ليبانون ديبايت - ميشال قنبور:
حلّت لعنة التفجير على اللبنانيين الذين ذاقوا ويلات الحروب حتى باتت كلمة "موت" عاديةً بالنسبة إليهم يتعايشون معها كما واقعهم المرير الذي لم ينتج إلا مصائب تتحكم بمصائرهم. لم يكن ينقصهم إلا لعائن السياسيين قاطبةً بما حملوا من مكتنزات ضمائر مفقودة، سوداء، لا تشي إلّا حزناً ولا تُخرج إلّا وجعاً يأكل جسد ما برح ينجو من حفرة حتى يقع في أخرى!.
هو واقع لبناني مرير بدأه المتجارون من وزراء ونواب ببيانات إستنكارهم التي لا تفرق كثيراً عن بيانات حروبهم المصلحيّة، أكدتها "واقعة القاع" ودماء الشهداء السائلة على مذبح الفداء البريء، فالمشهد الإستغلالي للناس يدفع إلى شتم الساعة التي أتى فيها التفجير، ليس فقط لأنه أتى، بل لأنه حمل معه سبباً حتى يخرج هؤلاء على وسائل الإعلام كأنهم "أم الصبي" ينشرون إستنكاراتهم يميناً ويساراً. الأسوأ وسائل الإعلام تلك، التي تتذرّع بمعاداتها للطبقة السياسية، وتراهم يخرجون على فضاء أثيرها، مستنكرين حزينين، يطلقون سخافاتهم التي نُجبر على سماعها إنطلاقاً من واقع الحال، في وقتٍ أن هناك أناسٌ ممددين على الأرض حفر الإرهاب وكتب على جسدهم ولم ينقصهم إلّا أن يأتيهم السياسيين يضعون أقلامهم في دمائهم لتكون حبراً لخطاباتهم لكي يدوّنوا على ورقها عبارات سخطهم الآني، وكأنهم غربانٌ تجتمع حول جثث الضحايا لتنهشها علّها تجد قوتها في الأحشاء!.
الغربان المستغلون للسلطة هم، الناعقون السائرون خلف تردُدات مصالحهم، الواهمون البائسون المنحطون، الذين لا حول لمشهدية الدماء لديهم ولا قوة، الضائعون بين إنشاء مفردات تعابير إستغلالهم وقواعد معتقداتهم السياسية المكسرة الممزقة البالية، المنتجة من معامل ما خلف البحار، المصدرة تهريباً بصناديق أحزابهم الخانعة يجمركون علينا أمام كل حدثٍ جلل ليتحوّل مع الأسف إلى مادةً تُعزّز وجودهم الماكث على صدورنا لا يفارقنا!.
حبذا لو سمعنا ما فعلتم لحماية القاع وأخواتها من مشهدية الدم، حبذا لو رأينا إنجازاتكم التي لا تظهر إلّا في التقوقع حول أنفسكم لحماية نظامكم الهش، حبذا لو إلتمسنا تدابيركم التي لا نسمعها إلا بالمقرّرات السرّية لمجالس أمنكم المفصل على قياس نفوذكم وحضوركم، ماذا فعلتم غير الإكتفاء بالإستنكار العقيم والشجب السقيم والإستغلال العظيم وإخراج الأمن الذاتي الدفين من القمقم القديم من أجل إستغلال لئيم لنفعٍ عديم؟ ماذا فعلتم لتدارك ما هو آت بظل ما يخرج من معلومات لا تشي بالخير ولا تسمن عن جوع، غير النواح والبكاء وكشف المٌخطّطات؟ ما هي تدابيركم التي حالت دون إراقة الدماء، أو أنتم تريدون سفكها من أجل أن تكون مادةً دسمةً على موائد إستغلالكم لها حسب وجهتكم؟
وضعنا آمالنا على حكومة، ليس لأننا نحتسب أي أمل منها، بل لأن بات لا حول ولا قوّة لنا إلا هي، على أساس أنها تفعل ما يجب عليها أن تفعله، لكن ويا للاسف دخلت في مشاكلها بين مناكفة الوزير الفلاني للوزير الفلاني والمسؤول العلّاني للمسؤول العّلاني، وبين زواريب المصالح الظرفية الخاصة والمخططات الخدماتية الفاشلة وأوتسترادات النفايات ومن يقاول فيها، تاركين الأوتستراد الأمني غير سالك مقطع الأوصال يداوى بأسعافاتٍ أولية دون أي إجتماع مثمر يبحث في عمق المشكلة ودون أن يكون هناك إعلانٌ لحالة طوارئ تبقي الإجتماعات مفتوحة لتطلق النفير على أبواب مهرجانات الصيف وقدوم المصطافين والسُيّاح الضائعين في خوفهم من أمن البلد الذي لا يستحق ربما أن يخرج أحدهم محاضراً عنه كون لا دماء فيه تذرُ إستفادةً لتدعيم مواقع لا تحمى إلا إذا تركت الأمور سائبة.
هي وحدها الرابطة المارونية تعاونها المؤسسة المارونية للإنتشار كانت مختلفة عن الواقع السائد، بادرت إلى لملمة جرح أهالي القاع دون بيانات إستنكار أو تأييدٍ أجوف، ذهبت نحو معالجة آثار الجريمة عبر تقديم عيّنة مالية كمساعدة بلغت نحو 300 ألف دولار أميركي، دون المتاجرة على صفحات الصحف وشاشات التلفزة بما قدمت!.
ما أشبهكم بغربان الموت، وما اقل الوصف فيكم، يا خجل التاريخ منكم، يبدو أن أحساسكم وصل الحضيض.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News