Beirut
14°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
خاص
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
النقيب السيادي يعطّل الانتخابات... "الضرورات لا تبرر المحظورات"
المصدر:
ليبانون ديبايت
|
الثلاثاء
12
تشرين الثاني
2024
-
15:13
"ليبانون ديبايت"
تُعَدّ نقابة المحامين من أبرز المؤسسات القانونية، ويُفترض بها أن تكون نموذجاً في الالتزام الصارم بالقوانين، إلا أن الواقع الحالي يظهر عكس ذلك. تحت قيادة النقيب فادي المصري، المنتمي إلى الفريق السيادي، تبدو نقابة المحامين مبتعدة عن مبادئها، متذرعةً بتبريرات غير منطقية لتأجيل الانتخابات النقابية. الفريق السيادي، وعلى رأسه النائب سامي الجميل، الذي رشّح المصري، يدعو إلى فتح المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية ويحذر من انتهاك الدستور، لكنه يظهر اليوم في توافق غير متوقع مع الثنائي الشيعي لتعطيل انتخابات النقابة تحت حجج تفتقر إلى المنطق القانوني.
كان من المقرر عقد الجمعية العامة في أول أحد من شهر تشرين الثاني، إلا أن عدم اكتمال النصاب القانوني أدى إلى تأجيل الانتخابات حتى 17 تشرين الثاني. غير أن مجلس النقابة، الذي سبق أن دعا بالإجماع إلى انعقاد الجمعية العمومية لانتخاب أربعة أعضاء، عاد وتراجع عن قراره، حيث صوت سبعة أعضاء مع التأجيل خلال جلسة المجلس بالأمس، بينما بقي خمسة على موقفهم الرافض للتأجيل، وبالنتيجة أُلغيت الانتخابات. وقد سبق جلسة الأمس اجتماع نقابي ضم النقباء السابقين والمرشحين بهدف سحب الترشيحات وتأجيل الانتخابات. والأدهى أن أحد النقباء السابقين، الذي لم يغادر المجلس النيابي منذ ما يقارب 700 يوم، كان من المؤيدين لتأجيل الانتخابات.
وهنا يبرز السؤال: ما الذي تغيّر، يا حضرة النقيب وأعضاء مجلس النقابة، حتى تتوافقوا بالإجماع على دعوة الجمعية العامة لانتخاب أربعة أعضاء ثم تتراجعون، رغم أن الأوضاع الأمنية لم تشهد تطورات جديدة منذ اتخاذ القرار؟
إن انتهاك الدستور والقانون ليس بالأمر الجديد، لكنه بات اليوم يُمارَس وكأنه "شرب جرعة ماء"، إلى درجة أن البعض يترحم على حقبة غازي كنعان ورستم غزالة حين كان البلد تحت "الجزمة" السورية، إلا أن الدستور لم يُنتهك بالطريقة التي نشهدها اليوم. وفي عهد حكومة نجيب ميقاتي، يُستكمل هذا المشهد بتعيينات مخالفة للقانون وإقرار سلف مالية لتطويع عناصر في الجيش، لتصل موجة التجاوزات إلى نقابة المحامين عبر تأجيل انعقاد الجمعية العمومية لانتخاب أربعة أعضاء جدد.
من الضروري أن يتذكر القائمون على نقابة المحامين أن القوانين التي تنظم مهنة المحاماة صريحة ولا تحتمل التأويل، إذ تنص بوضوح على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها. إن تأجيل الانتخابات بدون سند تشريعي يشكل خرقاً صريحاً للقانون، حتى وإن وافق المحامون عليه. وباستحضار سوابق، نجد أن النقابة رفضت التمديد سابقاً في 2019، حين قررت الجمعية العامة إجراء الانتخابات رغم تحديات جائحة كورونا.
ويبدو أن بعض الحجج المقدمة لتبرير التأجيل تفتقر إلى المنطق، ومنها استشارة هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، التي لا سلطة لها على نقابة المحامين كونها مهنة حرة ومستقلة، ويجب أن يصدر أي رأي قانوني بشأن الانتخابات عن مجلس النقابة وحده. كما أن التذرع بتوصية الحكومة بتأجيل الانتخابات لا يلغي ضرورة احترام القانون، خاصة وأن "الظروف الاستثنائية" التي يتم الاستناد إليها تُطبق فقط على المرافق العامة، بينما نقابة المحامين ليست مرفقًا عامًا.
من منظور دستوري، فإن اعتماد "الظروف الاستثنائية" في القانون الخاص يشكل سابقة خطيرة تهدد استقرار المؤسسات القانونية، إذ يتناقض تأجيل الانتخابات مع القاعدة الأساسية التي تنص على أن القانون هو من يحكم الواقع، وليس العكس.
وفي دراسة أعدها المحامي عبده جميل غصوب، أكّد على رفضه لاعتماد الظروف الاستثنائية لتبرير تأجيل الانتخابات في نقابة المحامين. أوضح غصوب أن هذه النظرية تُطبق فقط في الاجتهاد الإداري، وأن القانون الخاص يعمل بنظام "القوة القاهرة" لتبرير تعطيل الالتزامات القانونية في الحالات القاهرة، ولا يجوز اللجوء إلى مبدأ "الضرورات تبيح المحظورات" في هذا السياق. كما أشار إلى أن تأجيل انعقاد الجمعية العمومية يحمل عواقب وخيمة، إذ يفرغ المؤسسات من مضمونها ويحولها إلى كيانات غير قانونية، ويثير التساؤلات حول مشروعية استمرار أعضاء المجلس المنتهية ولايتهم في ممارسة مهامهم.
إن التذرع بضرورة التزام النقابة بتوصيات مجلس القضاء الأعلى بشأن المتقاضين في مناطق النزاع لا يصمد أمام الواقع، حيث أن المحامين في مناطق آمنة وقادرون على الوصول إلى قصر العدل، الذي لا يخضع لأي تهديد أمني. إن تجاوز القانون بهذه الطريقة يُعدّ أمراً بالغ الخطورة لنقابة مهمتها الدفاع عن القانون.
وفي ظل هذا الوضع، يبقى السؤال: ما هو مصير الأعضاء الأربعة الذين لم يُنتخب بديل لهم؟ كيف سيتم التعامل مع مسألة تمديد عضويتهم؟ وما الأساس القانوني لهذا التمديد؟ إضافة إلى أن ربط مصير الانتخابات بتوقف الحرب أمر غير منطقي، لأن موعد انتهائها غير محدد.
وتحت ستار "الظروف الاستثنائية"، استندت النقابة إلى قرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 6/11/2024، الذي اعتمد رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل بشأن تأجيل انعقاد الهيئات العامة، بذريعة العدوان الإسرائيلي والنزوح الكبير، الذي - بحسب النقابة - جعل الانتقال إلى العاصمة مخاطرة، وحال دون تمكن المرشحين من التواصل مع الناخبين أو إجراء حملاتهم الانتخابية. كما أُغلقت بعض مراكز النقابة في الجنوب والبقاع بقرارات قضائية، ما اعتبرته النقابة مبرراً كافياً لتأجيل الجمعية العامة.
وهنا من المفيد تذكير النقابة بأنه في عام 1981 انعقدت الجمعية العامة بحضور 1126 محاميًا وانتُخب عصام خوري نقيبًا رغم الأوضاع الصعبة، وفي عام 1987 انعقدت الجمعية العامة رغم الأزمة الأمنية وانتُخب ريمون عيد نقيبًا، وفي عام 1989 انعقدت الجمعية العامة في ظروف أمنية قاسية وانتُخب مارسيل سيوفي نقيبًا.
الخلاصة أن الأسباب التي اعتمدتها النقابة لتبرير قرار التأجيل، من الظروف الاستثنائية إلى التمني الحكومي، ليست سوى ذرائع قانونية هزيلة تضاف إلى سجل نقابة المحامين. والسؤال الأساسي هنا: هل أصبحت تمنيات "الأستاذ" أوامر؟
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News،
اضغط هنا