Beirut
16°
|
Homepage
العبورُ إلى الضفة
روني الفا | المصدر: ليبانون ديبايت | الخميس 27 تشرين الأول 2022 - 9:08

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

كل البشر يعبرونَ من ضفةٍ إلى ضفة. مع كلِّ عبور يتغيّرُ اتّجاهٌ وتتبدّلُ وجهةٌ ويتحققُ الإنتقالُ من مكانٍ إلى آخَر. وحدها الضفَّةُ الغربيَّةُ في فلسطين استثناء. عبورُكُم فيها يَكُونُ دائِمًا منها إليها. في الضفّةِ لا تتغيرُ الإتّجاهاتُ ولا تتبدَّلُ الوِجهات. سِرْ أينما شئتَ تواكبكَ البنادق. الانتقالُ فيها يكون من حالةِ الزِّنادِ إلى حالةِ الرماية. الضفةُ الغربيةُ قلعةٌ مسوّرةٌ بأكفانِ شهدائها. لا يمكنكَ أن تتابعَ قصصَ الأبطالِ هناك دون أن تتمنى التسلُّلَ الفكريَّ إلى نابلسَ وجنينَ وطولكرم وقلقيليةَ والخليلَ وبيتَ لحم وتتخيّلَ نفسكَ مدججًا بكل ما يلزم لتحريرِ بلدك. في الضفّةِ أنتَ في داخلِ أسطورةٍ تعيشُ مع أبطالٍ حقيقيين.

هذه المقاومةُ المتوقِّدة دائمًا كشعلةٍ أولمبية. مقاومةٌ تجترِحُ فيكَ معجزة. تُحَوِّلُكَ من خَمولٍ لا مبالٍ إلى أسدٍ شرِسٍ تدافعُ بكل جوارحكَ عن فلسطين. ثمَّ يعودُ السؤالُ نفسه ليقرعَ بابَ هجعتِكَ وأنتَ على أهبةِ الإستسلامِ لمورفيوس ملكِ النعاس: لماذا فلسطين؟ لأَنَّ الإنجيلَ قيلَ هناك. خذوا كلوا هذا هو جسدي. قبسٌ من القرآن أُنزِلَ هناك. كلُّنا ندين لفلسطين في ما نحن عليه. دينُنا. إنسانيتُنا. ثقافتُنا. عروبتُنا. إسلخوا فلسطين يبقى مِنّا الهيكلَ العظميَّ فقط.


تسألُ نفسكَ دائمًا ماذا يمكنُ أَن تفعلَ بعد؟ أن تقرأكَ ربما أمُّ عُدَيّ التميمي فورَ نشرِ مقالتك؟ أن يصلَ صوتُكَ إلى آلافِ الأصواتِ التي كبَّرَتْ عند استشهادِ وديع الحَوح؟ ربما إنما تشعرُ بالخجل. بينَ أن يكتبَ عُدَي ووديع ورفاقهم فلسطين بمحبرةٍ معبأةٍ بالدم وأن تكتبَ أنتَ بمحبرةٍ عاديةٍ وأنتَ تُمارِسُ تَرَفَ الكتابَةِ فَلا بدَّ أن تخجل. لا استثناءَ عن قاعدةِ المعادلةِ التي تفيدُ أنَّ خصلةً من شَعرِ الشهيدِ في فلسطين أغلى من أبلغِ ديوانِ شعر وأثمَنَ من أيِّ تأبينٍ ورقيمٍ بَطرِيَركي.

المستوطنون. يُحكىى عنهم أنهم أَسرى هواجس غريبة. يتناقلون بينَ بعضِهِم البعض خبرًا مفادُهُ أنَّ عُدَي يخرجُ إليهم من قبرِه كلَّ ليلة. يُطلِق عليم النار وهو في كَفَنِه. خذوا احتياطاتِكُم! الشهداءُ في فلسطين يطلقونَ النارَ على المحتلِّ بعد استشهادهم. احذروا عُدَي. إحذروا النابلسي. إحذروا الحَوح. مستوطناتٌ تعيشُ تحتَ قرميدِ الحذر. مستوطَناتٌ تخافُ من الجثامين. لا عجب! الله كسَرَ قاعدةَ الموتِ في فلسطين. كفّنَ كل شهيد مع بندقيةٍ ملقّمة. بنادق تخرجُ من بطنِ الأرض. في فوهاتها أجراسٌ ومآذِن.

بُؤَر استيطان. عددها سرطاني. قالوا لساكنيها أُسبوا. أهدموا وأَعدِموا. إقَطَعوا سُعَف الزيتون والأشجارَ المُثمِرة. شقوا طُرُقًا إلتفافية. أبنوا الأسوار. أضيئوا الأبراج. ركّبوا مناظير ليلية على نوافذكم. أبلِغونا عن كل بعوضة تغط على شرفاتكم. ناين وان وان يتلقى شكاويكم. ناموا مع الخوف واستيقظوا مع الرعب. بين نومكم ويقظتكم داعبوا هواجسكم. انتم لا تعرفون مع من تلعبون. انهم أصحاب الأرض. يخرجون إليكم من سُعَف الزيتون.

من عرينها لن تزأرَ أسودُ فلسطين. ستجدونها واقفةً عند الردهة. عند بابِ المطبخ. عند مدخلِ البناية. ستفاجئكم وأنتم تفتحونَ بابَ البراد بعد منتصفِ الليل تتناولونَ تفاحةً ليست لكم وتشربونَ كوبَ ماءٍ ليست لكم. سيكونُ الأسدُ جائعًا. ستكونونَ لقمةً سائغة. الناين وان وان سيكون خطًّا مشغولًا. الخط الساخن يكون شغّالًا في خدمة شعب. يطرأُ عليه عطلٌ دائم في مواجهة شعب.

أُنظروا إلى صينية البقلاوة. توزّع أمهات الشهداء منها للمارة في الخليل ونابلس وجنين وطولكرم والبيرة وقلقيلية. غدًا ربما في بيت لحم حيث قتلتم المسيح. دمه أيضًا على الجلجلة. بقلاوة وكوفيّة مسدّس ماركة تَميمي هي ثلاثية فلسطين الجديدة. عن بوليس رام الله كلمة. لا تحمِ الباغي! ماتَ أوسلو يا صديقي. جثَّتُه مرميةٌ على أطرافِ صواني البقلاوة!
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
بعد الإشارة بحقّه في قضية "التيكتوكرز"... سنجر يكشف خلفية الهجوم عليه! 9 "قلق وخوف" في طرابلس... على المسؤولين التحرّك فورًا! 5 فضيحة "مدوّية" هزّت لبنان... انتبهوا لأطفالكم! 1
"سيرجيو"... الموقوف رقم 10 في قضية "عصابة التيكتوكرز"! 10 "حدثٌ عظيمٌ"... جنبلاط يتحدّث عن "يوم النصر"! 6 سحب العناصر "أنجز" 2
لِضبط وتنظيم ملف السوريين في لبنان... الأمن العام يضع استراتيجية! 11 باسيل يدير ميشال عون 7 خطر كبير يهدد سكان الأشرفية ودعوة عاجلة لـ "حراسة ذاتية".. نديم الجميل يرفع الصوت! 3
جديدُ قضية "عصابة التيكتوكرز"... بلاغ بحث وتحر ومذكرة إحضار بحق متورّط! 12 درجات الحرارة إلى ارتفاع كبير... وهذه المناطق ستنال حصّة الأسد! 8 من جديد... راصد الزلازل الهولندي يثير الجدل بمنشور عن "العرب" 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر