أمن وقضاء

الخميس 17 كانون الأول 2015 - 07:54 السفير

عبدالله الجغبير: لستُ قيادياً.. وهذه تفاصيل رحلاتي إلى سوريا

عبدالله الجغبير: لستُ قيادياً.. وهذه تفاصيل رحلاتي إلى سوريا

كان عبدالله الجغبير يجلس على مقعد خلف قضبان قفص المحكمة العسكريّة يستمع إلى أحد المدّعى عليهم في قضية الانتماء إلى تنظيم إرهابي مسلّح. يبتسم حيناً ويضحك حيناً آخر. وما إن سمع اسمه حتى توجّه نحو قوس المحكمة.

بعد أن تليت على مسامعه الاتهامات المساقة بحقه، عبّر «أبو هاجر» عن استغرابه "لأنكم تعتقدون أنني إسم كبير". ما يتردّد بأنّه قياديّ في "داعش" ينفيه جملةً وتفصيلاً "أنا لا (أنتمي إلى) داعش ولا نصرة"، تماماً كما ينفي «الصيت» الذائع عنه بأنّه لا يخرج من دون بندقيّته من نوع "كلاشينكوف".

ولم يشأ الشاب العشريني إلا أن يبدأ إفادته منذ البداية. قلبت "الثورة السوريّة" حياته وبدأ يتردّد على "مسجد التقوى" ويلتزم دينياً. كانت كلمات إمام المسجد ورئيس "هيئة علماء المسلمين" الشيخ سالم الرافعي تدخل إلى عقله: "يجب أن تذهبوا وتجاهدوا في سوريا. إنّهم يقتلون كبارنا ويغتصبون نساءنا، وهناك حزب آخر يذهب إلى سوريا من دون أن يتجرأ أحد على منعه".

وسريعاً، بات "أبو هاجر" يهتمّ بأخبار "الهيئة" ويرسلها لأصدقائه على "واتس اب" وصفحته على "فايسبوك". وصار ينتظر موعد اجتماع أعضاء "الهيئة" لكي يستمع إلى الرافعي والشيخ رائد حليحل و "أستمع إلى الخطابات التجييشيّة والدعوات الشعبويّة للذهاب إلى سوريا بعد عرض أوضاع ما يجري هناك".

وفي "مسجد التقوى" أيضاً، تعرّف الجغبير على عضو "الهيئة التنسيقيّة للثورة السوريّة" السوري عبد الواحد دندشي، الذي اقترح عليه الذهاب إلى سوريا والانضمام إلى الكتيبة التابعة له في حمص والتي تحمل اسم "كتيبة شهداء تلكلخ"، ففعل وذهب معه برفقة المدعو "أبو عمر" من البداوي، ليقوم بأعمال حراسة قبل أن يعود إلى لبنان بعد حوالي 16 يوماً عن طريق الزارة، ملاحظاً ارتفاع أعداد اللبنانيين الذين بدأوا يلتحقون بالمجموعات المسلّحة السورية، ولا سيّما أولئك الآتين من طرابلس ووادي خالد وعكّار، وإن كان بحالة فوضويّة.

التجربة السوريّة الأولى تتابعت فصولها بعد أقلّ من سنة، حينما توجّه الجغبير برفقة بلال العتر وعدد من الطرابلسيين إلى ريف حمص، حيث التحق بـ "كتيبة مغاوير بابا عمرو" والتي يزيد عديدها عن الـ80 مقاتلاً. ولم تكن هذه الكتيبة وحدها في ريف القصير، وإنّما حاولت الكثير من المجموعات المكوث في ريف حمص، بغية التحضير لمعركة كبيرة تهدف إلى اقتحام حمص. فيما سقطت الخطّة بعد أن رفض "المجلس العسكريّ" المتمركز في تركيا أن يدعم هذه المجموعات بأسلحة متوسطة وثقيلة.

