عندما نسمع عن الجسر الذي سيربط بين مصر والسعودية، وعندما نسمع اسم جزيرة تيران وشرم الشيخ... تعود بنا الذكرى إلى الرئيس المصري جمال عبد الناصر وإغلاق مضيق تيران في إطار الإجراءات التي اتّخذتها مصر في سنة 1967، ردّاً على الحشود العسكرية الإسرائيلية استعداداً لمهاجمة سورية. أدّى هذا كله، كما هو معروف، إلى حرب حزيران واحتلال المستعمرين الإسرائيليين لسيناء والجولان وللضفة الغربية، ولجزيرتي تيران وصنافير، كما كان مقرراً في الخطة الاستعمارية.
كيف ننظر إلى مشروع بناء جسر يربط مصر ببلاد الحجاز عبر مضيق تيران؟ هل من أجل الدفاع عن سورية ؟ هل هو وسيلة ضغط على المستعمرين الإسرائيليين من أجل انتزاع حق الفلسطينيين بالعودة؟ الإجابة عندي على هذين السؤالين هي بالنفي. الخريطة توضّح بأنّ هذا الجسر على افتراض أنّ الإعلان عنه هو جدّي، وليس «خرجة إعلامية» كمثل الدكتوراه الفخرية، وقلادة النيل التي تأتي بعد وسام جوقة الشرف الفرنسية، يتطلب بناؤه موافقة إسرائيلية وأردنية. فخليح العقبة ممرّ مائي للإسرائيليين والأردنيين. بمعنى آخر أن الإسرائيليين، إذا بُني هذا الجسر - الكذبة، كمثل آل سعود، سوف يمرّون من تحته أو سيضطرون إلى القفز من فوقه. وهذا ممكن ربما في زمان الملك سليمان. إذ لا ننسى أنّ النبي سليمان سخّر الجن والحيوان وأنطق الهدهد ... ولكن تبدو الأمور، في نظري وبكل تواضع، أبسط. فالأطراف الثلاثة يلتقون جغرافيّاً في العقبة. فلماذا لا يتوافقون على مشروع طريق تربط بينهم في منطقة العقبة؟
إذاً، إنّ وراء الأكَمَة ما وراءها! إنّ وراءها، بحسب رأيي، جزيرتين هما تيران وصنافير تحتلّهما إسرائيل منذ سنة 1967، أنكر الرئيس المصري الأسبق أنور السادات مصريّتهما، وتخلّى عنهما آل سعود. بمعنى آخر سوف يمر الجسر السعودي - المصري عبر جزيرة يحتلّها الإسرائيليون! هذا من ناحية، أمّا من ناحية ثانية، يحق لنا أن نتساءل لماذا يريد السعوديون أن يربطوا بين مصر والحجاز؟ من المرجّح أن يكون مردّ ذلك إلى حاجة آل سعود إلى المصريين. حاجتهم إلى الجيش المصري، حاجتهم إلى العمال المصريين، شرط أن يعودوا إلى بلادهم فور انتهائهم من عملهم.
وهكذا تصبح مصر محميّة لآل سعود، أبارتهيد !
الفرضيّة الثالثة، بعد ملكية جزيرة تيران وتسهيل حركة العمال المصريين، مفادها أنّه من المحتمل أن تكون الغاية من وراء هذا الجسر هي إجبار مصر على الاستدارة 180 درجة، بحيث تُدير ظهرها إلى البحر المتوسط، وتتّجه إلى البحر الأحمر، فتصير دولة إفريقية وليست عربية وليست متوسطية. ألم يُعلن الملك سليمان أنّ الجسر الذي ينوي تشييده سوف يربط بين آسيا من جهة، وبين إفريقية من جهة ثانية. إذاً جسر ملك آل سعود ليس جسر العودة !
اخترنا لكم



