المحلية

ليبانون ديبايت
الجمعة 08 كانون الأول 2023 - 08:07 ليبانون ديبايت
ليبانون ديبايت

"حزب الله": كُل المقاومة "وحدة الرضوان"

"حزب الله": كُل المقاومة "وحدة الرضوان"

"ليبانون ديبايت"

سيكون لبنان أمام اختبارٍ كبير وجدّي خلال الفترة المقبلة عنوانه: إبعاد "حزب الله" (أو ما يسمّونه قوّات الرضوان) عن الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة. لذلك تحشد القوى الدولية وتعمل على تحريض بعض قوى الداخل على التمرّد، مع توقّع ازدياد الضغوطات. في المقابل يحشد "حزب الله" قواه أيضاً، ومن خلفه قوى حلفائه. وكان أرسل رداً أوليّاً حيال الضغوظات الآخذة بالتصاعد عبر جبهة الجنوب، على شكل تكثيف عملياته العسكرية ورفع نوعيتها، وسياسياً في الداخل على مستوى إعادة تزييت محرّكاته.

خلال ما تبقّى من أيام الحرب والمقدّرة بحسب الإسرائيليين أن تدوم من شهرين إلى ثلاثة أشهر، تسعى تل أبيب ومن معها من دول غربية، إلى فرض معادلة جديدة في الشمال (جبهة جنوب لبنان) لم تستطع تثبيتها أو تحقيقها من خلال الجولات العسكرية، قوامها إبعاد الحزب عن خطّ الجبهة الأمامي ودفعه إلى شمال النهر.

لذلك عملت خلال الأيام المنصرمة على تكثيف اعتداءاتها العسكرية وضرباتها التي تطال مناطق في جنوب لبنان، كنوعٍ من الضغط العسكري المتزامن مع تصاعد الضغوطات الدولية لتنفيذ القرار 1701، وسط حراك أميركي – فرنسي يأخذ شكلاً تهويلياً على لبنان، يتقاطع مع تحريض بعض القوى الداخلية على إطلاق حملة ضد سلاح "حزب الله" وتسوّق لتطبيق القرار 1701 بأي شكل!

وثمة من يظن أو يعتقد أن هذا المشروع مرتبط بتداعيات ونتائج معركة "طوفان الأقصى" وهجوم المقاومة على مستعمرات غلاف غزّة، وبالوضعية الحالية التي تمخّضت عن جولات القتال الجنوبية، وبموقع المستوطنين الإسرائيليين من الصراع، ومن خشية تل أبيب على هؤلاء أن يبقوا بعيدين عن بيوتهم في الشمال، ومن خشيتها من الفراغ الذي قد يسود المنطقة، ومن عجزه بإقناع مستوطني الشمال بالتسلّح على غرار مستوطني الضفة.

ومن خلال التدقيق بسيل المواقف الإسرائيلية السابقة في كل المراحل، يتبيّن أن هدف إبعاد الحزب قديم ولا يرتبط بالتغييرات الراهنة. وكان طرح أكثر من مرة وفي أكثر من شكل، من خلال وسطاء زاروا بيروت تدريجياً، أو خلال مرحلة عدوان تموز عام 2006 حيث سعى العدو حين أخذ النقاش يتفاعل في مجلس الأمن حول وقف إطلاق النار، أن يصدر قرار يُلزم "الحزب" عدم التواجد جنوب النهر. وأيضاً حديثاً، أعيد طرح ذات الفكرة تقريباً من خلال ما سُمّيَ "نظرية تبادل الأراضي" عبر التوصل إلى إتفاقٍ حدودي برّي بين لبنان وإسرائيل برعاية أميركية وتحت رعاية الوسيط الأميركي "الجوّال" عاموس هوكشتين شخصياً، ظناً منهم أنه ينزع الذرائع من جيب "حزب الله".

التدقيق في أوراق تلك المرحلة، يكشف أن هوكشتين لم يسع فقط، كما إدارته، الى ترسيخ فكرة قوامها "توفير سُبل تُتيح إبعاد تأثير حزب الله عن الحدود"، فرعى موضوع الإتفاق البحري وفي ما بعد، ساهم في توفير أجواء مؤاتية لبدء التنقيب عن الغاز، إنما محاولة الإجهاز إستباقاً على مشروعٍ يعمل عليه الحزب، ويتمثّل بوضعه خططاً عسكرية وتأسيس وتدريب تشكيلات مهمتها فقط الدخول إلى منطقة الجليل. من هنا دُشّن العمل على إخراجه. لذلك مثلاً، ساهم الحزب "بطريقةٍ ما" في ضرب مشروع "الإتفاق البري" حين وصل خلال اجتماعات الناقورة إلى مراحله الأخيرة على اعتبار أنه كان يهيئ لجدول أعمال ذات ترتيبات أمنية ترتبط ببدء تنفيذ مشروع إبعاد المقاومة عن الحدود.

ويعتبر العدو هنا أن وجود "حزب الله" جنوب النهر بشكلٍ عام وعند الحدود بشكلٍ خاص، ولو أنه لا يترافق مع أي عمليات حربية على شاكلة ما يجري اليوم، يؤدي لإصابة العدو بضعف! حيث أن مهمة هذا الحضور دائماً ما كانت ترمي إلى تأمين مستلزمات أي عمل عسكري مستقبلي من جمع وتحديث المعطيات الأمنية والإستخباراية ذات العلاقة بإفادة الحزب في بناء تقديرات عسكرية وتطوير وتحديث بيانات على صلة ببنك الأهداف، إلى جانب إفادته بإجراء مناورات دائمة، ما يعني أنه يعمل، بشكلٍ مستمر، على إشغال الحدود لفترات طويلة ما يوجب على العدو البقاء في جهوزية حربية وعسكرية دائمة فيما العدو مردوع عن التصرف إزاء ذلك.

في الواقع تمثّل "وحدة الرضوان" بالنسبة إلى العدو كل شي تحت الأرض وفوقها، من منشآت ومنصات وتحصينات، وعناصر يتحركون مهما كان نوعهم، ومراكز ثابتة ونقاط متقدمة، أي أنه وبمفهومه، "الرضوان" كناية عن "حزب الله" كله بجميع أقسامه، وهو ما يتطابق مع مفهوم الحزب نفسه، الذي يعتبر أن "الرضوان" تمثّل عملياً كامل الحزب. لذلك وإذا كان الهدف الإسرائيلي يتمثل في إبعاد "وحدة الرضوان" إلى شمال النهر، يصبح الحزب كله دفعة واحدة جنوب النهر بمثابة "وحدة رضوان"! وبناءً عليه، يتحول تلقائياً إلى "وضعية المواجهة" من أجل الحفاظ على وجوده غير المطروح على المساومة بأي شكل من الأشكال، وهو ما جرى إبلاغه إلى من يأتي ثم يذهب!

وإذا كان الحزب "استجاب" ربما في مرحلة من المراحل لبحث مسائل لها علاقة بإجراءٍ انسحابٍ إسرائيلي من نقاط خلافية مقابل إزالة خيمته الشهيرة من مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، فإنه اليوم ليس في هذا الوارد إطلاقاً، ولن يقبل بشروط تسوية يعتبر أن هدفها الأساسي نقل المعركة ضده من الميدان العسكري إلى السياسي. والأكيد أكثر، أن الجميع في لبنان باتوا في هذا الجو، وثمة حذر من جانب القوى الداخلية الأساسية (باستثناء القوات اللبنانية) من مغبّة الخوض في هذا المجال، وهناك إرباك غربي على مستوى كيفية جرّ الشارع السنّي إلى مشروع الضغط مع فارق يتمثّل في غياب تأثير المرجعية القادرة، وما يزيد الأمور تعقيداً موجة التعاطف السنّي مع المقاومة نتيجة ما يحصل في غزة.

عملياً، "حزب الله" في صورة أن ما يجري اليوم كناية عن تهديدات غير قابلة للصرف، لعلم العدو قبل غيره بإمكانيات المقاومة من جانب، وقدرتها على إرباك وضرب مصالح الدول التي تحتشد خلف تل أبيب وتمارس دوراً قذراً في لبنان وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدة، ولاستعداده للذهاب بعيداً في سبيل المحافظة على وجوده، ولإدراكه أيضاً بصعوبة مغادرة الحزب جنوب النهر، لأنه ببساطة مكوّن من نسيج المنطقة. لذلك ستبقى قواعد اللعبة على هذا النحو، ولن تخرج المقاومة من مواقعها، سواء تمّ التوصل إلى إتفاقٍ حدودي أم لا.

باختصار نحن أمام مرحلة استعصاء حلول.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة