ما يجري تسريبه من خلف كواليس السياسة الخارجية، بمثابة حجر الزاوية الذي عليه سيُعاد ترتيب الوضع اللبناني على الصعيدين السياسي والإقتصادي. وعليه، تُشير مصادر سياسية بارزة كانت تعمل حتّى الأمس على تقريب وجهات النظر بين أصحاب الربط والنزاع في الموضوع الحكومي، بأن الواقع الحالي، وتحديداً بعد الإعتذار، لا بد أن يوصل في مكان ما، إلى نهاية طريق مُظلم امتدّ سواده لأكثر من تسعة أشهر.
لبنان تحت الوصاية الدولية!. بغض النظر حول صحّة هذا القول من عدمه، إلّا أنه يُترجم في أكثر من مكان، رغبة اللبنانيين بالخروج من الشرنقة الموجعة التي أحاطتهم بها السلطة منذ عامين وحتّى اليوم. ويُمكن القول أن انفراط عقد تأليف الحكومة، هو أفضل ما حصل للشعب اللبناني على الإطلاق في هذه المرحلة، والذي دلّ على انهيار التسويات السياسية التي كانت بدأت في شباط عام 2006 بين "حزب الله" و"التيّار الوطني الحر"، والتي انضمّ اليها لاحقاً كل من حركة "أمل" وتيّار "المستقبل" وحزب "القوّات اللبنانية"، وإن من بوابات أو تسميات أخرى، وهي التي سمحت بوصول الجنرال العائد إلى رئاسة الجمهورية.
برأي المصادر السياسية، أن التسويات هذه، بكل فروعها هي التي سلّمت لبنان إلى "حزب الله" قبل أن تنتهي مع اعتذار الحريري. لكن هذا، برأي المصادر، لا يعني "عفا الله عما مضى"، بل أن الجميع سيدفع ثمن هذه الإرتكابات، حتّى ولو حاول البعض نفض أيديهم مما حصل، أو التلطّي خلف "الثورة" وشعاراتها. علماً أنه يُسجّل لرئيسي حزب "القوّات اللبنانية" سمير جعجع و"التقدمي الإشتراكي"، تراجعهما عن أفعال "الجرم" التي ارتكباها من خلال التسويات على قاعدة "أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً".
وسط التخبّط الجماعي داخل ما تبقّى من حلف يجمع بين ثناياه، عقول لم تتمكّن حتّى اليوم من التوصّل إلى رأي واحد ينتج عنه اسم يتولّى رئاسة الحكومة، تعود المصادر السياسية لتشرح الوضع المُنتظر، فتشير إلى أن "الضغوطات الخارجية من الآن وصاعداً، هي التي ستتحكّم بمصير لبنان، حتى ولو عمل الحلف المُبقّي على تأليف الحكومة، على ذرّ الرماد في العيون حفاظاً على ماء وجهه. وهذه الضغوطات سوف يُسفر عنها انتخابات نيابية جديدة، حتى في ظلّ القانون الإنتخابي الحالي، وهذا سيؤدي في نهاية الأمر إلى تصحيح موازين القوى السياسية في لبنان، وإلى إنتاج بيئة صحية شبابية تُعيد تصويب الأمور على قاعدة وطنية لا حزبية أو طائفية.
وبحسب المصادر، فإن "الفرنسي"عرّاب المُبادرة الحكومية، لم يتعاطى هو الآخر مع أفراد هذه السلطة كما كانت طريقة التعاطي من قبل. فعلى سبيل المثال، فإن تعاطيه مع الرئيس سعد الحريري خلال فترة التأليف، لا يليق بحجم الرجل السياسي والشعبي ولا بتاريخ العلاقة التي جمعت آل الحريري بالدولة الفرنسية لسنوات طويلة، وقد ظهر هذا التعاطي يوم أُجبر الحريري على التوجّه إلى قصر "الصنوبر" للقاء وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، علماً أن آل الحريري، لطالما كانوا ضيوفاً في قلب قصر الإليزيه وغيره وعلى مائدة الرؤساء والأمراء.
وتختم المصادر السياسية قولها: المؤكد أن هذه السلطة بكل أحزابها وشخصياتها، لم تنتهِ بعد، لا سياسياً ولا شعبياً، ولكن المؤكّد، أن الإنتخابات النيابية سوف تحدّ حتماً من قدرتها وسطوتها، وسوف تسحب من تحت بساطها، مقاعد وزارية ونيابية، وقد بدأ يظهر تراجع دورها، داخل النقابات التي سيطرت عليها لعقود من الزمن.
|