اعتبر مراقبون ان الهجوم على مجموعة من السياح الالمان وسط اسطنبول مؤخرا كان هجومًا على استقرار تركيا وهز ثقة الغرب ايضا. ونقلت مجلة شبيغل عن عضو البرلمان التركي من حزب الشعب الجمهوري عائشة دنيس اوغلو قولها ان يوم الهجوم "سيغيّر بلدنا".
وكان الهجوم ضربة ثلاثية لتركيا. فهو يكشف عن ضعف جهاز الدولة الذي رغم كونه جهازا حاضرًا كل الحضور في المجتمع التركي اثبت عجزه عن منع وقوع حمام دم وسط مدينة تركية كبيرة. وأضر الهجوم بالسياحة التي تشكل واحدا من أهم القطاعات في اقتصاد تركيا. وثالثا ، ان الهجوم استهدف اسطنبول المدينة التي يسكنها نحو 14 مليون شخص وتستقبل 10 ملايين زائر كل عام.
وتأمل المانيا التي قُتل عشرة من مواطنيها في هجوم اسطنبول بأن يسهم هذا الحادث في رأب الصدع في المجتمع التركي ويحمل إردوغان على تركيز اهتمامه على داعش. ولكن محللين أكدوا عدم وجود ما يشير الى مراجعة تجريها حكومة إردوغان لسياستها في هذا الشأن.
وكانت الحكومة صورت الهجوم على انه مؤامرة وقال رئيس الوزراء احمد داود اوغلو ان "قوى سرية" استخدمت داعش "مقاولا ثانويا". واتهمت صحيفة ستار الوثيقة الارتباط بالدولة روسيا بالوقوف وراء الهجوم. وكما فعلت حكومة إردوغان بعد هجوم انقرة فانها تحاول مرة أخرى استخدام نظرية المؤامرة لصرف الانتباه عن اخفاقاتها ، بحسب المحللين.
وفي حين ان الاردن منع الأجانب من السفر الى سوريا عبر اراضيه فان تركيا كانت ترحب بهم عمليا. وعلى امتداد سنوات كانت لدى داعش شقق ومستودعات وحتى معسكرات تدريب في تركيا.
وكان بمقدوره ان ينظم نقل شحنات السلاح والذخيرة والمؤن والامدادات الطبية عن طريق تركيا. وكان داعش يرسل مقاتليه الجرحى الى مستشفيات تركية للعلاج. وكانت شركات مشبوهة تصدر شهادات عمل تمكن الجهاديين من الحصول على اقامة في تركيا لمدة سنة بلا مشاكل.
كما كان داعش يجند اتباعا ومقاتلين جددا دون خوف من السلطات التركية. وما كان على الشباب والشابات القادمين من انحاء العالم إلا ارتياد بعض المقاهي القريبة من مساجد معينة للانضمام الى داعش فيما كانت متاجر تبيع هدايا تذكارية تحمل رموز داعش علنا ، مثل الرايات والملصقات والأعلام ، كما تلاحظ مجلة شبيغل مشيرة ان القلق أخذ يحل محل اطلاق يد داعش في عام 2014 ولكن بعد فوات الأوان.
ونقلت مجلة شبيغل عن مصدر له ارتباط بالاستخبارات التركية قوله ان المسؤولين الاتراك "حقا يخافون داعش لأنهم يعرفون ان خلاياه مبثوثة في كل مكان من البلاد ويمكن ان ترتكب اعتداءات".
في البداية امتنع الجهاديون عن تنفيذ مثل هذه الهجمات لكي لا يهددوا معابرهم في الأماكن الأخرى من العالم. ولكن الوضع تغير في صيف العام الماضي بتفجير سوروج. واسفرت صدمة الهجوم مقترنة بضغوط الولايات المتحدة واوروبا عن تحرك تركيا اخيرا لملاحقة الجهاديين ملاحقة جادة بتشديد عمليات التدقيق في المطارات وعلى المعابر الحدودية. وبعد تردد انقرة في البداية انضمت الى التحالف الدولي ضد داعش وسمحت للطائرات الاميركية باستخدام قواعد عسكرية تركية.
من جهة أخرى اعاد داعش النظر بموقفه من انقرة. ونقلت مجلة شبيغل عن الخبير الاميركي في الجماعات الارهابية آرون ستين انه في الوقت الذي كانت هجمات داعش تستهدف الكرد فان الهجوم الأخير في اسطنبول يشير الى تغير في استراتيجية داعش يبين انه يريد الآن الحاق اضرار بالاقتصاد التركي من خلال استهداف السياح.
ورغم تصعيد تركيا معركتها ضد داعش فانه ما زال ينشط في اراضيها ، كما يؤكد قتله اثنين من الصحافيين السوريين في مدينة شانلي اورفة مؤخرا وقتله سينمائيا وثائقيا سوريا في مدينة غازي عنتاب امام سوق تجارية.
يضاف الى ذلك ان مصدرا في الاستخبارات الالمانية دعا الى التعامل بتحفظ مع الأرقام التي نشرتها الحكومة التركية مدعية اعتقال 3000 شخص في اطار حملاتها ضد داعش. وقال المصدر ان قلة ممن القي القبض عليهم ما زالوا رهن الاعتقال وان غالبيتهم أُفرج عنهم بسرعة بعد اعتقالهم.
وهناك مؤشرات الى ان جهاز أم آي تي الاستخباراتي التركي عمل مع داعش ، في السابق على الأقل. كما اثارت شحنة سلاح نُقلت الى سوريا عام 2014 شكوكا بالجهاز ومده جماعات متطرفة في سوريا بدعم تركي مباشر. ومنعت تركيا التغطية الاعلامية قائلة ان الشحنة مساعدات للتركمان في شمال غرب سوريا. ولكن افلام فيديو تبين ان الشحنة تضم ذخيرة. وقال منتقدو الحكومة انها أُرسلت الى داعش ولكن ليس هناك دليل يؤكد ذلك.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News