نجت مدينة القامشلي من مجزرة كانت تستهدف رأس الكنيسة السريانية، البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني، خلال تدشينه النصب التذكاري لشهداء الإبادة السريانية «سيفو». وذهب فيها عدد من ضحايا الـ «سوتورو» حزب الاتحاد السرياني التابعين للإدارة الذاتية. ولكن لماذا تم استهداف رأس الكنيسة السريانية وأكبر عدد ممكن من رؤساء الأبرشيات المسيحية بالجزيرة؟ ومَن يقف وراء هذا العمل الإرهابي غير الدولة التركية صاحبة المصلحة الأكبر في ذلك، هل لأن احتفال التدشين يذكّرها بأنها صاحبة أكبر جريمة في التاريخ البشري والتي عرفت بالإبادة الأرمنية والسريانية؟ وهنا تتطوّر اللعبة التركية، فلا قطع للرؤوس كما في مجزرة «سيفو»، بل تفجير الانتحاريين في الرؤوس!
هكذا يتم التلاعب التكتيكي بالدم السوري وبالجماعات السورية، من أجل أي نظام بديل؟ لننظر إلى ما حول محافظة الحسكة ونتخيل أي جاهلية هي في الطريق إلينا من وهابية آل سعود وعثمانية أردوغان؟
إن إحداث الغوغاء القائمة في القامشلي منذ غياب الدولة كانت المقدمة وكانت الإنذار بالنسبة لمستقبل المدينة وأهلها. وما يحصل فيها اليوم من خراب هو بسبب هذا الغياب، ما فتح الباب أمام تعدّد مرجعياتها التي أساءت وتوحّشت في غيّها تجاه بعضها البعض، رغم أن عدوهم الإرهابي واحد وهو لا يفرّق بين جماعة وجماعة.
يتقاسم الإرهاب بفرعيه «داعش» و«النصرة» الأدوار في استهداف النسيج الذي يميّز الدولة السورية، كما يميّز الدولة العراقية، في شتى مناطق «سوراقيا»، وها هم هؤلاء القتلة يحاولون استنفاد دور السريان، الثقافي والسياسي الاجتماعي الخلاق، عبر تطهير محافظة الحسكة من أحد أبرز مكوّناتها وذلك في سياق جهنمي لتغيير الديموغرافيا، التي تشبه ما حدث من مجازر عثمانية بحق شعبنا، وهي مجازر أدّت في ما أدّت إلى تغيير ديموغرافي خطير ذهب ضحيتها مئات الآلاف من أهلنا السريان والأرمن، في بداية القرن العشرين.
الضغط على هذا النسيج من متحد القامشلي ومحاولة قتلهم أو تهجيرهم خارج البلاد أو إجبارهم على الرضوخ للأمر الواقع، هو ما تسعى إليه المؤامرة على أهلنا. ولكن لنكن صريحين هنا، فالتفجير الذي استهدف البطريرك، هدفه أيضاً التصويب على تنظيم الـ «ypg» المهيمن على المدينة بغاية ضرب المكونين «السرياني» و«الكردي» وتكريس حالة الشرخ القائمة في المدينة، بسبب ممارسات سلبية للحزب المهيمن والتي تركت انطباعاً سيئاً لدى كل شرائح المدينة؟
السريان منذ البداية، في مرمى المشروع الجهنمي التفتيتي من جهة، والمتطرفين من جهة أخرى، وأين الفارق الأيديولوجي هنا بين الذئب الأميركي الذي يلعب في رأس الجماعات أو ذلك الذئب الأغبر الذي يُسيّر رأس الإرهابيين؟
كثيراً ما نلجأ في مقارنتنا إلى لوحة بابلو بيكاسو الشهيرة «غرنيكا» ولكن أليست الـ «غرنيكا» حين يذهب نسيج مجتمعنا بعيداً وربما إلى العالم الآخر في هذا الصراع العبثي، وحيث تفجير الله ليصبح إلهاً لهؤلاء وإلهاً آخر لأولئك، فيما «سوراقيا» يُراد لها أن تتساقط على أبواب جهنم.
إذا قرأتم الإنجيل، إذا تلمّستم قدمَيْ السيد المسيح السوري، فلسوف يقال لكم: هذه هي مهمتكم وليست مستحيلة!
للفرنسي الرائع تيار دوشاردان: «عندما يلج المسيح إلى داخلنا فإنما يملأنا بالله وبالإنسان ولا شيء آخر»..
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News