المحلية

placeholder

ملكار الخوري

ليبانون ديبايت
الاثنين 25 كانون الثاني 2016 - 09:29 ليبانون ديبايت
placeholder

ملكار الخوري

ليبانون ديبايت

الصلح المفقود

الصلح المفقود

ليبانون ديبايت - ملكار الخوري

الآن، بعد الهدوء النسبي لعاصفة ترشيح القوات اللبنانية للنائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، أصبح بالإمكان – أو أقلّه بإمكاني أنا – تحقيق قراءة موضوعية للحدث، محصورة بنقطة واحدة: المصالحة. أمّا في السياسة، فحديث آخر.

شكّلت زيارة عون لسمير جعجع، بحسب تقديرهما، طيّاً للصفحة السوداء – بل الحمراء – بينهما.

بينهما؛ أوليس في ذلك شيئ من عدم الدقّة؟ تحضرني أقوال كثيرة في معرض هذا التصريح كمثل: الإسكندر المقدوني بنى إمبراطورية...؛ هتلر إحتل أوروبّا...؛ ديغول هزم ألمانيا النازيّة...؛ عَون شّن حرب الإلغاء...أحقّا قام كل من هؤلاء بهذه الأعمال؟ صحيح أن التاريخ لا يذكر إلّا القادة والزعماء:

" بكرا لمّا بتنكتب ل تواريخ/ رح تزكر براهيم باشا، ول مير بشير/ ول شيخ فرنسيس ل خازن/ ونحنا لّي كنّا حطب ل سَوْرا/ نحنا ل ناس ل عاديين ما حدا بيزكرنا/ لكن لولانا ما حدا ئاتل/ ما حدا نتصر"(1).

ولكن، ماذا عن الذين قاتلوا، واستشهدوا، وناضلوا، إضطُهدوا، وعُذّبوا، وفقدوا قريباً...؟ هل أن صلحة زعمائهم تمحو قصصهم؟

إنّ صَحّ ذلك، فالعوض بسلامتكن. لا قيمة لإنسان أو قضيّة أو ربح أو خسارة.

إن كان عكس ذلك، فزعمي أن صلحة معراب ناقصة، وناقصة كثيراً. فإذا كان التقارب - وصولاً إلى التعاون - بين ضباط سابقين في القوات اللبنانية والجيش اللبناني إستغرق سنوات من التحضير تحقيقاً للمصالحة مع الذات ومع الآخر؛ فما بالكم وآلاف المناصرين من الطرفين؟

حسناً، ليس الهدف من هذه المقارنة الوصول إلى خلاصة: "ولا بخمسميّة سني" ! لكنها، بشكلها الحالي، لهي أقرب إلى رد فعل سياسي على قاعدة عدو عدوّي صديقي.

فلنفرض أن عون وجعجع تقاربا إلى حد كبير – ليس فقط سياسياً، بل إجتماعياً وإنسانياً – وفجأة تغييرت التحالفات السياسية. من يضمن إستمرار مفاعيل صلحة معراب على الصعيد الشعبي؟

هذا كميل شمعون وبيار الجميّل، وهؤلاء هم شهداء الكتائب/القوات والأحرار!!!

منذ إجتياح وسائل التواصل الإجتماعي حياتنا، وصفحات أدواته تشهد على التقلّب الحاد في المزاج العوني والقواتي في مواجهة بعضهما البعض، حتى لأمسى كل عونيي أو قواتي مشروع "Little Albert" !بمعنى آخر أصبحت أقوال وأعمال عون-جعجع محفّزاً لغرائز مناصريهما، بمقابل حيّز ضيّق لإعمال العقل والمنطق (كي لا يُظلم البعض).

ما المطلوب إذاُ، غير التنظير الذي يشكل هذا المقال جزء منه؟

المطلوب فتح نقاش جديّ عميق وهادىء، ولو كان موجعاً، حول العلاقة الدموية بين الطرفين.

المطلوب تنقية الذاكرة الفردية والجماعية، لا نكأً للجراح، بل درءً لصدام جديد.

المطلوب الإرتقاء بالعلاقة من علاقة بين حزبِيِّين إلى علاقة بين بشر، أي أشخاص – لا أفراد – حيث تكون الإنتماءات الحزبية والسياسية ثانوية لجهة تحديد نمط العلاقة ومفهومي الحقوق والواجبات.

المطلوب مقاربة موضع طي صفحة الماضي "كما لو كانت أعين ضحايا الجرائم السابقة والجرائم المحتملة في المستقبل مثبّتة بإحكام علينا" (2) (ترجمة - عن الإنكليزية – بتصرف)

(1) من مسرحية صيف 840
(2) من خطاب الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان خلال الجلسة الإفتتاحية لمناقشة نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية – حزيران 1998
- اللوحة من مجموعة Goya، بعنوان The Sleep of Reason Produces Monsters (نوم العقل ينتج الوحوش)

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة