ليبانون ديبايت - لارا الهاشم
في دولة مبتورة الاطراف تتحكم فيها الخلافات السياسية والاصطفافات يصعب التصور بأن حلول المواعيد الدستورية قد يحل ازمة المؤسسسات. ففي ظل وجود مجلس نيابي غير قادر على انتخاب رئيس للجمهورية قوي يصون لبنان من رياح المخاطر التي تعصف به من كل حدب وصوب، وحكومة تلعب دور الاطفائي عبر تحييد نفسها عن الملفات الخلافية، ومكونات سياسية عاجزة عن التوافق على قانون انتخابي يؤمن صحة تمثيل كل شرائح المجتمع بعد تمديدين متتاليين، قد يصعب تصديق امكانية تعيين قادة امنيين جدد مع حلول مواعيد الاحالة على التقاعد.
ففي الشهرين القادمين ستحضر ثلاثة مواعيد داهمة للاحالة على التقاعد في المؤسسة العسكرية بحسب مذكرة تأجيل التسريح الصادرة عن وزير الدفاع سمير مقبل في 6 آب 2015، وفقا للتسلسل الزمني التالي:
- في 21 آب 2016 الامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء الركن محمد خير
- في 30 ايلول 2016 رئيس الاركان اللواء الركن وليد سلمان
- في 30 ايلول 2016 ايضا قائد الجيش العماد جان قهوجي
وعليه كيف سيتم التعاطي مع هذه الاستحقاقات حكوميا؟
تجدر الاشارة بحسب الوزير السابق سليم جريصاتي في حديث لليبانون ديبايت، الى انه لا يمكن تأجيل تسريح سلمان مجددا (على افتراض ان هذا التأجيل اصلا قانوني) لأنه يكون قد بلغ الحد الاقصى للخدمة في الجيش، اي 43 عاما، في تشرين الاول 2016.
فيما يخص اللواء الركن محمد خير تتبقى له اربع سنوات لاستنفاذ الحد الاقصى للخدمة (43 عاما) من دون ان يعني ذلك ان تأجيل تسريحه قانوني بمقتضى المادة 55 من قانون الدفاع الوطني.
اما بالنسبة للعماد جان قهوجي فيبلغ الحد الاقصى للخدمة (44 عاما للعماد) في الاول من تشرين الاول 2017 ما يعني ان وزير الدفاع سيغامر في حال قرر تأجيل تسريحه، المخالف اصلا للمادة 55 من قانون الدفاع الوطني، حتى هذا التاريخ كحد اقصى.
ومع اقتراب هذه المواعيد لا يزال الموقع الرئاسي شاغرا والظروف الامنية والسياسية التي شكلت ذريعة لتأجيل التسريح في المرات السابقة على حالها مع عودة الهمس عن حتمية تأجيل تسريح قائد الجيش مرة ثالثة.
موقف تكتل التغيير والاصلاح ولاسيما التيار الوطني الحر المعارض، واضح، اذ اكد في اكثر من بيان رفضه للتمديد في اي موقع او سلطة او مؤسسة او ادارة، ويضيف جريصاتي ان هذا الموقف مبدأي ولا استثناء عليه.
اما بالنسبة لتأجيل تسريح قائد الجيش بشكل خاص، فيقول جريصاتي ان ترشيح التكتل للعميد شامل روكز للقيادة يومها تم انطلاقا من مبدأين: الاول لمنع تأجيل التسريح غير القانوني من جهة والثاني من بوابة تولية خلف للعماد قهوجي تتوافر فيه كل مواصفات القيادة، "الا اننا لم نفلح لاسباب سياسية تثبت وهنها". واليوم لا يزال الموقف الرافض لتأجيل التسريح هو هو، لاسيما في ظل مذكرات الفصل المؤقت التي صدرت عن المديرية العامة لقوى الامن الداخلي وعلى مشارف حلول المواعيد اعلاه في المؤسسة العسكرية.
لكن في مطلق الاحوال ان اي تدبري او اجراء او قرار، مؤقت او نهائي، في المؤسسة العسكرية لا يرهن رئيس الجمهورية العتيد الذي هو بحل من كل تعيين لا يتوافق ونطرته الى القوات المسلحة ولا بد ان يكون وزير الدفاع سمير مقبل قد ابلغ بكل هذه المواقف في زيارته الاخيرة للرابية يضيف جريصاتي. اما ان يكون للتكتل مرشحين للقيادة، فهو امر ممكن ومتاح نظرا الى ان التيار الوطني الحر مكوّن اساسي في الحكومة وللتكتل حضور وازن ايضا.
في مقابل هذا الرفض الحاسم، لم يتخذ تيار المستقبل موقفا من تأجيل تسريح قائد الجيش بعد الا ان الموضوع سيكون قيد البحث في اجتماع الكتلة الاسبوعي، اما الوزير سجعان قزي فيجيب: "لما منوصل عليها منصلي عليها" اذ تبقى هذه الاستحقاقات مرهونة بمواعيدها. فاذا توافرت الظروف لتعيين قادة امنيين جدد "اهلا وسهلا بهم" والا فلا يجوز ترك الجيش من دون قيادة مستقرة. فالظروف الامنية السابقة لم تنتف بحسب قزي، "لا بل زادت لاسيما بعد تفجيرات القاع والتطورات السورية ودخولنا في حرب مفتوحة ضد الارهاب"، وان ما يسري على قائد الجيش يسري على باقي القادة الامنيين، وبناء عليه يبدي انفتاحه على كافة الطروحات. بكافة الاحوال يعتبر قزي ان الموضع سابق لاوانه اذ لم تطرح اي اسماء حتى الساعة لا في مجلس الوزراء ولا في مجلس النواب ولا حتى على صعيد الاجهزة الامنية.
في الموازاة لم يتخذ الحزب التقدمي الاشتراكي بدوره موقفا من هذه الاستحقاقات بعد، فيما تلفت مصادره الى ان وضعية رئيس الاركان ستكون مختلفة عن غيره مع بلوغه الحد الاقصى لسنوات الخدمة.
لكن اي ظروف امنية داهمة ستسبق هذه الاستحقاقات الداهمة بدورها؟ وحدها المواعيد الدستورية ستشهد على ذلك.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News