متفرقات

placeholder

لميا شديد

السفير
السبت 26 آذار 2016 - 09:41 السفير
placeholder

لميا شديد

السفير

ألغام البترون.. شاهد على الحرب إلى زوال

ألغام البترون.. شاهد على الحرب إلى زوال

منذ العام 1990 بدأت منطقة البترون تنفض عنها غبار الأحداث الداخلية وتمحو آثار خطوط التماس التي فصلت بين قرية وأخرى، لا سيما الوسطى منها والجردية.
قد تكون الألغام أبشع ذيول الأحداث، لأنها تهدد حياة المواطنين إضافة إلى حرمانهم من أرضهم وعقاراتهم على مدى 35 عاماً وأكثر، إلا أن قيادة الجيش بادرت بواسطة وحداتها الهندسية أولاً، ولاحقاً عبر المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام، بمعالجة المشكلة منذ مطلع التسعينيات بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية منها منظمة Handicap International التي تعمل حالياً في المنطقة والجمعيات الأهلية، عبر سلسلة نشاطات منها العمل الميداني لإزالة الألغام والقنابل العنقودية ومخلفات الحروب، حملات التوعية والإرشاد، ومساعدة ضحايا الألغام.

قد تكون منطقة البترون من المناطق التي عاشت وعانت من مشكلة الألغام التي توزعت في عدد كبير من البلدات والقرى، حيث سقط عدد من الضحايا وأصيب عدد آخر ونتجت إعاقات من انفجار لغم من هنا وآخر من هناك، كما حصل مع المواطن طوني جرمانوس في بلدة دير بللا البترونية في العام 1994 عندما اضطر للدخول الى أرضه المزروعة بالألغام، فانفجرت فيها ثلاثة ألغام على دفعتين ونجا بأعجوبة يومها ولم يصب بأي أذى.

هذا هو الهدف من مشروع التعاون بين المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام ومنظمة Handicap International ، حماية أرواح المواطنين والعمل على استعادتهم أرضهم التي حرموا منها لسنوات.

حاليا تتوزع أربعة فرق عمل للمنظمة في قضاء البترون وعلى حدودها مع منطقتي جبيل والكورة وتعمل تحت إشراف مدير العمليات المقدم المتقاعد محمد القعقور الذي يشير إلى أن «الفرق تنشط حالياً في أربعة مواقع ضمن نطاق قضاء البترون وعلى حدوده: في مسرح وزان وزغرتا المتاولة في قضاء الكورة وشموت ومعاد في قضاء جبيل من ضمن خريطة عمل شاملة لكل محافظة الشمال. وهذا العمل يتم بناء على تعليمات المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام التي على أساسها يتمّ تسليم المهمات وتوزيع الفرق. ويتألف كل فريق من 12 شخصاً منهم المشرف وهو المسؤول عن الفريق ومساعده وسبعة نقابيين ومسعف وسائق سيارة الإسعاف. هؤلاء كلهم يخضعون لدورات تدريبية في حقول التدريب ودروس نظرية وعملية وتقييم بإشراف خبراء من المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام قبل انضمامهم الى فرق العمل».

ويوضح المقدم القعقور أن «كل الأعمال تتم بناء لمسح أجراه المركز اللبناني المذكور واستناداً الى معلومات متوافرة لدى الأهالي ومعلوماتهم المتعلقة بأراضيهم، إضافة الى معلومات تتعلّق بحوادث وانفجارات ورعاة تشكل دلائل تؤخذ بعين الاعتبار لتحديد المواقع المزروعة بالألغام والتي تحتاج لعملية تنظيف. وقبل الاستعانة بمنظمة Handicap International لاستكمال الأعمال كان فوج الهندسة في الجيش اللبناني قد بدأ عملية نزع الألغام من بعض القرى البترونية».

تجدر الإشارة إلى أن أعمال نزع الألغام في منطقة البترون مستمرة من قبل منظمة Handicap International وبتمويل من وزارة الخارجية الأميركية والاتحاد الأوروبي والوكالة الفرنسية للتنمية. ويتم العثور على ألغام وذخائر وقذائف، منها ما هو غير منفجر ويشكل خطراً على حياة المواطنين. من هنا فعملية تسليم الأراضي المنظفة لا يمكن أن تتم قبل موافقة الجيش اللبناني الذي يقوم برصد الأراضي بهدف التحقق من التنظيف والالتزام بالمعايير الدولية والوطنية للأعمال المتعلقة بالألغام المحددة تفادياً لحصول حوادث أو انفجارات. وبعد التأكد من سلامة العقارات ونظافتها يتخذ الجيش اللبناني التدابير والإجراءات اللازمة لتسليم الأراضي الى أصحابها نظيفة خالية 100% من الألغام، وذلك بعد أن يكون قد تسلّم تقريراً مفصلاً عن تنفيذ الأعمال من المنظمة.

هذا المشروع يلقى ترحيباً من المواطنين الذين كانوا يتلهّفون للعودة إلى أراضيهم التي تسلّموها نظيفة سليمة بعدما هجروها لعقود من الزمن. وها هم اليوم يعتنون بزيتونهم ويفتحون الطرق الزراعية ويزرعون البساتين، ما ينعكس إيجاباً على الأوضاع الاقتصادية والزراعية والعمرانية والعقارية.

ويُبدي المواطن مرعب مرعب من بلدة صغار ارتياحه لهذا المشروع «الذي أعاد لي أرضي التي تبلغ مساحتها خمسة دونمات ونصف دونم، بعدما هجرتها منذ بدء الأحداث يوم شكلت قرانا خطوط تماس. اليوم عدنا نتفقد بساتين الزيتون ونعتني بها، نحرثها ونقطف الإنتاج. لن أقول أكثر من أن هذا العمل هو عمل عظيم لطالما انتظرناه، وها هو اليوم تحقق عندنا، وهناك مواطنون لا يزالون ينتظرون العودة الى أرضهم التي عانوا الكثير من هجرها».

ويقول طوني جرمانوس من دير بللا الذي نجا من ثلاثة انفجارات تعرّض لها قبل تنظيف أرضه: «هناك مثل يقول (مَن علّمني حرفاً كنت له عبداً)، ونحن اليوم نردّد من نزع من أرضي لغماً كنت له عبداً، لأننا لن ننسى فضل الجيش اللبناني ومنظمة Handicap International علينا. ونتمنى أن لا يبقى شبر واحد من دون تنظيف، لأن قرانا زُرعت بالألغام منذ 1980 بحيث تركنا أرضنا وخسرناها وخسرنا إنتاجها على مدى 35 عاماً».

أما سمير جرمانوس من بلدة دير بللا أيضاً فقد تسلم أرضه النظيفة والخالية من الألغام ووصف استعادة أرضه «بعودة الابن الذي يكون في غربة عن أهله لعشرات السنين». يقول: «لم نكن نعرف شيئاً عن أرضنا. مساحة عقاري 3500 متر مربع من الزيتون تخلّيت عنه قسراً منذ 1980 وخسرت مواسم الزيت والزيتون التي عادت إلي اليوم بعد تنظيفها».
وتستمر أعمال نزع الألغام في المواقع الأربعة في قضاء البترون وعلى حدودها على أن تطال قرى أخرى، خصوصاً في المناطق الجردية بعد ذوبان الثلوج وتحسّن الطقس، ما يسمح بتنفيذ الأعمال. ويُنتظَر إنهاء تنظيف كل الأراضي البترونية في العام 2019 وعندها يعود كل المتضرّرين من ذيول الأحداث إلى أراضيهم بعد استعادتهم الثقة بسلامتها ونظافتها وخلوّها من الألغام.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة