المحلية

placeholder

لارا الهاشم

ليبانون ديبايت
الجمعة 30 تشرين الأول 2015 - 08:06 ليبانون ديبايت
placeholder

لارا الهاشم

ليبانون ديبايت

باب التبانة: حكاية امبرطورية زائفة

باب التبانة: حكاية امبرطورية زائفة

خاص "ليبانون ديبايت" - لارا الهاشم:

اذا تجولت بين ازقة منطقة باب التبانة بعد عام تقريبا على انتهاء المعارك لا تلحظ اي تغيير، باستثناء بعض اعمال الترميم التي باشرت بها الهيئة العليا للاغاثة.

في كل منزل قصة عن مطلوب او موقوف في احداث طرابلس. من كانوا يُعرفون بقادة المحاور يقبعون في السجون منذ نهاية الاحداث ووعود تحريرهم من قبل من ورطوهم تتوالى فصولا. فيما النغمة ذاتها تتردد في الاحياء المتداخلة وهي ان المحركين الاساسيين الذين كانوا يأجّجون الشارع بإمرة هذا الزعيم او ذاك المسؤول الامني يسرحون ويمرحون كما وكأن شيئا لم يكن.

هؤلاء معروفون بالاسماء وبالافعال. منهم من كان يتوعد بقتل ابناء جبل محسن وآخرون كانوا يرمون ملالات الجيش اللبناني بالقذائف ويزرعون العبوات في الاحياء وبين المنازل.
اليوم، تبدو باب التبانة بعد اخراج معظم الرؤوس المدبّرة منها منطقة منكوبة منسيّة. اسواقها شبيهة بمدينة اشباح، فالقريب قبل البعيد لا يقصدها. وضعيتها الامنية لا تستقطب الغرباء ولا السياح واهلها اصلا معدومون عاجزون عن التسوق. في سوق الخضار تتكدس البضائع من اسبوع الى آخر الى ان يأكلها العفن، حتى نِعم الامطار تتحول هناك الى كوارث تجتاح البيوت وتجعلها مستنقعات تعبق بروائح المجارير.

اثناء سَيرِك بين البيوت التي تكاد تنهار تستوقفك النسوة لتخبرنك عن مأساتهن وعن احوال منازلهن، حيث لا مياه سوى مياه المجارير ولا كهرباء ولا مقومات للعيش. هناك حيث تنام العائلة على رغيف خبز يتقاسمه افرادها ويتنشق الاطفال هواءً لا يشبه هواء الاثرياء.

تأتيك ضحى قهوجي، صاحبة دكان صغير لبيع السكاكر والمعلّبات لتخبرك أن احد نواب تيار المستقبل وعدها بعد الاحداث بمبلغ مليوني ليرة لبنانية كدعم لتخزين البضائع في دكانها على ان تقوم بتسديد المبلغ بالتقسيط المملّ بمئة الف ليرة شهريا. اشترت ضحى البضائع على اساس الوعود لكن النائب نكس بوعوده. راجعته اكثر من مرة من دون جدوى الى ان احالها على احد مساعديه الذي سوّفها بدوره فباتت غارقة في الديون بسبب الوعود الكاذبة وشلل السوق. بعض من خَبر التنافس السياسي في المدينة يقول انها محسوبة على طرف آخر منافس وهو ما جعل منها استثناءً. اما هي فتقول ان ستصفّي حساباتها في الانتخابات المقبلة حيث لن تسقط اللائحة "زي ما هيي" كما حصل سابقا ولو على قطع رأسها.
لا ينقصك سوى ان تستوقفك تلك الطفلة ابنة السبع سنوات، بحذائها الاسود الصيفي المهترء في عز الشتاء لتشكو لك من دون سبب: "ليك.. نحنا عمنام عالارض، المي عمبطوف علينا، عمبنبرد وما عنا شي يدفينا، تيابنا صارو كلن مي، وامّي كل النهار عمتشتغل تطعمينا...."

اما رجال تلك المنطقة، او من بقي منهم بعد ان هاجر المئات وانغمس آخرون في مآسي معارك جبل محسن وباب التبانة، منهم من هو عاطل عن العمل اما من يعمل فينتج يوما على عشرة ومن صحّت له وظيفة لحساب آل الحريري جُمّدت رواتبه منذ تسعة اشهر تقريبا من دون ان يدرك السبب.

لا يكفيك نهار واحد بين زواريب باب التبانة لتتحسس مأساة هؤلاء الذين يئسوا من الإعلام غير المجدي كما يقولون، لكنه يكفيك لتكتشف ان تلك المنطقة وعلى الرغم من كل الاثمان التي دفعتها، ما زال عليها ان تدفع اثمانا اصافية لتصفية حسابات زعماء المدينة الذين يتنعمون بكراس، كرسوها لانفسهم عروشا في امبرطورياتهم الزائفة الممدّدة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة