ليبانون ديبايت - بقلم مريم سليمان، من مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت
يذكر أحد التقارير الصادرة مؤخراً عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) تعريفاً دقيقاً للأزمات التي عايشناها على مدى الأعوام الثلاثين المنصرمة، إذ يقول إنها بعد أن كانت أحداثاً جليّة الأعراض والنتائج وقصيرة الأجل، فهي تحوّلت اليوم إلى أزمات ممتدة. ويُشير التقرير نفسه إلى أن سبب ذلك هو جملة عوامل أبرزها الكوارث الطبيعية، والنزاعات المسلّحة، وتبدّل أنماط الاستهلاك نتيجة الأزمات المالية المتعددة وتقلّبات الأسعار. قد يخرج السببان الأوّلان عن قدرة الفرد بالتحكّم بهما بمُفرده أو بجُهد أحادي، إلا أن تطبيق أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة يتوقّف على كلٍّ منا، لا بل يتطلّب اتحاد الكلّ في المسار نفسه وإن مع اختلاف درجات المسؤولية للوصول إلى الهدف المنشود.
الهدف 12 ضمن لائحة أهداف التنمية المستدامة التي أقرّتها الجمعيّة العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي يُعالج هذا الموضوع ويحمل عنوان "ضمان وجود أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة". فأنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة تتعلّق بتشجيع الكفاءة في الموارد والطاقة، واستدامة البنية الأساسية، وتوفير إمكانية الحصول على الخدمات الأساسية، وتوفير فرص العمل اللائق وغير المضر بالبيئة، وتحسين جودة الحياة لصالح الجميع. ويقتضي تفعيل هذه الأنماط التعاون ما بين مختلف الجهات من المُنتِج حتى المستهلِك، وإشراك المستهلكين بهذه العملية من خلال توعيتهم وتثقيفهم حول الأنماط الأمثل للاستهلاك والحياة المستدامة، وتزويدهم بالتالي بما يكفي من معلومات عبر الملصقات التعريفيّة. ويساعد تطبيق أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة على إنجاز خطط التنمية الشاملة، وخفض التكاليف الاقتصادية والبيئية والاجتماعية مستقبلاً، وتوطيد القدرة التنافسية الاقتصادية، وخفض حدة الفقر. والمعنيّون بتطبيق هذه الأنماط هم مختلف أصحاب المصلحة والأعمال، والمستهلكون، والمسؤولون عن رسم السياسيات، والباحثون، والعلماء، وتجار التجزئة، ووسائط الإعلام، وغيرهم.
يأفل كل عام أيامه مع هدر في الأغذية يبلغ ما يعادل 1.3 مليار طن يسببه سوء النقل أو عدم سلامة عمليات الحصاد. بالتوازي، تشير الإحصائيات إلى أن عدد سكان العالم قد يبلغ 9.6 مليار بحلول عام 2050، وعندها ستقتضي الحاجة إلى وجود ثلاثة أمثال كوكب الأرض من أجل توفير الموارد الطبيعية المطلوبة لتلبية أنماط الحياة الراهنة. وتفرض هذه المعادلة تحقيق الإدارة المستدامة والاستخدام الكفؤ للموارد الطبيعية وذلك عبر تشجيع الشركات ولاسيّما الكبيرة منها على اعتماد ممارسات سليمة وصديقة للبيئة والحدّ بدرجة كبيرة من استخدام المواد الكيميائية، وتخفيض إنتاج النفايات وإعادة تدويرها واستعمالها. وقد يكون من المفيد بمكان أيضاً دعم البلدان النامية لتعزيز قدرتها العلميّة والتكنولوجيّة مما يوفّر فرص عمل جديدة ويعزّز ثقافات الإنتاج المستدام.
إذاً، لا يُمكن أن تكون أنماط الاستهلاك مستدامة إذا لم يتحمّل الجميع مسؤوليته تجاه هذا الأمر، فهي عمل جَماعي يتعثّر مع تلكؤ أي جزء من المنظومة الكونيّة. فالغد وما بَعده يرتكزون على عدم تنصلّنا من مسؤولياتنا جميعاً لتأمين المستقبل الأفضل الذي نصبو إليه.
لمزيد من التفاصيل حول خطة التنمية المستدامة يمكن زيارة الموقع التالي: http://bit.ly/1LJYCX4
ولآخر الأخبار والمستجدّات المتعلّقة بالخطة، يُرجى متابعة موقع مركز الأمم المتحدة للإعلام: http://bit.ly/20np831
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News