أكدت مصادر مطلعة على تفاصيل اللقاء الذي جمع مستشار الرئيس الحريري النائب السابق غطاس خوري بالدكتور سمير جعجع أن «الدبلوماسية طغت على النقاش الذي ركّز على ملف الإنتخابات الرئاسية».
منذ بداية اللقاء، وجد خوري نفسه ملزماً بإعادة شرح تفاصيل الملف الرئاسي، في جلسة مصارحة وصفتها المصادر بأنها «مفتاح للمرحلة المقبلة». فقد جرى الاتفاق على «حصر الخلاف بالملف الرئاسي». قال خوري على نحو صريح «نحن مستمرون في دعم فرنجية وأنتم مستمرون في دعم عون، ونحن لا نستطيع مجاراتكم، فلتسِر الأمور كما تفرضها الظروف ولسنا ضد وصول أحد»، لكن في المقابل «نتمنّى ألّا يحمّلنا أحد من جهتكم مسؤولية التعطيل، كما لن نحمّلكم نحن المسؤولية.
المشكلة كلّها تصبّ عند حزب الله». وأضاف «نحن سنستكمل التواصل مع كل الأطراف، ولا نرفض تواصلكم مع العونيين، بشرط ألّا تكون هناك مواجهة أو صدام بيننا وبينكم».
في المقابل، لم يتّسم موقف معراب من هذا الكلام بالحدّة، وإن كانت القلوب غير صافية مئة في المئة، لكنّ «الحكيم» فضّل مسايرة «ضيفه»، بالتعبير عن إرتياحه لشكل العلاقة. على الأقل «التنسيق لا يزال قائماً، والخطوط مفتوحة. وهذه نقطة تُسجّل لمصلحة فريقنا، مقارنة بفريق الثامن من آذار، حيث أقفلت الأبواب العونية في وجه فرنجية، وأدارت عين التينة ظهرها كلياً للجنرال، وبينهما أصبح الحزب في خانة الحرج». وبالنسبة إلى المصادر، «دخل التوتر مرحلة التبريد لا العكس».
وتستند المصادر في حديثها إلى «رغبة الطرفين بعدم توسيع دائرة الخلاف بل تضييقها». حتّى إن جعجع، بحسب المصادر، لم يجزم لخوري قرار القوات الإلتحاق بالخيار العوني النزول إلى الشارع ضد تيار المستقبل، مشيرة إلى أن رئيس القوات لم يعطِ ضيفه المستقبلي تطمينات بهذا الشأن، لكنه أكد أمامه أن «النقاش في هذا الأمر لم يُحسم بعد».
ولعلّ ذلك كما تقول المصادر يفرضه استحقاقان، يجد المستقبل والقوات أنهما بحاجة إلى خوضهما معاً. الأول، هو الإنتخابات البلدية المقررة في أيار المقبل، وقد جرى البحث فيها على قاعدة أن «تنجح القوات في خلق أرضية مشتركة بين العونيين والمستقبليين لخوضها في المناطق التي يتشاركان النفوذ فيها». وبالنسبة إلى المستقبل، فقد أكدت مصادر الرئيس الحريري أنه «سيخوض معارك المقاعد الإسلامية، في بلدية بيروت على سبيل المثال لا الحصر، أما المقاعد المسيحية فسيترك المعارك فيها للقوات والكتائب، على أن تتولّى القوات بالتحالف مع العونيين خوضها». وبالنسبة إليه، تبقى بيروت هي الأهم. يظهر حتى الآن أن الحريري يُحاذر عدم خوض معركة ضد القوات في البلديات، ولذا يسعى إلى إرساء قاعدة تفاهم. لكن المستقبليين يشتكون من «عدم الحماسة القواتية لملاقاة الحريري في منتصف الطريق»، مدّعين أنه «باستثناء الزيارة الأخيرة لغطاس خوري، لم يلِ هذه الزيارة أي حراك استثنائي يشي بأن الأمور تسير كما يرغب بها الطرف المستقبلي».
وترجّح مصادر المستقبل أن القوات حتى الآن تعيش فترة «ارتباك»، فهي من جهة لا تريد مقارعة التيار الأزرق حتى لا يؤثر عليها ذلك في الانتخابات النيابية في مناطق مثل زحلة والشمال. في المقابل، «تريد إرساء اتفاق مع العونيين حتى يبقى في استطاعتها الدخول إلى المتن وكسروان»، وهو ارتباك يثير ريبة تيار المستقبل، بسبب عدم حسم حزب القوات خياراته حتى اللحظة.
من جهة أخرى، يبقى استحقاق قانون الإنتخابات النيابية الذي استطاعت القوات أن تصل إلى صيغة مشتركة مع المستقبل والحزب الإشتراكي بشأنه. وهو يضمن إجراء الاستحقاق بنسبة ستين في المئة على الأساس الأكثري، وأربعين في المئة على الأساس النسبي. ولا يبدو، أقله حتى الآن، كما تقول المصادر، أن القوات في وارد التخلّي عن هذه الصيغة وفتح معركة جديدة مع الرئيس الحريري.
إذاً، التنسيق قائم بين المستقبل والقوات، لكنه يبقى مجرد تنسيق شكلي، وهذا يعني أن الأمور لا تزال «متصدعة». ولعلّ خير مثال على هذا التصّدع هو انتقاد نواب مستقبليين لتغيّب نائب القوات جورج عدوان عن جلسة انتخاب رئيس للجمهورية الأسبوع الفائت. وهو تغيّب أكدت مصادر قواتية أنه «ليس رسالة موجّهة ضد الحريري. لكننا ندرك جيداً كما يُدرك هو ونوابه أن النصاب سياسي لا عددي، وما دام قرار انتخاب رئيس جديد غير متوافر، فلا حاجة للحضور». أما الجلسة ما قبل الأخيرة، فقد كان النصاب القواتي المكتمل بمثابة «ترحيب بعودة الرئيس الحريري إلى البلد ومجلس النواب»!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News