"ليبانون ديبايت" - بقلم المحامية رانيا إيليا نصرة:
أن تكون محامياً ليس بالأمر اليسير فهي المهنة التي يشتهيها حتى الملوك اذ ردد الملك لويس الثاني عشر المقولة التالية طيلة حياته: "لو لم أكن ملكاً لفرنسا لوددت أن أكون محامياً".
يشهد نهار غد الاحد، الانتخابات المرتقبة لأم نقابات المهن الحرة في لبنان "نقابة محامي بيروت" . نقابة عريقة بامتياز، اذ منذ تأسيسها في العام 1921 بقرار من حاكم لبنان الكبير، تبوأ سدتها نقباء مستقلون أحرار . أسماء صنعت تاريخ لبنان الحديث في اطاره الميثاقي الكياني ابتداء من العميد اميل اده الى الشيخ بشارة الخوري الى اسماء منيرة أخرى ازدانت بها مراحل ذهبية من تارخ نقابة محامي بيروت.
لا يخفينّ على أحد أن مروحة كبيرة من النقباء المستقلين من الذين تركوا علامة فارقة في أدائهم النقابي اذ يدينون بذلك لتسلّحهم بالكفاية الذاتية والوظيفية والعلمية والاخلاقية التي لا يستلزم أكثر منها كفاية وضمانة لهذا النسيج الاجتماعي من النخبة - أي المحامون –حتى يطمئنوا ويثقوا ، من أنّى وأين أتوا ، بقدرة من يمثلهم على مقاومة كافة التدخلات من أي مصدر أتت.
على ما يبدو، هي معركة "العضم" التي يخوضها الأمناء على استمرارية استقلالية هذا المنبر النقابي الجلل بوجه كل من مرشحي الاحزاب الذين يجهدون في التعبئة للانتخابات النقابية متوخين الحفاظ على مكاسبهم المحققة في النقابة على امتداد السنوات الأخيرة، كما وبوجه مرشحي الامكانات المالية الضخمة من الذين يعتمدون لوصولهم على شبكة علاقاتهم الشخصية والعائلية، ساعين الى دوبلة هذه العلاقات عن طريق مقولة "طعمي التمّ بتستحي العين " وذلك من خلال كم هائل من الدعوات الى مناسبات اجتماعية في أضخم الفنادق والمطاعم.
لا شك أن نهار غد سيكون فاصل في تاريخ نقابة محامي بيروت. هي ليست أي نقابة، وحرصنا على استقلاليتها هو من حرصنا على استقلال لبنان وذلك لكون المحاماة هي دعامة العدل باعتبار أن "العدل أساس الملك" ولا عدل بغير قضاء ولا قضاء بغير محاماة. استقلالية المحامي هو مبدأ توليه المواثيق الدولية اهتماما فائق الاهمية لكونه ضمانة أساسية لممارسة الفرد لحقه المقدس بالدفاع .
ليس ما نسرده هنا مجرد شعارات. بل هي مسألة قرار. قرار حاسم على كل محام نزيه وحر أن يتخذه توطيداً لمفهوم كرامة المحامي وقوته التي يستمدها من استقلاليته بعيداً عن أي انتماء حزبي أو علاقة مناطقية أو سلطوية. وبمختصر مفيد، لا حياة للأحزاب داخل نقابة المحامين! بل يجب أن يحظى المرشح المستقل بكامل الدعم للحفاظ على وجه مستقل لهذا النبراس الحقوقي العريق.
وفي هذا الاطار، يبدو أن المرشحين المستقلين لسوف يخوضون يوم غد مخاضاً عسيراً لاستعادة سدة النقابة الى موقعها الطبيعي. ويتبين أن المعركة على أهبها فيما بين نموذجين.
الاول هو المرشح بيار حنا الذي يمثل القوى الحزبية تمثيلاً رسمياً وهو يكرس استمرار تبوّء الحزبيين من اللون السياسي الواحد في سدة نقابة الحريات المتعددة الألوان بوجه النموذج الثاني الذي يمثل المحامين المستقلين ويبدو أن الاسم الأكثر تمثيلا لهذا النموذج هو االمستقل أنطونيو الهاشم الذي يترشح لمركز العضوية والنقيب. فالهاشم وهو ابن حاصبيا – قضاء بعبدا، في رصيده ثلاثة عقود من الخبرة المهنية بالاضافة الى كونه متمرسا في العمل النقابي حيث انتخب عضوا في مجلس نقابة المحامين للمرة الاولى في العام 1996 ومرة ثانية سنة 2000 وثالثة سنة 2002 ورابعة في العام 2011. شغل منصب أميناً للمال طيلة عضويته وعيّن عضوا في المجلس التأديبي لسنوات عديدة.
يتبنى هذا المستقل كافة تطلعاتنا كمحامين مستقلين ان كان لجهة ادراكنا انه في زمن الفساد تلعب نقابة المحامين دورا أساسيا في تعقب مكامنه ومحاكمته بقبضة فولاذية أنّى وأينما وجد، وان لجهة تطلعنا الى تفعيل مبدأ فصل السلطات وتطبيقه فعلياً بعيدا عن التدخلات والتجاذبات السياسية والعمل مع الجسم القضائي على تأمين هذه الاستقلالية دون أن نغفل مدى ضرورة تطبيق صارم لنظام أداب المهنة ومناقب المحامين لتحصينها ضد شوائب لا تاتلف مع تراثها المجيد.
هذا غيض من فيض، اذ يجدر بنقيب المحامين الجديد أن يتمتع بالجرأة الكافية ليكون مثل حد السيف في اظهار استقلاليته جهاراً وحمايتها وسعيه الدؤوب للحفاظ على هيبة التنظيم الممثل للمحامين المناط به تدعيم مكانة المهنة والارتقاء بكفاءة ومعارف منتسبيها والحفاظ على كرامتهم. فكيف يستطيع النقيب الحزبي أن يظهر جهارا استقلاليته وهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً باملاءات الحزب وحسابته الداخلية والخارجية؟
ليس المطلوب نقيباً مستقلا لمجرد الاستقلالية دون أن يكون في رصيده سجلا حافلا لجهة التمرس المهني أو العمل النقابي كما أنه ليس مرغوباً بالاساس بأي حزبي في موقع سدة نقابة المحامين فكيف أن كان حزبيا وليس برصيده تاريخ مضيء من التمرس المهني يجعله ضليعا في شؤون المهنة وشجونها!
إنما المطلوب أن يتبوأ سدة النقابة رجل ذات تاريخ حافل في التمرس المهني والعمل النقابي حائز على محبة واحترام جميع الزملاء يتمتع باللياقات الاجتماعية والمهنية والكفاءات العلمية والثقافية واللغوية، يستطيع أن يكون خير ممثل لنسيج المحامين ان كان على صعيد تمثيلهم داخل النقابة أو في المحافل الدولية والاقليمية. وهذا يمتد الى القرار بالاقتراع لمصلحة أعضاء مجلس النقابة الذين يمكن أن ينبثق عنهم نقيب مستقبلي! لذا من الخطورة في مكان أن نأتي بأعضاء مجلس نقابة يفتقرون في ادائهم الاجتماعي لهذه اللياقات والكفاءات اذ نكون حينها مساهمين عن سابق تصور وتصميم في ارساء انحدار حاد في التمثيل داخل نقابة المحامين!
عشية الاستحقاق الكبير ، نداء عاجل على مستوى حاجة الوطن الى لفحة الاستقلالية والحرية، نداء الى كل زميل حزبي أو غير حزبي، نحن المحامون المستقلون نخوض غدا سباق منافسة نحو اعلاء شأن المهنة الى موقع لا تنهكه وصاية أحد، ولا يغزوه تدخل مباشر أوغير مباشر من أحد. نتطلع الى الحفاظ على سدة نقيب المحامين تحت لواء الحيادية المطلقة بمنأى عن اللون والطائفة والحزب، حفاظاً على سمو ورقي مهنة المحاماة.
نقابتنا ستبقى حصن النقابيين المستقلين.
القرار لكم والايمان يتجدد هذا العام بأنكم في يوم 15 تشرين الثاني 2015، سيلتزم جميع المحامين من المؤمنين بنقابة حرة عصرية ومستقلة ، بالمشاركة بكثافة في هذه المنافسة الشريفة عن طريق التصويت بضمير وحيادية بعيدا عن اية مصلحة شخصية أو مناطقية الى الاصلح من المستقلين ليتبوأ سدة مجلس نقابة المحامين.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News