عاد الجغبير أدراجه إلى طرابلس، وافتتح "سناك" لبيع السندويشات. كما حاول أيضاً مساعدة المحتاجين والفقراء وإدخال المرضى إلى "المستشفى الإسلامي" على نفقة عدد من النواب الطرابلسيين «"أنني أحب المساعدة وأعمال الخير والإغاثة". يملك "أبو هاجر" (28عاماً)، وفق إفادته، علاقات متينة بالسياسيين الطرابلسيين، تبدأ بالوزير السابق فيصل كرامي الذي كان يتردّد إلى قصر والده باستمرار على اعتبار أن جدّه كان مناصراً له، بالإضافة إلى علاقته بالنائب محمّد كبارة، وغيرهما.

خلال عمله في"السناك"، تعرّف على عمر ميقاتي الملقّب بـ "أبو هريرة" الذي كان يأتي دوماً لشراء السندويشات. ابن أحمد سليم ميقاتي، القاصر، اقترح على الجغبير الذهاب معه ومع عبد الرحمن البازرباشي الملقّب بـ"حفيد البغدادي" (كان قاصراً) إلى سوريا، بعد أن رتّب بلال العتر الزيارة من ألفها إلى يائها. هذه المرّة، كانت الزيارة إلى سوريا مختلفة عن سابقاتها، وبعد عام ونصف العام عن آخر زيارة قتالية.

وبحسب "أبو هاجر"، فإنّ "أبو هريرة" لم يكشف له عن الوجهة. ومع ذلك، حضّر الشاب نفسه وذهبوا في اليوم المحدد بسيارة الرقيب يوسف و. إلى "جامع أبو طاقية" في عرسال حيث انتظروا أحد الأشخاص الآتي على متن دراجة نارية ليقلّهم على دفعات إلى جرود عرسال، ويكون الجغبير في الدفعة الأولى.

وحينما وصل إلى الجرود، "فوجئ" الشاب بأن عناصر تنظيم "داعش" في المكان ويقيمون حاجزاً على مدخل الجرود، ليسألوه عن اسمه ومن أين أتى، قبل أن يصل العتر وميقاتي والبازرباشي ويتيحوا لهم الدّخول.

وهناك أعلن الثلاثة التحاقهم بـ "داعش"، فيما أصرّ الجغبير أنّه لم يفعل، بل هو فقط كان يريد وسيلة نقل تقلّه إلى سوريا. وبرغم وصوله إلى حيث يشاء ليلتحق بكتائب تابعة لـ "الجيش السوري الحر"، يشير الموقوف إلى أنّه انتظر في صدر البستان في جرود فليطا تسعة أيّام لينقله أحد المهربين إلى لبنان.

وبعد أن عاد الشاب إلى لبنان، كلّف الجغبير محامياً لمعرفة وضعه القانوني ليتبيّن من النشرة الخاصة به صدور 3 مذكرات توقيف غيابيّة في حقّه، فعمد إلى الهروب :لأنني كنت خائفاً"، قبل أن يقع في قبضة الأجهزة الأمنيّة في آذار الماضي في باب الرمل.

لم ينتظر رئيس المحكمة العسكريّة العميد الركن الطيّار خليل ابراهيم أن يسأل الجغبير عن سبب عودته السريعة إلى لبنان إن كان يريد القتال في سوريا وعن كيفيّة ذهابه إلى عرسال وقطع كلّ هذه المسافات من دون علمه بوجهته وعن سبب وجوده في الدفعة الأولى التي انتقلت إلى عرسال مع أنّه لا يعرف أحداً في الجرود، وإنّما أرجأ ابراهيم الجلسة لاستكمال الاستجواب إلى 6 نيسان المقبل وقطع كلام "أبو هاجر" عندما كان يؤكّد عدم انتمائه لـ "داعش"، "فكيف أشرب الأرغيلة وداعش...؟".

العميد ابراهيم: لسنا أغبياء!
وكان من المنتظر أن تنهي "العسكريّة"، أمس، استجوابها للمدعى عليهم الـ9 في جرم الانتماء إلى «داعش» وتجنيد أشخاص لصالح التنظيم وأبرزهم إمام «مسجد التقوى» سابقاً الشيخ أسامة عنتر الذي كان قد أدلى سابقاً بإفادة ناريّة، أكّد فيها مسؤوليته عن إرسال أشخاص للقتال إلى جانب المجموعات المسلّحة في سوريا واتهم «هيئة علماء المسلمين» بتكليفه بهذه المهمّة وتواصُل بعض مشايخ "الهيئة" مع "داعش" و"النصرة" والتنظير بمعتقدات هذين التنظيمين.
ولكنّ الأمر لم يسر كذلك، بعد أن استجوب ابراهيم وليد وعمر الدهيبي اللذين أنكرا إفادتهما الأوليّة ونفيا دخولهما إلى سوريا، مشيرين إلى أنّهما ذهبا إلى سوريا بهدف السفر إلى ألمانيا.
وهذا ما استفزّ العميد ابراهيم الذي قرّر عدم توجيه الأسئلة إلى المدعى عليهم وإرجاء الجلسة إلى 1 تموز المقبل للتمحيص بالملفّ، بعد إنكار الموقوفين الإثنين الأمر برغم أنّهما اعترفا بدخولهما الى سوريا والعودة طوعيا الى لبنان واضاع احدهما جواز سفره على الطريق. كما انهما استمعا إلى إفادات الموقوفين الآخرين في جلسات سابقة والذين أكّدوا دخولهما إلى سوريا وخصوصاً عنتر الذي أشار أيضاً إلى ضلوعه في الأمر، بالإضافة إلى علامات الاستفهام حول سبب توجههم إلى ألمانيا عبر تركيا إن كان هذا صحيحاً.

ولم تنفع مطالب المحامين بتقديم موعد الجلسة، بعد أن أصرّ ابراهيم على موعدها، وأشار إلى "أننا نحرق أنفسنا وندرج الكثير من الجنايات على جدول أعمال المحكمة، فيما يصرّ عدد من المحامين على تلقين موكليهم إفادات مغايرة للوقائع والاعترافات الثابتة وكأننا (أعضاء هيئة المحكمة) أغبياء»، موضحاً أن سبب عصبيّته يعود إلى أنّ إفادتَي الموقوفين «تعتبران إهانة غير مباشرة لهيئة المحكمة".

وفي "العسكريّة" أيضاً، استجوب ابراهيم الموقوف السوريّ القاصر (لحظة ارتكاب الجرم) خليل خ. الذي أنكر انتماءه إلى "داعش»" ابن الـ19 عاماً الذي أشار إلى أنّه لا يعرف كيف تحمل السكين ويخاف من الدّجاجة، بدا جريئاً ويجيب على أسئلة رئيس المحكمة بطريقة ذكية رغم صغر سنه.
تراجع الشاب عن إفادته الأوليّة والاستنطاقية التي أكّد فيها أنّه مكث لأكثر من أسبوعين في جرود عرسال مع "داعش"، قبل أن يعمد التنظيم إلى معاقبته بجلده وسجنه ثمّ طرده بعد محاولته التحرّش بأحد الأطفال.

كما لفت في إفادته إلى أنّه سمع عناصر التنظيم في أوائل العام 2015 يعملون على تحضير عمليات انتحاريّة تستهدف مراكز الجيش وحواجزه في رأس بعلبك بغية إحداث ثغرة تتيح لهؤلاء العناصر الدخول إلى المنطقة، كاشفاً أنّ "داعش" حضّر 20 انتحارياً لهذه المهمّة أبرزهم: "أبو رواحة" و"محمد أمين" و "لباية" و "مقداد"...

وكانت القوى الأمنيّة قد ألقت القبض على خليل خ. أثناء محاولته الدخول إلى عرسال بأوراق ثبوتية مزوّرة برفقة القاصر ح. أ. الذي أشار إلى أنّ شقيقه عمر الأطرش الذي يعمل في مجال التهريب اتصل به طالباً منه نقل خليل على دراجة نارية، ومشيراً إلى أن الأخير يملك أوراقاً ثبوتيّة أصليّة.

وبعد أن ترافعت وكيلة الدفاع عن الموقوفين الاثنين المحامية عليا شلحة، أدانت "العسكريّة" الموقوفين الإثنين وأحالت الملفّ إلى مفوض الحكومة العسكرية لعلّة القصر، وحكمت على عمر الأطرش غيابياً بالأشغال الشاقة لمدة 15 سنة وتنفيذ مذكّرة إلقاء القبض عليه.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة