أمن وقضاء

الاثنين 04 تموز 2016 - 08:46 السفير

معاناة زوجة الشهيد جورج فارس من القاع إلى العاصمة

معاناة زوجة الشهيد جورج فارس من القاع إلى العاصمة

تقلّب دنيا نظراتها في سقف الغرفة. الحيرة بادية في عينيها. تَتوه في فوضى الأحداث المتتالية التي عبثت بحياتها. أتحزن على زوجها «شهيد القاع» جورج فارس، الذي قضى من بين ثلّة من شباب البلدة في «الاثنين الأسود» الذي ضربها الأسبوع الماضي، أم تفرح بنجاح ابنتها جينيفر بشهادة الثانوية الرسمية بدرجة جيّد؟ أتبكي لكثرة جراحها النازفة جسداً وروحاً، أم تضحك لخلاصها من موتٍ محتمٍ تزامن مع نجاحٍ تجَرّد من طعم الفرح؟

تتزاحم الأفكار في رأسها. تحاول أن تُغلق مقلتيّها وتختصر العالم بصورة جورج المبتسم. لا تريد دُنيا أن ترى سوى آخر ضحكة منه، وآخر نكتة، وآخر همسة، وآخر كلمة جميلة قبل الفاجعة.

في غرفة العناية الفائقة في «مستشفى الجامعة الأميركية» في بيروت، حيث ترقد، لا رفيق لها في وحدتها سوى طيف جورج، لم تعرف دُنيا أنها خسرت زوجها سوى قبل أيام قليلة. أخفت العائلة الخبر عنها بانتظار أن يتحسن وضعها الصحي. «بالأمس حتى طمأننا الطبيب أن وضعها بات مستقراً»، تقول والدتها وداد رزق. تشرح المرأة التي خطّ العمر حكايات طويلة في وجهها: «أُصيبت دُنيا لحظة وقوع الإنفجار إصابة بالغة في بطنها. على الأثر نُقلت إلى مستشفى الهرمل. تفاجأ الأطباء هناك بحجم التمزق الحاصل في شرايينها فطلبوا منا نقلها بأسرع وقت إلى مستشفى آخر فيه طبيب متخصص بالشرايين، فبدأت «حفلة» الاتصالات».
تتابع وهي تقاوم دموعاً اغرورقت في عينيها: «اتصلنا بعدد كبير من المستشفيات، وبعد جهد تمكّنا من نقلها إلى «المستشفى اللبناني الفرنسي» في زحلة، برغم أنهم أبلغونا في البداية أن لا أسرّة فارغة في غُرف العناية»، مشيرةً إلى أنه «لحظة وصولنا كانت دُنيا قد نزفت الكثير من الدماء فحاول الممرضون تقديم الإسعافات اللازمة لها. إلا أنه بعد مرور نحو ستّ ساعات أبلغونا عجزهم عن فعل المزيد وأنه لا بد من نقلها إلى مستشفى في بيروت».

عُدنا إلى «حفلة الاتصالات» مجدداً، تقول رزق بحدّة، مردفةً: «في هذا البلد بدك ألف بوّسة إيد حتى تفوت على المستشفى. بدأنا الاتصال بالمعنيين من وزراء ونواب». تُقاطعها ابنتها سوزي قائلةً: «برغم أن وزير الصحة وائل أبو فاعور كان قد أوعز إلى كافة المستشفيات باستقبال الجرحى على نفقة الوزارة»، تضيف الأم:»لو لم يهددهم صهري بفضح كلّ شيء في الإعلام كنا حتى الآن نبحث عن سرير».

تواصلت العائلة مع الكثير من المستشفيات في بيروت إلا أن أغلبها تذرع بعدم وجود أسرّة فارغة للوزارة، وأخرى «طالبتنا بدفع مبالغ مالية على الباب، بالرغم من أن زوج دُنيا كان عسكرياً ولديه ضمان صحي»، تقول رزق.

العذاب الذي ذاقه أفراد العائلة لدخول المستشفى لا يقلّ عن العذاب الذي لاقوه جراء الانفجار. «فوق القهرة عصّة قبر»، تردف سوزي.

تحسنت دُنيا. لكن مأساة العائلة لم تنتهِ. توفي والد دنيا (جدّ الطفلتين جينيفر وكارين) بعد أقلّ من أسبوع على استشهاد زوجها، وذلك إثر عارض صحي ألمّ به، فيما يرقد زوج الأخت الصغرى لـدُنيا (ج. ف.) في المستشفى أيضاً إثر إصابته في أحد التفجيرات الانتحارية.

وبرغم عدم خطورة اصابة (ج. ف.) وفق الأطباء، الا أنهم أبلغوا العائلة، أمس، وبشكل مفاجئ أنهم مضطرون لقطع ساقه نظراً لأن كافة الحلول المتخذة لم تعد تجدي نفعاً.
المعاناة التي يعيشها اللبنانيون على عتبة المستشفيات ليست جديدة، إلا أنه في حالة دُنيا فإن «وزارة الصحة لم تتلقَ أي شكوى من العائلة برفض أحد المستشفيات استقبال الجريحة»، بحسب ما يوضح وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور. ويضيف جازماً: «لو علمنا بالأمر كنا اتخذنا الإجراءات اللازمة فوراً».

ويشير إلى أنه «في الكثير من الأحيان نصطدم بعدم وجود أسرّة فارغة، حيث أننا نُعاني من نقص حاد في غرف العناية الفائقة في الكثير من المستشفيات، ولاسيما تلك المخصصة للأطفال».

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة