Beirut
16°
|
Homepage
ترسيم الحدود: هل يُبادر "حزب الله"؟
عبدالله قمح | المصدر: ليبانون ديبايت | الجمعة 01 تشرين الأول 2021 - 6:30

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

يقف ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية عند "كوع" خطير. على ما يبدو هناك سباق يدور بين قوّتين: "المحافظين" و "الإصلاحيين". الأول يمثّل طرفاً يُريد تثبيت الوفد عند الدعائم التي تأسّس عليها، أي المحافظة على نقاوته العسكرية، بينما الثاني جهّز نفسه إستعداداً لـ"زلق الأول"، في السياسة طبعاً، ولعلّه يستفيد من التباينات الراهنة. ومتى نجح هؤلاء في مسعاهم و"دُجّن" الملف ومضى "الدافعون" في طريقهم نحو تحقيق أهدافهم، عندها لن يكون "الملف" موضع إجماع، لا بل قد "يُدَحرج" البلاد في المجهول ويتم تضييع كل ما أنجز!

الآن، وفي ضوء التطوّرات الراهنة واتضاح أن ثمة قوى فاعلة تُريد حرف ملف الترسيم باتجاهات مختلفة، وإخضاع الوفد العسكري التقني إلى التنقيح السياسي، يصبح "حزب الله" بصفته قوة دفع محلية قوية وقائم حالياً من حيث وضعية تمثيله في وزارة الأشغال ذات الصلاحية في الملف، مطالبٌ بوضوح موقفه وكسر حالة الإعتصام بالصمت المخيّمة عليه طوال فترة الخوض في موضوع تعديل المرسوم 6433.


خلال الأيام الماضية، تدفّقت أكثر من إشارة عميقة لها صلة بملف الترسيم والوفد المكلّف بإدارة المفاوضات، وأفصحت عن رغبة في تنشيط الملف من جديد، طبعاً وفق القواعد التي جرى ترسيخها سواء على "طاولة الناقورة" أو غيرها. وعلى مبدأ الإستفادة من تأليف الحكومة الجديدة، انبرى الفريق الأول أي المحافظ باتجاه "توسيع بيكاره" من خارج أي تطوّر خارجي طبعاً، ومضى باتجاه إتمام جولات على المسؤولين المباشرين والمعنيين بالملف لشرح كافة تفاصيله وأهمية إدخال التعديلات على المرسوم 6433 بما يُكرّس حق لبنان قانونياً، بينما الفريق المقابل نشط بشكل عكسي ساعياً وراء منح السياسيين جرعةً إضافية على شكل "ورقة" ضمن الوفد سواء على صعيد موظف في وزارة الخارجية أو "مستشار سياسي" لا فرق، مستغلاً عدة عوامل من بينها جمود المفاوضات غير المباشرة واستحقاق تقاعد رئيس الوفد العسكري التقني العميد بسّام ياسين والتمديد له.

على أي حال، كان الوفد يمضي في جولاته على المرجعيات الصالحة لبتّ أمر تعديل المرسوم 6433، وكان قبل يومين قد التقى وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية الذي يُفترض أن يبدأ باقتراح تعديل المرسوم من مكتبه. ما يمكن تسجيله من ملاحظات، بحسب مصدر إطلع على مضمون الجلسة، فإن وزير الاشغال المحسوب في السياسة على "حزب الله"، كوّن فكرة واضحة حيال الملف، ولم يكن بعيداً عن طروحات أعضاء الوفد لناحية تناوله القضية من زاوية علمية ومنطقية بحتة، مع المحافظة على الحقوق اللبنانية، إلى حدّ فاجأ الوفد بمعرفته أدقّ التفاصيل. هذه الأجواء انسحبت إيجابياً على الحاضرين الذين وجدوا أنفسهم يتعاملون مع شخص "تقني" و"كامش" ملفه بدقة، ومستعد أن يبحر بعيداً، لكن يبقى أن تصبغ كل تلك الميزات بتغطية سياسية يُفترض أن يمنحها الحزب .

بطبيعة الحال، وضعية "حزب الله" بالنسبة إلى المرسوم 6433 دقيقة. بالنهاية، هو حليف لرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يُحافظ على نظرة مختلفة تجاه القضية، بحيث لا يخفي رغبته في العودة إلى طاولة المفاوضات على أساس الخط 23 مع العلم أن "اتفاق الإطار" لا يلحظ ذلك. هذه النقطة في الأساس يمكن أن تشكّل عامل قلق بالنسبة إلى الحزب، فإذا ما تمّ توقيع التعديلات على المرسوم 6433 وجرى نقل الحدود من الخط 23 إلى 29 وأودع المرسوم لدى الأمم المتحدة وأعلن الحزب تأييده وتبنّيه لخط الحدود كما سبق وأعلن، وعادت المفاوضات غير المباشرة على هذا الأساس، يمكن أن يجد الحزب نفسه ملزماً بالدفاع عن الخط 29.

هنا، يجب أن يعلم الحزب أن الخط المذكور هو خط تفاوضي وليس خطاً نهائياً للحدود، وهذا أمر طبيعي كما تفعل كل الدول قبل الذهاب إلى المفاوضات بالمطالبة بالحدّ الأقصى، وهو خط يحفظ الحقوق ويهدّد الشركات من الناحية القانونية والإقتصادية قبل الذهاب إلى الدفاع عن هذا الخط عسكرياً. بينما عدم تعديل المرسوم يعني القبول بالذهاب إلى التفاوض إنطلاقاً من الخط 23 والحصول على أقل من 860 كلم مربع. فلا خوف من التراجع عن الخط 29 والحصول على أكثر من 860 كلم مربع إنما الخوف فرض التفاوض على مساحة 860 كلم مربع بسبب عدم تعديل المرسوم وبسبب وجود الخط 23 في الأمم المتحدة وقبول لبنان بالذهاب إلى التفاوض على هذا الاساس.

ثمة قضية أخرى يخشاها "حزب الله" وتتّصل بنظرته الشرعية إلى الملف. بالنسبة إليه "إسرائيل" ليست الجهة الصالحة للتقرير في حدود ليست ملكها بالمعنى الشرعي ـ الحقوقي، والمعضلة الأصعب كيف لمقاومة أن تعترف بحدود دولة لا تعترف بوجودها أصلاً! لذلك، مضى "حزب الله" تاركاً الملف خلف ظهره رغم أنه التزام بما تحدّده الدولة من حدود بصفته معنياً بحمايتها. وبنتيجة ابتعاده، وإن صحّ القول صعوبة التقدير، بالغ البعض في مستوى استهدافها سواء للمرسوم أو لمهمة الوفد المفاوض، وسمح لبعض المتدخّلين المتحرّكين وفق الإشارات الخارجية، من الدخول على الملف والتلاعب به.

الآن، لا بدّ من العودة إلى كلام السيد حسن نصرالله على أبواب بدء جولات المفاوضات غير المباشرة العام الماضي. حينذاك، نصح الوفد المفاوض بأن يتصرف من موقع القوة لا الضعف، وإن إسرائيل، وفيما لو أرادت منعنا من إستخراج نفطنا، فسنمنعها أيضاً. عملياً، كانت تلك العبارة جرعة قوة استفاد منها الوفد على "طاولة الناقورة" بمقدار جيد نسبياً، واليوم، المطلوب إسقاط عناصر القوة تلك على ماكينة الدفع تجاه إقرار التعديلات على المرسوم 6433. وينتظر في هذا المجال، أن يحوّل كلام الوزير حمية إلى أفعال سيشكل "حزب الله" حصنها الحصين.

على الأكيد الحزب يعلم بطبيعة ما يجري الآن، ولا بد أنه مدرك لمدى وجود هجمة شرسة للإطاحة برئيس الوفد واستبداله بموظف سياسي من سلطة لا تؤتمن على حقوق. يفترض ألا يسمح الحزب بإجراء تلك التغييرات. هو يمثّل الآن بوصلة الملف، ولطبيعة حضوره الحالي وقوته لا تعود قاعدة التجاهل صالحة. وقرار الإنتقال من حالة الغموض إلى الوضوح، له قدر عالٍ من التأثير. وحين يقرّر وزير الأشغال رفع اقتراح جديد بإدخال تعديلات على المرسوم وضمّها جدول أعمال مجلس الوزراء ويكون متحصّناً بقرار من الحزب، يكون قد أدخل عناصر القوة التي تحدثت عنها السيد نصرالله سابقاً إلى الملف، ويصبح هنا للصواريخ معنىً أوسع نطاقاً.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
منصوري يكشف سبب تأخر المصارف بتطبيق القانون 166 9 بعد الإعتداء على محامية وتحرُّك القضاء... إليكم ما فعله الزوج! (فيديو) 5 بعد تغريدة أشعلت المملكة السعودية... وهاب "مُحاصر" بالشائعات! 1
كمينٌ مُركّب لحزب الله... إسرائيل تستخدم ساتر دخاني لسحب الخسائر! 10 إنخفاضٌ في أسعار المحروقات! 6 بلبلة في صفوف قوة الـرضوان والسيّد يتدخل شخصيًا... يا ويلكن ويا سواد ليلكن! 2
إهتمام قطري بآل الحريري 11 "إلغاء تعميم الـ 20 مليون ليرة"... بيان من "الضمان" 7 الساعات القادمة حاسمة... تحرّكات "مفاجئة" تلوح في الأفق! 3
جلسة التمديد تفضح علاقة باسيل بأعضاء كتلته… نائب يتحول إلى ساعي بريد 12 الحلبي يعدّل عطلة عيد الفصح الأرثوذكسي 8 إلى القوات وحلفائها… حان وقت الإستقالة 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر