أمن وقضاء

الثلاثاء 23 شباط 2016 - 07:59 الجمهورية

موقوف: تعلّمت الصلاة في المحكمة العسكرية

موقوف: تعلّمت الصلاة في المحكمة العسكرية

«حبلُ الكذب قصير». عبارة تختصر الاستجواب المُحكم الذي رافقَ جلسات المحكمة العسكرية الدائمة أمس برئاسة العميد الركن الطيار خليل إبراهيم ومعاونة القاضي المدني محمد درباس وحضور النائب العام المفوض لدى المحكمة القاضي كمال نصّار. ففي كلّ مرّة استرسَل الموقوفون لمخيّلتهم منحرفين عن الحقيقة، كانت أسئلة القاضي إبراهيم لهم بالمرصاد، فيتلعثم غالبيتُهم، «يا يا يا سيدنا ما قصدي هيك».عبثاً حاولَ الموقوف خالد مصطفى الجاسم إقناع القاضي إبراهيم بأنه لم يكن ينوي الانضمام إلى أيّ تنظيم مسلّح إنّما الذهاب مع مجموعة من الشباب في زيارة لعائلاتهم في سوريا.

أمس مثُلَ خالد ومعه أحمد خالد القويسم، علاء أحمد الحسن (المرهج)، عبد الرحمن وليد درة، أحمد حسن الغازي، أحمد علي مراد، محمود خالد مراد، عمر حسين إبراهيم، بتهمة الانتماء إلى تنظيم مسلّح بهدف القيام بأعمال إرهابية وارتكاب الجنايات على الناس والنَيل من سلطة الدولة. فسألَ القاضي إبراهيم: هل تؤيّد أقوالك الأوّلية في المخابرات ولدى قاضي التحقيق؟

فيجيب خالد محاولاً التمسّك بعلامات الدهشة، «سيدنا ما قلتُه تحت الضغط، هدّدوني يسَلموني لسوريا، وكنت أعمل في لبنان على تهريب الترابة، وقرّرتُ زيارة أهلي، وتحديداً إدلب حيث تقطن خالتي».

وأضاف: «كنت أسكن في وادي خالد وقرّرتُ الزيارة بمساندة الجيش الحر، عن طريق عرسال». فسأله إبراهيم: «محمود سليمان سليمان (محمود شهيرة) هو مَن سيُدخلك إلى سوريا؟ أجاب: «أنا وعلاء ومحمود شهيرة»، نافياً أن تكون الغاية «الإلتحاق بداعش». إبراهيم: «مين في بإدلب هلّق؟ فردّ خالد: «الجيش الحر، ما في داعش». إبراهيم: «هل ذهبتَ إلى عمشيت؟». خالد: «ما من أحد ساكن هناك أعرفه».

الالتحاق بداعش؟

ثمّ استدعى القاضي إبراهيم الموقوف علاء أحمد الحسن (المرهج)، وسأله: لماذا لقبُك المرهج؟ فنفى عِلمه بخلفية ذلك، مؤكداً في الوقت عينه أنّه نسيَ كلّ أقواله السابقة. أمّا عن وظيفته، فقال: «أعمل في التهريب مع رجل لبناني من وادي خالد».

ما علاقتك بمحمود شهيرة؟ فأوضَح: «إتّفقنا معه ليعطينا رقم أحدٍ ما ليساعدنا للوصول إلى أهلنا». فسأله إبراهيم: «لماذا فكّرت بالعودة إلى سوريا؟ أجاب: «ما عاد لديّ عمل في لبنان، ففكّرت بالعودة إلى إدلب». إبراهيم: «وهل مِن عمل في إدلب». فردّ متلعثماً: «سأعمل في الزراعة». فقاطعَه إبراهيم وسط ضحِكٍ عمَّ أرجاء القاعة: «الدنيا وِلعانة وإنتَ بدّك تزرع؟ شو بدّك تِزرع؟ شو بدّك تحصد؟ لمين بدّك تبيع؟».

فصمتَ علاء محاولاً تصديقَ نفسه. فسأله إبراهيم: «مِن وادي خالد حيث تقطن إلى إدلب، كيف اتّفقت مع خالد؟ فردّ علاء: «أصدقاء مِن زمان». ومتى اتّصل بك؟ علاء: «لا أذكر». إبراهيم: «وهل كنتم تنوون الالتحاق بداعش؟». يردّ علاء: «بنوب». فسأله إبراهيم: «مَن هو عبد الرحمن وليد درة؟»... لا أعرفه... فردّ القاضي: كيف تذهب للسهر عنده في عمشيت ولا تعرفه؟

فارتبَك محاولاً تلفيقَ المسألة بأقلّ ضرَر ممكن، مستكملاً الردّ على الاستجواب: «لا أذكر مَن كان عند درة، يمكن عمر إبراهيم، محمود مراد!» فسأله القاضي: «كِنت رايح تجَنّدن؟». «فردّ: لا سيدنا». .... وقاطعَه: «رايح عند واحد أصغر منّك بـ 10 سنين؟ هل لا تزال مصمّماً على الالتحاق بداعش؟ فردّ: «لا لم أفكّر لأتوب».

صاحي أو مهلوس؟

بعدها استدعى إبراهيم أحمد القويسم وسأله: صاحي أو مهلوس؟ فردّ: «صاحي سيدنا، لأنّ ما مِن حبوب مهلوسة في السجن». إبراهيم: هل تعرف أحداً مِن الموقوفين؟ فنفى، موضحاً أنّه كان يعمل في الزراعة في وادي خالد، مؤكّداً في الوقت عينه أنّه لا يحبّ داعش ولا يعرف المرهج.

فاعترضَه القاضي: «سبَق واعترفتَ بأنّه كان يقاتل في قلعة الحصن ويُفكّر في اصطحابكم للقتال في عرسال والالتحاق بمجموعة أبو عمر إدريسي». صمتَ القويسم وكأنّ لا شيء في جعبته ليضيفه. سأله إبراهيم: لماذا تمّ توقيفك في عرسال؟ فردّ: لتشابُه الأسماء».

مَن لديك في عرسال؟ فردّ: أحدُهم في وادي خالد أمّنَ لي عملاً في الكسّارات». فاعترضَه القاضي: «إنتَ غلطان ما في كسّارات، في مقالع». فسكتَ المتّهم عاجزاً حتى عن الردّ على سؤال: «شو في حجار في عرسال؟». وبعدما استسلم عن المضيّ في المراوغة، قال: «لم أبدأ بممارسة الوظيفة بعد».

فواصَل القاضي أسئلته: «ما الغاية من وجودك في عرسال؟ فأجاب: من أجل الزراعة، فقد أنهيتُ العمل في الزراعة وانتقلت للعمل في الحجر»، نافياً أن يكون متوجّهاً إلى إدلب.

ثمّ إستدعى القاضي عبد الرحمن درة، واستجوبه عن علاقته بأبو عبدي الزعبي قائد كتيبة تل كلخ، فنفى بدايةً أيَّ علم له به، وتحت ضغط الأسئلة، أكّد أنّه جارُه في سوريا. وأوضَح أنّه سكنَ ثلاثة أشهر في قلعة الحصن عند بيت خالته، وبقيَ في سوريا لمساعدة جدّه في الأرض، بينما عائلتُه جاءت إلى لبنان. ولفتَ درة إلى أنه أتى إلى لبنان أكثر من مرّة وأحياناً بطريقة غير نظامية.

سأله القاضي ما إذا التقى المرهج (علاء أحمد الحسن) في قلعة الحصن، فنفى أن يكون التقاه في وادي خالد، وأن يكون قد عرضَ عليه العودة إلى سوريا. وفي السياق، أوضَح درة أنه يعمل ويَسكن في ورشة في عمشيت مع عمّه مصطفى، وعلاقتُه بعلاء أحمد الحسن لا تتعدّى أنه إبن عمّ أمّه. فسأله القاضي: «كيف استدلّ عليك؟». فردّ درة، زارني ليلاً ولم أعرف كيف استدلّ عليّ، فكنت نائماً.

وعاد وسأله القاضي: «هل عرضَ عليك الذهاب إلى سوريا؟ فنفى ذلك مؤكّداً أنّه لا يفكّر بالالتحاق أو القتال، قائلاً: «هذه الشَغلات لا دخلَ لي فيها». فسأله إبراهيم: لا تحبّ داعش؟... لا.

هل أنت ملتزم دينياً؟ فردّ درة: «لا تعلّمت الصلاة لاحقاً». فسأله إبراهيم: مَن علّمك؟ أجاب درة: تعلّمت الصلاة في المحكمة، رأيتهم يصَلّون، فصرت أصلّي، فعلّق إبراهيم: «عال عمِلنا شغلة منيحة، كسِبنا أجر». ولاحقاً أرجأت المحكمة الجلسة لاستكمال الاستجواب في 13/ 5 / 2016.

الأسير سيؤمّ الصلاة

أمّا الجلسة التي حملت الرقم 77، فلم تقلّ غرابة عن سواها من الاعترافات، حين مثُلَ محمد بهاء وليد اللّي (1990) بتهمة تحريض الرقيب الموقوف تامر سعد الدين، الذي التقاه لمدة 3 أيام في نظارة المحكمة العسكرية، على إدخال سيارات بغية تفخيخها للقيام بأعمال إرهابية.

فروى محمد أنّه «بالأصل يعيش في السعودية، حيث يعمل في التجارة مع عمّه، وهو مدلّل عند أهله. وقد جاء إلى عرسال للارتباط بابنة جيرانه التي نزَحت وأهلها من يبرود إلى عرسال».

فاستوضَح القاضي عن أبرز النقاط التي ردّدها محمد على مسمع تامر خلال وجودهما في النظارة، معدداً له إياها: «سألتَ تامر إذا معه رخصة قيادة وعن مدى إمكانية إدخال جيبات prado إلى سوريا، وأخبرتَه أنّك تعرف استخدام نوع محدّد من الصواريخ، وأنّ الجبهة الإسلامية ستقيم صلاةَ العيد في لبنان وسيؤمّ الصلاة الشيخ أحمد الأسير، وبأنك تملك مقاطع فيديو يَظهر فيها أسرى لحزب الله، وبأنك أسرتَ واحداً وقتلتَه وطلبتَ من تامر أن يدلّك على أثرياء في الطائفتَين الشيعية والمسيحية لخطفِهم مقابل فدية».

ثمّ طلب منه القاضي توضيح خلفية ما سبق وأدلى به لتامر من أخبار، ومِن أين حصل عليها، فردّ محمد: «سيدنا كنتُ أسخَر وأمزح، وبعض ما قلته كنت قد قرأته على الفايسبوك»، طالباً في نهاية الجلسة الرحمة والعدالة، «لأنّ لديه إبناً عمره سَنة لم يتعرّف عليه بعد».

وفي الختام حكمت المحكمة بالأشغال الشاقة على محمد لمدّة ثلاث سنوات وتجريده من كامل حقوقه.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة