Beirut
11°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
خاص
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
قرار بأخذ الجنوب نحو الإنفجار؟
عبدالله قمح
|
المصدر:
ليبانون ديبايت
|
الجمعة
07
آذار
2025
-
7:25
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
القرار المتخذ من جانب إسرائيل يقوم على تدمير كل المقوّمات العسكرية في الدول المحيطة المعادية لها. من هذا المنطلق شنّت إسرائيل تزامناً مع سقوط نظام بشار الأسد بين الثامن من كانون الأول الماضي والعاشر منه، حوالي 2000 طلعة جوية فوق سوريا، نجحت خلالها في تدمير قدرات الجيش السوري ومنعت القوى الجديدة من الإستيلاء عليها. في غزّة حصل الشيء نفسه. ركز الهجوم الإسرائيلي على تدمير قدرات فصائل المقاومة على رأسها حركتي "حماس" "الجهاد"، وفي الضفة الغربية كان الهدف وما زال القضاء على قدرات المقاومة. في لبنان مورس الأمر ذاته.
وشنّت إسرائيل بين فجر الثالث والعشرين من أيلول والرابع والعشرين منه أكثر من 1500 طلعة جوية تمكنت خلالها من تدمير أكثر من 1000 هدف حيوي للمقاومة.
المبدأ نفسه يسري على الجيش اللبناني، ولو أن تل أبيب لم تشأ شنّ ضربات تستهدف "قدرات" هذا الجيش، كون لا قدرات لديه، إنما تُمارس عليه نفوذاً وفقاً للمبدأ نفسه: منع بناء القدرات.
لأعوام طويلة، قام خطاب غالبية خصوم "حزب الله" في الداخل على فكرة أن يتولى الأخير تسليم الجيش اللبناني لسلاحه، فيما يتولى هذا الجيش مهمة حماية لبنان ويحفظ الجنوب من الإعتداءات الإسرائيلية بقوة الشرعية والقانون الدولي. ما جرى خلال الأشهر الماضية وما يجري الآن، أدى إلى سقوط هذه النظرية بشكلٍ مدوٍ حيث لم يستطع الجيش حماية الأراضي اللبنانية من الإحتلال، كما أنه ممنوع عليه الإستفادة من "سلاح الحزب"، إذ يقوم الجيش الإسرائيلي بتنفيذ خطة يجبر خلالها الجيش اللبناني على تدمير الأسلحة التي صادرها أو تسلّمها بشكل طوعي من الحزب جنوب الليطاني.
لقد فرضت إسرائيل عبر ما تسمى "لجنة الإشراف"على تطبيق وقف الأعمال العدائية برئاسة جنرال أميركي، على لبنان تدمير هذه الأسلحة في حقول مخصصة تحت إشرافها. يشمل القرار عدم الإستفادة من أي قطعة، أو ترك أي قطعة أخرى داخل مستودعاته، تحت طائلة استهداف تلك المواقع بذريعة أن السلاح قد يتسلمه "حزب الله" مرة أخرى. جانب من هذا الإتهام يوحي بقلّة ثقة إسرائيلية واستطراداً أميركية بالجيش اللبناني، فيما الجزء الآخر، وهو الأهمّ، يرتبط بمنع الجيش من امتلاك أي قدرات عسكرية في وسعه استخدامها إذا أراد ذلك، بما يشكل خطراً على إسرائيل. ضلوع "لجنة الإشراف" في التطبيق والإشراف على تدمير الاسلحة، يؤكد مرة أخرى عدم رغبة الولايات المتحدة في السماح بتسليح الجيش بأعتدة تصلح لعملية الدفاع عن نفسه وبلده، وهذه نظرية لا تخرج عمّا هو متّبع في التعاطي مع جيوش المنطقة.
إلى هذا الجانب ثمة آخر مرتبط بأداء "لجنة الإشراف" مع الجيش، حيث تتعامل معه بصفة الإمرة. تفرض دخوله إلى مناطق وتمنعه عن مناطق أخرى، وتحدّ من حركته ونشاطه، وتضع المحاذير أمام اقترابه من التلال التي تحتلها إسرائيل داخل الأراضي اللبنانية، وتحرّم عليه وعلى الدولة إتخاذ أي موقفٍ منها.
إذاً، القضية غير محصورة بمسألة السماح للجيش باستخدام هذه الأسلحة. ينطبق الشيء نفسه على المنشآت والمواقع والمقار التي تسلّمها الجيش اللبناني جنوب الليطاني. تشترط إسرائيل تدمير هذه المواقع والنقاط، وأن لا يتواجد الجيش داخلها أو أن يقوم باستخدامها لأي غرض كان، لا سيّما تلك المرتبطة بالمنظومات الصاروخية. وبالفعل، هددت إسرائيل باستهداف بعضها رغم تواجد الجيش داخلها، ما دفع بـ"لجنة الإشراف" إلى التحرك وطلب إخلاء هذه المواقع وجعلها تحت سلطة قوات "اليونيفيل" أو بالحدّ الأدنى، مراقبتها من بعيد.
هناك نماذج أخرى توحي بوضع جنوب لبنان تحت وصاية دولية بحيث لا يعود القرار فيه إلى الدولة. قضية إعادة الإعمار تندرج ضمن هذا السياق. القرار المتخذ إقليمياً ودولياً هو بتجميد تقديم أي مساعدة للبنان في مسألة إعادة الإعمار قبل أن يتولى هذا الأخير إيجاد حل لمسألة سلاح الحزب بشكل نهائي. هذا الكلام قيل بشكلٍ رسمي للسلطة الجديدة، وفهمه رئيس الجمهورية جوزاف عون خلال زيارته إلى الرياض، وأن هذه الأخيرة تتريث في دعم لبنان طالما أن ثمة مشاكل ما تزال موجودة من بينها "قضية السلاح".
ثمة نموذج أكثر وقاحة بدأت أجهزة الدولة تطبيقه عند "قرى الحافة" على شكل منع الناس من تشييد منازل أو إعادة ترميم أخرى قبل الحصول على التراخيص اللازمة، بذريعة الخشية من اعتداءات تطال الأملاك العامة والخاصة. وهنا، تقع السلطة في خطأ تقدير المخاطر الناجمة عن مثل هذا القرار، خصوصاً أنه يأتي متزامناً مع ضغوطات تُمارس على الدولة لمنع إطلاق ورشة إعادة الأعمار إلاّ وفق شروط تقوم على أساس مقايضة السلاح بإعادة الإعمار، وهو قرار دولي تتولى عملياً "لجنة الإشراف" فرضه بالقوة.
تتصرف السلطة اللبنانية هنا كسلطة معادية وليس كسلطة دولة. تخالف مقدمة الدستور وتخالف القوانين المرعية وحقّ الناس في السكن وإعادة تشييد منازلهم المدمرة، وتأخذ بممارساتها الأمور في الجنوب نحو الإنفجار. هي تعلم أن أهل الجنوب لن يستسيغوا أي قرارات مماثلة سيما وأنها بنظرهم، تندرج في خانة منعهم من العودة إلى قراهم، وأيضاً ترتبط بممارسة ضغوطات على المقاومة ظهرت مؤشراتها عند المطار وعلى طريقه.
لذلك، ستكون البيئة مهيأة للإصطدام مع الدولة والقوى والأمنية والجيش في حال مضى كل هؤلاء في فرض قرار منع إعادة الإعمار، وسيؤدي هذا النهج إلى أزمة ستجتاح الجنوب، وسيخرج على ركامها البعض الباحث عن التسويق والتشويه كي يقول: أنظروا. هؤلاء لا يريدون الشرعية والدولة بما فيها من قوى أمنية وجيش ويريدون البقاء "ضمن الدويلة".
قد يذهب البعض حدّ المبالغة بوجود "مؤامرة" أو يتهمنا بتركيب مؤامرة، فيما يتجاهل القرار الذي يقضي بـ"منع دقّ مسمار" في القرى الأمامية ليس فقط للضغط على الدولة لنزع سلاح الحزب، إنما لأجل أن إسرائيل هي بصدد تحويلها إلى منطقة عازلة على غرار ما يجري في جنوب سوريا.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News،
اضغط هنا