إعتبر الباحث في العلاقات الدولية المتخصص بالشؤون الآسوية، الدكتور عماد رزق، أنّ ظروف تأزّم العلاقة بين أرمينيا وأذربيجان حول جمهورية "ناغورني كاراباخ"، مرده ظهور شبه اتفاق دولي لإعادة ترتيب كلّ الأزمات التي نشأت ما بعد فترة الإتحاد السوفياتي أكان في المنطقة العربية أو أوروبا، أو في وسط آسيا في منطقة القوقاز.
وقال رزق في حديث الى قناة "المنار" ضمن برنامج "بانوراما" إن تركيا واسرائيل معنية في هذه الصراع الناشئ بين ارمينيا وأذربيجان، كما انّ الأميركيين والروس معنيين بجزء من التسوية ليس في "ناغورني كاراباخ" وحسب بل في عدة مناطق أخرى، تماماً كما نلاحظ ذلك في سورية.. وبرأيي استمرار الصراع لعدة أيام بغير عادة المناوشات التي حصلت سابقاً في عام 2014، يكشف مسعى طرف اقليمي الذي هو "تركيا" بأنها بحاجة لكي تكون على طاولة المفاوضات الأميركية الروسية حول سورية وعدة امكنة، وهذا الأمر مستحيل.
ورداً على سؤال اعتبار وزير خارجية روسيا لافروف انّ مسألة النزاع أكبر من تركيا، قال رزق إن المسألة على علاقة أيضاً باسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، واضاف: تركيا بتحركها المباشر، اسرائيل بشكل غير مباشر وخفي والهدف من كل ذلك تطويق "ايران". وهذه هي سياسة حلف "شمال الأطلسي" لإطباق الطوق على طهران من افغانستان وأذربيجان وتركمستان و أفغانستان والخليج العربي والعراق وسوريا.. وهذا الأمر بالشق الإستراتيجي هدفه قطع ما سمّي قديماً "طريق الحرير" أو الترابط بين اوراسيا أو شمال روسيا باتجاه الخليج والعالم العربي وايران.
وربط رزق كل هذه التطورات باعادة احياء المبادرة الأميركية المتعلقة بالمفاوضات سابقاً بين الأرمن والأذربيجان لإقفال العلاقة بين الصين وايران وروسيا عبر ارمينيا مقفلة.. والهدف النهائي مراقبة ايران 100%.
ورأى رزق أنّ الأطراف الدولية في العادة لا تسعى الى الحلول النهائية، بينما في التسويات هنالك خاسر ورابح، وقال أن اقليم "ناغورني كاراباخ" تاريخياً هو نقطة تقاطع بين الحضارة الفارسية والعثمانية والأمبرطورية الروسية، وإذا أضفنا اليهم النفوذ الأميركي وتقارب روسيا مع الصين والهند ودخول ايران منظومة "شنغهاي" نستطيع فهم تداخل وتشابك المصالح الدولية، وإذا ربطنا كلّ ذلك بالتوافق النووي الإيراني مع الغرب وانزعاج السعودية وتركيا مع التقدم في حلحلة أزمة سورية والملفات المتعلقة في شرق أوروبا، كلّ ذلك يطرح وضع الملفات للمعالجة بين الكبار.
ويشرح رزق مقاربته السياسية: "اتفاقهم على بعض النقاط يعني ايضاً اختلافهم على بعض النقاط الأخرى.. وتفجّر الوضع في آسيا الوسطى كان متوقعاً بحسب مراكز الأبحاث الذي نعمل من خلالها، كون ملف "داعش" والإرهاب له علاقة وثيقة بوسط آسيا.. اليوم تركيا توجّه الرسائل المبطنّه باتجاه القوقاز (أذربيجان) والبلقان (ملف اللاجئين السوريين) والشرق الأوسط (سوريا)".
ويقول رزق: من الناحية الاستراتيجية استمرار المعارك يستنزف الجميع، وبحسب معلوماتي الجانب الأميركي لا يريد الصراع الآن، وإن كان يفيده استنزاف الجميع.. من يسعى فتحها الآن هو الجانب التركي والإسرائيلي لعرقلة اي صفقة بين الجانبين الروسي والأميركي من دون الحفاظ على مصالحهم.
ويضيف الدكتور رزق: أرمينيا على علاقة متينة وتاريخية مع روسيا، ولكن لديها علاقة ايضاً قوية مع الولايات المتحدة، وبهذا المعنى الإستفزاز الأذربيجاني اليوم في " ناغورني كاراباخ " هو استفزاز للجانبين الأميركي والروسي، وبرأيي الموضوع خرج عن كونه موضوعاً طائفياً أو اثنياً أو دينياً.
واعتبر رزق أن طاولة المفاوضات رغم خوضها دبلوماسياً فهي أيضاً تُخاض عسكرياً في الميدان، ومن يحسم ويتقدّم، يفرض شروطه، يقول: التخوف ان يحصل تغلغل وابقاء حالة النزاع لأمد طويل.. ولكن ليعرف الجميع في حرب روسيا، الصواريخ التي اطلقت على المجموعات الإرهابية من بحر قزوين كان ليس للايحاء بل للقول أن بحر قزوين هو تحت النفوذ الروسي تماماً كالممرات الدولية في مضيقي البوسفور والدردنيل الخاضعة للنفوذ التركي.. واذربيجان اليوم قد تسعى من خلال تركيا واسرائيل وجناح اميركي متطرف استغلال الصراع لتوجيه رسائل معينة، ولكني أقول لهم بيقين، كل يوم تُهزمون اكثر في ظلّ التقارب الذي يحصل بين الأكراد والأرمن والروس والإيراني.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News