للمرّة الأولى ربّما، «طلعت ريحة» الصفقة قبل أن تتّم. الحكومة والمسؤولون والمواطنون والإعلاميون، يعرفون أن تكلفة الـ«123» دولاراً لترحيل طن واحد من النفايات، هو رقم مبالغ فيه، وأن سمسرات فلان وعلّان ستحسب من جيوبهم وعلى حساب تعبهم ومصلحتهم. ومع ذلك، لا تزال «الصفقة» سارية المفعول! لماذا؟ لأنه إذا لم يدفع اللبنانيون «الخوّة»، فستصل النفايات إلى غرف نومهم وصحّة أطفالهم وطعامهم ومياههم.
بالأمس، بشّر رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر اللبنانيين بأن «شينوك» قدّمت للمجلس موافقة روسية لاستقبال نفايات لبنان، وأن على المجلس الآن التأكد من صحّة الوثائق قبل توقيع العقد مع الشركة، التي من حظّها، أنها وصلت إلى نهاية السّباق وحيدةً، لأن المتسابقين الحقيقيين لم يعرفوا بالمسابقة أصلاً!
المهمّ الآن، أن الدولة لم توقّع بعد العقد مع الشركة، في وقت تنهال فيه العروض على الرئيس سلام، وأقلّها يوفّر على خزينة الدولة ما يقارب الـ100 مليون دولار، هذا إذا كانت فترة العقد لا تتجاوز 18 شهراً كما يشير قرار مجلس الوزراء الصادر في 21 كانون الأول الماضي، مع أن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق «طمأن» الوزراء، إلى أنه لا يقتنع بأن مدّة الترحيل قد تقلّ عن ثلاث سنوات، أي 36 شهراً، أي 200 مليون دولار هدر، أو «تسرّب» من جيوب اللبنانيين بالجملة، إلى جيوب لبنانيين معدودين على أصابع اليد!
حتى الآن، هناك ثلاثة عروض خرجت إلى الإعلام بأسعار أقل: عرض مجموعة «نيو بوكسر» بكلفة 85 دولاراً للطن الواحد، مع خطّة موازية لبناء مصانع فرز وإعادة تدوير وتقديم 35% من أرباح الشركة الصافية إلى وزارات ومؤسسات اجتماعية، وعرض شركة «EKO Getlini» للترحيل بـ 80 دولاراً للطن الواحد إلى لاتفيا، وعرض آخر من شركة «buildum ventures» مع ترحيل النفايات لعام واحد فقط وبالتوازي تأهيل مراكز للفرز والمعالجة وانتاج الطاقة من النفايات.
وبمعزل عن جديّة العروض، كيف تستطيع هذه الشركات أداء المهمّات المطلوبة و«حبّة مسك» بالأسعار المطروحة، بينما ترفع «شينوك» سعرها؟ هل لأن «الرزق سائب»؟
أسئلة كثيرة، لا إجابة عنها قبل جلسة مجلس الوزراء يوم الثلاثاء المقبل. فالنقاش في جلسة أول من أمس حول ملفّي موقف لبنان في مؤتمر وزراء الخارجية العرب ومنظمة المؤتمر الإسلامي والتعيينات العسكرية، أجّل إعادة طرح ملفّ النفايات من جديد أمام الحكومة إلى الجلسة التالية، بعدما كان من المتوقّع أن يطرحه وزيرا التيار الوطني الحر الياس بو صعب وجبران باسيل. وبحسب مصادر التيار الوطني الحرّ، فإن «هناك أسئلة أمام الحكومة واللجنة الوزارية ولا بدّ أن تجري الإجابة عنها، وعلى ما يظهر من العروض الجديدة أن هناك هدرا كبيرا في العرض القديم». وتسترجع المصادر ما قاله في السابق بو صعب عن أن «الفضيحة لا تغطى بفضيحة أكبر». وإلى جانب موقف رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، يظهر موقف الرئيس نبيه بري القديم ــ الجديد، المعترض على ملفّ الترحيل بأكمله، بحيث أشار أكثر من مرّة إلى ضرورة عودة ملفّ النفايات إلى «الحلول الوطنية»، وإيجاد مطامر ومراكز معالجة في لبنان، بدل الترحيل وتكليف البلد أعباء كبيرة. وعلى ما علم، فإن وزيري حركة أمل علي حسن خليل وغازي زعيتر سيؤيدان اعتراض وزيري التيار الوطني الحرّ، وسيوجهان أسئلة حول العروض الجديدة والأكلاف المرتفعة للعرض القديم.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News