Beirut
23°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
خاص
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
خيار الردّ وضع على الطاولة
عبدالله قمح
|
المصدر:
ليبانون ديبايت
|
الخميس
22
آب
2024
-
7:17
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
مع انتهاء الجولة الجديدة من المفاوضات في الدوحة الأسبوع الماضي على نتيجة مالت نحو السلبية، أعاد بنيامين نتنياهو تجديد ظهوره بمظهر المصرّ على الإستمرار في عرقلة التوصل إلى اتفاق في شأن مستقبل حربه على قطاع غزّة. وبالتالي عاد "محور المقاومة" ليضع على الطاولة خياره العسكري، رداً على إغتيال كل من القياديين فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية وإسماعيل هنية في طهران، وذلك بعدما أعطى "فترة سماح" للمفاوضات علّها تؤدي للتوصل إلى صيغة ينتج عنها وقف كامل لإطلاق النار في غزّة، بما ينسحب بدوره على جنوب لبنان.
في الطريق إلى القاهرة، التي تستضيف خلال الايام المقبلة الجولة الثانية من المسار التفاوضي الجديد الذي تصفه الولايات المتحدة بأنه "الفرصة الأخيرة" فيما يعتبره آخرون أنه يفتح الباب أمام جولة تصعيد جديدة في حال فشله قد تكون أوسع، عاد نتنياهو إلى تكرار اللعبة الممجوجة نفسها، ودخل مضارباً على زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي زار المنطقة ومنها إسرائيل وقد أجرى لقاء مع نتنياهو نفسه. وقد أضاف رئيس وزراء العدو على مضاربته قيوداً فوق القيود التي فرضها ويفرضها على المسار التفاوضي من خلال زيادة شروطه أو إجراء تبديلات على التبديلات التي خضعت لها بنود الإقتراح الأميركي لصفقة التبادل ووقف إطلاق النار، وأعاد تسويق أفكار وإنتاج أفكار لها علاقة بالتواجد عند معبري نتساريم و فيلادلفيا وأمور أخرى لم تكن في الحسبان.
وبات من الواضح أن نتنياهو يسعى إلى شيء من "قوننة" احتلال القطاع بدعم من واشنطن التي ما تزال تدعي أنها غير موافقة على الخطوة، كما أنه يأمل في التوصل إلى خيار "وقف التصعيد" وليس وقفاً دائماً لإطلاق النار، ما يبقي يده طليقة في القطاع. كل ما تقدم يوحي ان المفاوضات تترنّح أو تكاد، وإن نتيجة جولة القاهرة لن تكون مختلفة، وإن الخيار الذي بات الجميع أمامه، أو هم يكادون، ليس أقل من التصعيد.
قبل تبلور هذه الأجواء، كانت الديبلوماسية تتحرّك، عبر عواصم عدة من بينها بيروت، تولت نقل رسائل إلى كل من "حزب الله" وطهران، تضمنت دعوة واضحة إلى التريّث في الرد، وإعطاء "فرصة" للديبلوماسية وجولات التفاوض كي تؤدي غرض وقف إطلاق النار. طبعاً حزب الله لا يعول كثيراً على المفاوضات ربطاً بمروره بتجربة في أعقاب سقوط الصاروخ في مجدل شمس ومجيء عاموس هوكشتين إلى بيروت وخداعه قسماً من اللبنانيين بذريعة الضمانات، لكنه رضيَ بالاستمهال والتريث في ردّه حتى لا يُقال أن حزب الله (أو الإيرانيين) طيّر المفاوضات وتسبّب بنسف فرصة "حقيقية" لخفض التصعيد.
ليس سراً أن جولات التفاوض تلك عادت للإنطلاق بقوة الدفع التي تسبّب بها التهديد بالردّ على العدوانين في بيروت وطهران. وقد بيّنت بعض المصادر أن أطرافاً أبدت جديّة معينة في شأن التوصل إلى اتفاق، وإن دولاً مارست ضغوطاً بقوة على تل أبيب. يُضاف إلى ذلك أن رسائل مباشرة وردت، عن طريق وسطاء، إلى الحزب والإيرانيين على السواء، من بينها رسائل بعث بها الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين خلال وجوده في بيروت أخيراً، طالباً من "حزب الله" تأجيل الرد لما له من أثر بالغ على مسار الردود الأخرى، وإفساحاً في المجال أمام المفاوضات. وقد وردت أيضاً رسائل، من أكثر من مكان وعبر أكثر من طرف، وقد بنى محور المقاومة تقديراته في تأخير الرد، ليس على الدعوات أو الرسائل التي وردته، أو اقتناعاً منه بها أو بما زُعم أنها ضمانات، إنما على خيار تكون لديه في شأن تحميله مسؤولية إفشال المباحثات.
عملياً، وبعد كل التطورات الجارية، وضع الجانب الإيراني نفسه أمام احتمالات الرد في الشق الذي يعنيه منه، وقد أبلغ رسائله بأنه مستعد للتنفيذ، وهو غير مقيّد لا بزمان ولا بمكان ولا بطريقة ولا بمعيار. والإيرانيون، على ما هو واضح، يرفضون إلزامهم بحيّز معين في الرد، أو أسلوب أو طريقة، ويرفضون تقديم معلومات أو معطيات حول آلية التنفيذ والزمان والمكان والجغرافيا أو المدة التي سيستغرقها الرد، كما أنهم يرفضون الإنخراط في نقاشات حول أسلوبهم أو المعيار الذي وضعوه. وعلى ما تشير مصادر إيرانية، أن أطرافاً إقليمية، حاولت استفسار طهران عن ردها وشكله، ثم أنها وضعت في طهران رسائل ذات نمط تهويلي بينها ما يحمّل طهران عواقب أي انزلاق في الوضع العسكري في المنطقة.
كذلك، حاولت هذه الاطراف التأثير على الإيرانيين وسعوا أيضاً، وفي فترة لاحقة لجرّ الإيرانيين إلى جولات تفاوض مباشرة مع الأميركيين بذريعة الرغبة في الحد من التصعيد، وإن تعذّر ذلك، فيمكن إعتماد خيار جولات غير المباشرة تستضيفها أي عاصمة تسميها طهران. وقد طرح في وقت معين أن تكون العاصمة العمانية مسقط. غير أن القرار لدى طهران كان في عدم الإنخراط بجولات من هذا النوع تحت عنوان "التفاوض" أو غير ذلك، وإن الرفض يسري على الجلوس حتى مع مندوبين أميركيين بشكل مباشر أو غير مباشر، وهو ما ناقض كلاماً يُثار منذ فترة حول مفاوضات غير مباشرة تجري بين الأميركيين والإيرانيين، وما يتبين حقيقة لا يغدو أكثر من نقل رسائل يتولاه وسطاء مع إبقاء الخيار لدى الإيرانيين في قبول مناقشتها من عدمه.
من الواضح أن الإيرانيين قد حسموا أن تل أبيب هي من قامت بعملية اغتيال إسماعيل هنية في طهران. هنا، يشدد مصدر إيراني على أن طريقة التنفيذ ليست مهمة متى أن الإغتيال قد حصل فعلاً. ولا ينفي أن الأميركيين، أيضاً عبر وسطاء، حاولوا إيجاد ترتيب معين للاعتداء على طهران، وفي مكانٍ آخر كانوا واضحين بأن تل أبيب هي من تقف خلف الإغتيال رغم تمنع إسرائيل عن الإعتراف بالعملية.
لا تنفي الأجواء الواردة من طهران، عن وجود نقاش كبير هناك يتعلق بالرد، وحجمه وقدرته ومدى قوته، وهناك عدة وجهات نظر تشدّد على أن إيران تصرّ على انتقامها، وأن يكون الرد المطروح، واضحاً وقوياً ووظيفته تشكيل ردع أمام إسرائيل، وأخرى تعتبر أن الرد ليس مطلوباً منه أو عملياً ليست وظيفته الآن أن يؤدي للذهاب نحو حرب مفتوحة، وبالتالي من الضروري أن يكون مضبوطاً. بينهما، ثمة طرف إيراني آخر يبدو حذراً بعض الشيء، حيث أنه لا يناقش في أصل الرد كون ما جرى استهدف ركناً أساسياً من مفهوم السيادة، لكنه في الوقتٍ نفسه، ليس مستعداً أو أنه يفضل عدم الذهاب إلى خيارات قد تؤدي إلى التورط في حلقة من الضربات المتبادلة، في ظل امتلاكه لما يقول إنها معطيات حول مخطط لجر طهران إلى معركة استنزاف طويلة.
بمعزل عن كل ذلك، يبدو على المقلب اللبناني أن "حزب الله" يجهّز نفسه للرد في الشق الذي يعنيه. صحيح أن درجات التنسيق، بين طهران والحزب مرتفعة، لكن لكل منهما خياره العسكري، وليس بالضرورة أن يكون متطابقاً.
وخلال الأيام الماضية إرتفعت وتيرة الضربات جنوباً. فحزب الله زاد من وتيرة الاعتماد على المسيرات الانقضاضية، وضرب أهدافاً تقع في حيّز جغرافي بعيد بلغ أقصاه حوالي 20 كيلومتراً عن الحدود، كما أنه تعمد تحقيق الاذى، لاسيما في الضربات نحو صفد أو الجولان. وهو الذي ينشط الآن تحت سقف الرد، أراد إبلاغ تل أبيب رسائل حول مدى قدرته على تحقيق ضربات مؤذية. في المقابل، كانت تل أبيب تتعامل بوتيرة تصاعدية ايضاً، وظهر أنها، بعيد إستهداف القواعد العسكرية في صفد، ذهبت إلى تعديل "تكتيكي" في القواعد المعتمدة. وبدلاً من الرد على تلك الضربات في عمق الجنوب –كما سبق ان حدث- فضلت الرد في البقاع مستهدفة مراكز عسكرية واضحة جداً بخلاف ما كان يحصل سابقاً حيث كانت تقصف البقاع رداً على قصف الجولان وليس أي مكان آخر.
في شأن الرد ثمة اعتقاد بأن الحزب سيتولى تنفيذ الضربة الأولى انسجاماً مع تلقيه الضربة الأولى سلفاً. تقديرات الحزب لما سيلي الضربة ترتبط بالتصرف الإسرائيلي حيالها وأيضاً بجودتها. إستباقاً لأي تطور، أجرى الحزب سلسلة ترتيبات نظر إليها على أنها تشكل تمهيداً واضحاً للرد المحتمل، فيما رأى البعض أن الرد "دخل مدار التسخين" جدياً.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News،
اضغط هنا