مختارات

الاثنين 09 أيار 2016 - 06:49 السفير

بيروت تؤجل التغيير: التمديد لـ"زيّ ما هيّ"

placeholder

لم تنزل بيروت لتنتخب. ظلت في قراها ومدنها البديلة التي اختارها أهلها طوعاً أو اضطراراً. وعلى الرغم من كل الحماسة التي سبقت ورافقت العملية الانتخابية، إلا أن نسبة الاقتراع قاربت النسبة التي سجلت في العام 2010، والتي لم تتعد 18 بالمئة من عدد الناخبين المسجلين البالغ 470 الفاً.

ما إن انتصف النهار حتى أخذت المعركة حجمها الواقعي، وتم التمديد لنهج «زي ما هي»، على ما أعلن الرئيس سعد الحريري قبيل الحادية عشرة ليلاً لمناصريه في بيت الوسط. لم يحن أوان التغيير بعد، وإن بدت تباشيره جلية في عيون كل من آمن بقدرة «بيروت مدينتي» على تحقيق «المعجزة». هؤلاء صاروا أكثر ثقة بقدرتهم على المواجهة. وصاروا يملكون تجربتين في مواجهة السلطة: الحراك المدني والانتخابات البلدية.

صحيح أن الآمال كانت كبيرة بإحداث المفاجأة، لكن بالنسبة لرئيس اللائحة ابراهيم منيمنة، فإن النجاح قد تحقق في كل الأحوال. أولاً بسبب النسبة العالية التي حصلت عليها اللائحة وتراجع نسبة الأصوات التي حصل عليها «التحالف» العريض الذي تشكل، بالمقارنة مع أرقام 2010. وثانياً لتشكيلها ظاهرة قادرة على التعميم والتكرار في أكثر من منطقة. وثالثاً تقديم نموذج في كيفية إدارة الانتخابات، مع الإصرار على الالتزام بالقانون بحذافيره، خلافاً للائحة المنافسة، أضف إلى نقلهم المعركة الانتخابية إلى مستوى جديد من التعاطي السياسي.
القمصان البيضاء التي تحمل اسم «بيروت مدينتي» كانت حاضرة في كل المراكز الانتخابية في العاصمة، لكنها ظلت كالجزر في بحر القمصان الحمراء لـ «لائحة البيارتة». ذلك مؤشر على القدرة الهائلة والخبرة الكبيرة التي تملكها أحزاب السلطة، في مقابل الصعوبة التي واجهتها الحركة الناشئة في تأمين عدد كاف من المندوبين الثابتين يغطون 830 قلم اقتراع، من دون احتساب عدد المندوبين الجوالين.

وإذا كنت اللائحة قد تمكنت، بعد جهد، من تأمين نحو 600 مندوب ثابت، فإن حركة «مواطنون ومواطنات»، وفّرت على نفسها كل العناء، فلم يُرَ لها أي مندوب. لكنها مع ذلك، كانت حاضرة في أحاديث الكثير من ناخبي ومتطوعي «بيروت مدينتي»، الذين وجدوا بمرشحيها، ولا سيما الوزير شربل نحاس، حليفاً من دون تحالف.
لم يكن المندوبون الحمر كزملائهم البيض. بدوا أقرب إلى موظفين يلتزمون بتوزيع اللوائح الانتخابية بحماس مفقود، فيما كان زملاؤهم يركضون ويغنون، والأهم.. يشرحون للناخبين برنامجهم للبلدية.

في ثانوية رأس النبع للبنين، كما في ثانوية شكيب ارسلان، كان العصب المستقبلي مشدوداً. مكانة الشيخ سعد كبيرة بالرغم من كل الاعتراضات على أداء «المستقبل». نزل الرئيس بكل ثقله طالباً من البيارتة تأجيل ملاحظاتهم الكثيرة على البلدية السابقة، واعداً بالإصلاح والإنماء. لكنه لشدة حماسته الانتخابية، لم يسمع رئيس القلم، حيث انتخب في ثانوية شكيب ارسلان، يقول له مرتين أين يجب أن يضع المظروف الخاص بالانتخابات البلدية. كثرة الكاميرات جعلته يرميه في الصندوق المخصص للمختارين، قبل أن يضع اللوم على رئيس القلم، الذي عاد ووضع إشارات بارزة جداً أمام الصندوقين والغرفتين العازلتين، كتب عليها «مختار» و«بلدية».

في وقت الشدة لا مكان سوى للدعم والتضامن في وجه «الحاقدين على الحريرية». لكن هؤلاء لم يسمعوا الفنان أحمد قعبور يؤكد أن المعركة ليست في وجه أحد. هي فقط للقول إن «لقوس قزح سبعة ألوان لا لوناً واحداً».

كانت المندوبة الخمسينية قد تعبت من ساعات الوقوف الطويلة. جلست على حافة الرصيف قرب مدرسة حوض الولاية في الباشورة. ليس «المستقبل» من جعلها تنزل لتنتخب «البيارتة» وتلبس القميص الأحمر، بل فؤاد مخزومي. تقول إن «المهندس يقدم لنا المساعدات منذ فترة، فيما المستقبل لم يعد يسأل عنا». وتوضح أن ماكينة «التيار» اتصلت بها لتعمل كمندوبة، لكنها فضلت العمل لمصلحة مخزومي، الرافعة المالية للائحة، ومعوّض الشح المستقبلي.

في مدرسة الحكمة كان الوضع مختلفاً. يبهت اللون الأحمر، ويحل مكانه اللون البرتقالي. «التيار الوطني الحر» متواجد بكل قوته إلى جانب مندوبي حزب «القوات اللبنانية». وجودهما باللباس الحزبي، يعطي دفعاً إضافياً لمساعيهما لدعم اللائحة التوافقية. هم يعرفون أن اللباس الرسمي للائحة البيارتة ليس «بييعاً» في الأشرفية. أضف إلى أنهم بذلوا جهوداً كثيفة لحث مؤيديهما على عدم التشطيب، لكنهم لم يوفقوا. فكان التشطيب متبادلاً، وكان للائحة «مواطنون ومواطنات» و «بيروت مدينتي» حصة منه، مع الإشارة إلى أن نسبة الاقتراع في الأقلام المسيحية لم تتجاوز الـ15 بالمئة، بعكس الأقلام السنية، التي تخطت في بعض الأقلام الثلاثين بالمئة، وكان الالتزام باللوائح فيها أوضح.
وإذا كان «حزب الله» قد أعلن أنه غير معني بالانتخابات البلدية، مركزاً جهوده على معركة المختارين، فإن مناصريه آثروا المشاركة في الاستحقاقين، فكانت لائحة «مواطنون ومواطنات» الخيار الأول لهم إلى جانب مرشح «حركة أمل»، ونسبياً مرشحي «التيار الوطني الحر».

حضرت «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية»، كما في كل استحقاق بيروتي، بقضها وقضيضها، وبوصفها ثاني قوة سنية في العاصمة. حتى في مدرسة المنارة المتوسطة، حيث الإقبال لم يتجاوز العشرة في المئة، انتشر مندوبوها باللون الأصفر في كل مكان. مطلبهم بسيط. «نزلنا اياها لو سمحت»، تقول المندوبة للناخب، وهي تعطيه اللائحة الملغومة. هي «لائحة البيارتة» نفسها، لكن مع استبدال أحد الأسماء باسم مرشحها محمد مشاقة. إلى جانبهم حضر مندوبو «لائحة بيروت»، التي يترأسها عماد سعيد الوزان، وتتألف من 19 مرشحاً. كانوا موجودين بهدوء وإصرار. يوزعون اللوائح، وهم يعرفون حدود قوتهم، في مقابل اللائحة التي جمعت كل تناقضات السلطة ومصالحها، والتي للمناسبة، قال عنها الوزير ميشال فرعون إن «هدفها تصحيح النهج في العاصمة وإنجاز الإنماء»!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة