Beirut
16°
|
Homepage
آرون بوشنيل أنعيكَ شَهيدًا!
روني الفا | المصدر: ليبانون ديبايت | الثلاثاء 27 شباط 2024 - 19:43

"ليبانون ديبايت"

كتب روني ألفا

توفي الجندي الأميركي آرون بوشنيل بعد أن أضرم النار في جسده على مدخل سفارة الكيان المؤقت في العاصمة الأميركية. بقدّاحة صغيرة أشعل آرون بزّته العسكرية. لم تتجاوب معه القداحة فأصرّ على قدحها مرات عدة. شهادة عن سابق تصور وتصميم.


آرون لم تحرقه داعش. حرقته اسرائيل ربيبة داعش. كان متخصصًا بالرصد التجسسي الالكتروني. قيادته قتلت عن بُعد مئات المقاومين الذين واجهوا الإحتلال في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن وفييتنام وأفغانستان.

شهد آرون على التنسيق مع الإسرائيلي في قتل العرب. كان يتصرف بأمر الطاعة قبل أن يتمرّد على قيادته بحرق نفسه. كان بإمكانه أن يهرب من الخدمة أو أن يستقيل لكنه فضَل الإستقالة بالموت الطوعي.
ما حدث لآرون بمثابة حرب على عقيدة غير أخلاقية. لا يمكن الإستهانة بهذا الحدث الذي هزّ المؤسسة العسكرية الأميركية ومعها الوجدان الجَمعي للشعب الأميركي.

الأميركيون في مرحلة إرهاصات صحوة قد لا تأخذ اليوم طابع تمرّد الشعب على قيادته السياسية ولكن بالتأكيد وعلى ضوء تصاعد حركة الإحتجاجات في الداخل الأميركي معطوفة على غلبة السردية الفلسطينية، بالتأكيد سيتحوّل آرون إلى رمز من رموز الوعي الجديد الذي بدأ يعصف بوجدان الشعب الأميركي.

أبعد من حدث عادي. بداية تفكك اللوبي الصهيوني المتحكم بالقرار السياسي في دولة هي الأقوى في العالم. شبح فييتنام وأفغانستان والعراق وغزّة كان حاضرًا أمام سفارة الكيان في واشنطن. قليل من البنزين في مستوعب صغير للقهوة كان كافيًا لإشعال حرب كبيرة. حرب رفض الحرب.

شعلة حقوق الشعب الفلسطيني توهّجت باشتعال جسد آرون. صراخه وهو يصيح: " حرروا فلسطين" سيتردد طويلًا في ضمير رفاق سلاح آرون. بالطبع سيقال أن جندي بالناقص لا يقدّم ولا يؤخر. غير صحيح. آرون عبّر عن سرطان عقيدي خبيث لا بدّ له من علاج. علاجه يكمن في التحرر من هيمنة الصهاينة على أقوى دولة في العالم. دولة فيها أرقى الجامعات وشعبها طيّب وسياستها قاتلة. طوفان الأقصى كان حاضرًا في مستوعب البنزين الذي أحرق جسد آرون.

صار آرون شهيدًا أسوة بشهداء غزّة. من تكساس الأميركية المكلومة باستشهاد ابنها إلى خان يونس يمكن التعزية بآرون كشهيد مكتمل أوصاف الشهادة. كأنه استشهد في غزّة لا في واشنطن فحسب.

مع شهداء غزّة الذين قضوا حرقًا بنار الصهاينة قضى آرون بالنار أيضًا. عزّت به المقاومة كأحد مجاهديها. لا دين ولا جنسية ولا مذهب للشهداء. الأميركي آرون شهيد أيضًا.

خمس وعشرون سنة كان عمر آرون. كان بإمكانه أن يعيش خمسين سنة إضافية. أن ينهي شابٌ في مقتبل العمر حياته من أجل قضية حقّ ففي هذا شجاعة إستثنائيَّة. استشهاده ثقافة حياة بالتأكيد. حياة من أجل رفض الذل. من أجل حياة كريمة لا للأميركيين فحسب ولكن أيضًا من أجل الفلسطينيين. لو قدّرَ للفلسطينيين أن يدفنوه لدفنوه شهيدًا.

مات آرون من فظاعة ما شهد عليه. عمل في القوات الجوية والدعم الاستخباراتي. التخطيط للقصف والاغتيال مرّ من المكاتب التي خدم فيها خلال حياته القصيرة. صُوّرَ له العدو على شكل عمامة أو بندقية مقاوم. تيقّن أنه يقتل الإنسان والحق بالحياة والحرية في عالمنا العربي. حتى اسمه الذي يشي بأصل يهودي لم يشفع له حتى يستمر بتصديق الكذبة. أحرق اسمه أيضًا بحرق جسده. وفاته أعطته آلاف الأسماء العربية.

لم يكن آرون جنديًا عاديًّا. كان من خيرة الجنود. عمل خصوصًا على تدريب ضميره. مظاهر القوة والبأس في الجيوش لا تكفي لتشكيل عقيدة. القوة النارية بدون ضمير تحرق من يستعملها. هذا بالتحديد ما يحرق إسرائيل في فلسطين.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
إنخفاضٌ في أسعار المحروقات! 9 إستبدال الشباب اللبناني بالشباب السوري.. فضيحة الهجرة الموسمية! 5 باسيل شخصياً وراء احالة الان عون الى مجلس الحكماء… والسبب صادم 1
"مش كل مرّة بتسلم الجرّة"... حادثة لا يمكن الإستخفاف بها! 10 بلبلةٌ لا مثيل لها في صفوف الموظفين... وإجتماع "عاجل"! 6 ماذا وراء الإنخفاض "اللافت" في أسعار المحروقات؟! 2
"هزة قوية"... راصد الزلازل الهولندي يُثير الجدل من جديد! 11 خوف مسيحي… قلق شيعي وارتياح سني 7 تسريب محادثة بين نبيه بري ومسؤول أميركي كبير... شيعة أميركا: لبيك يا بايدن ولكن! 3
ما علاقة ملاحقة سلامة أوروبياً بهبة المليار يورو؟ 12 تطورات صادمة في ملف "التيكتوكرز"... وتوقيفات جديدة! 8 جريمة قتل زينب معتوق: معلومات أمنية تكشف للمرة الأولى وقطبة مخفية إلى العلن! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر