مختارات

دافيد عيسى

دافيد عيسى

صحيفة المرصد
الاثنين 18 تموز 2016 - 13:39 صحيفة المرصد
دافيد عيسى

دافيد عيسى

صحيفة المرصد

جان قهوجي باقٍ..

جان قهوجي باقٍ..

يُفترض ويُستحسن ان يظلّ موضوع قيادة الجيش خارج التداول السياسي والإعلامي، لأنه لا يحتمل تجاذباً ومتاهات ولا يحتمل تأويلاً والتباساً.
بإختصار ومن دون لفّ ودوران نقول ان قائد الجيش العماد جان قهوجي باقٍ في موقعه طالما ان الأسباب والظروف التي كانت وراء تمديد ولايته وخدمته العسكرية قبلآ ما تزال قائمة ولم يتغير فيها شيء.

من هنا واذا كانت بعض هذه الطبقة السياسية الحاكمة قد اعتادت واقع الفراغ الرئاسي، فإن هذه السياسة وما تعكسه من استخفاف "واستلشاق" تقف عند عتبة قيادة الجيش ولا يمكن ان يحصل تعيين قائد جديد للجيش لا يكون رئيس الجمهورية "الماروني" صاحب الكلمة الأولى فيه.

وفي هذا المجال تحديدآ اقول للصديق سامي الجميل انه ارتكب "خطيئة" عندما قال في برنامج "كلام الناس" ارفض التمديد لقائد الجيش من دون محاولة التعيين من قبل الحكومة... فكيف يطلب سامي الجميل من حكومة استقال منها وقال عنها انها فاسدة ومتواطئة مع المافيات وغير ميثاقية ان تعين قائدآ جديدآ للجيش؟ والاهم كيف يقبل سامي الجميل رئيس احد الاحزاب المسيحية و"الماروني" ان يعين مجلس الوزراء قائد جديدآ للجيش في ظل فراغ الموقع المسيحي والماروني الاول في البلاد منذ اكثر من سنتين؟
اسباب وعوامل كثيرة تدفع بإتجاه التمديد للعماد قهوجي في ظلّ الظروف الراهنة:

1- اولاً وقبل كل شيء وعي ووطنية وزير الدفاع سمير مقبل الذي اثبت في محطات كثيرة حرص على المؤسسة العسكرية وعلى لبنان.

2- لا يجوز تعيين قائد جديد للجيش في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية، فالمطلوب انتخاب رئيس للجمهورية اولاً قبل طرح واجراء اي تغييرات وتعيينات اساسية في الدولة خصوصاً اذا كانت تتعلق بمراكز اساسية وحساسة مثل قيادة الجيش كون هذا المركز مرتبط مباشرة برئاسة الجمهورية.

صحيح ان المؤسسة العسكرية خاضعة للسلطة السياسية اي السلطة التنفيذية بموجب اتفاق الطائف ولكن الصحيح ايضاً ان رئيس الجمهورية هو رأس هذه السلطة وهو بحكم الدستور القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المجلس الأعلى للدفاع اضافة الى ما له من دور مرجعي ومعنوي وارتباط وثيق بقائد الجيش، من هنا لا يجوز ان يُفرض على رئيس الجمهورية المقبل، ايّا يكن اسم هذا الرئيس، قائد للجيش لا يكون من اختياره وموضع ثقته.

3- هل يمكن تعيين قائد جديد للجيش في ظل الوضع الخطير والحساس الذي يعيشه لبنان والمنطقة وما يحويه من ازمة سياسية وصراع على السلطة وهل يمكن للقوى والقيادات السياسية ان يتفقوا على قائد جديد للجيش اذا كان اتفاقهم على امور وتعيينات اقل شأناً صعباً ومتعذراً؟

ان الإتفاق على قائد جديد للجيش لا يقل صعوبة عن الإتفاق على رئيس للجمهورية، واذا كان السياسيون قادرين على تعيين قائد جديد للجيش فإنهم قادرون على انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

4- يمر لبنان بأوضاع استثنائية دقيقة وخطيرة، فما يظهر على السطح من هدوء واستقرار ليس الا "قشرة" يغلي تحتها بركان قابل للإنفجار عند اول خطأ غير محسوب، وبالفعل فقد دخل لبنان منذ مطلع هذا العام مرحلة امنية دقيقة وخطيرة وصار واقعاً تحت تهديدات امنية وارهابية كان اخطرها ما حدث في القاع من تفجيرات انتحارية جرى احتواؤها سريعاً بفعل تضافر وجهود وارادة الجيش وابناء القاع في الصمود والتصدي للإرهاب.

5- لا مبالغة في القول ان الجيش اللبناني هو الذي يقود الحرب على الإرهاب على الحدود وفي الداخل محققاً انجازات نوعية، اذ تجمع الأوساط الدبلوماسية والعسكرية الدولية على الإشادة بأداء الجيش وطريقة محاربته للإرهاب بامكانات متواضعة محققاً ما عجزت عنه جيوش كبيرة مجهزة بإمكانات وتجهيزات كبيرة وحديثة.

وكذلك فان الخبرة العملانية في مجال محاربة الإرهاب التي يتمتع بها العماد جان قهوجي تُضاف اليها شبكة من العلاقات الدولية التي نجح في نسجها مع المجتمع الدولي وعواصم القرار والدول المعنية والمهتمة بالوضع اللبناني، هذه العلاقات يجري توظيفها لمصلحة تعزيز قدرات الجيش وامكاناته تجهيزاً وتدريباً وتسليحاً ما يجعله جزءاً من حملة عسكرية دولية ومنخرطاً في تحالف واسع ضد الإرهاب ويعزز الثقة بدوره ويشجع الدول الفاعلة على دعمه واحتضانه و"الإتكال عليه"، فالمسألة هنا لا تُقاس بالقوة العددية وانما بالإنجازات النوعية.

6- لا بدّ من التوقف عند المزايا الشخصية القيادية للعماد قهوجي واخذها في الإعتبار عندما يُفتح مجدداً ملف قيادة الجيش، اذ يمكن للبعض ان تكون لديه اسباب سياسية تدفعه الى الإعتراض على بقاء العماد قهوجي قائداً للجيش حتى لا يبقى في المعادلة الرئاسية، ولكن ليس هناك من لديه ملاحظات وانتقادات على شخص العماد قهوجي وادائه وسلوكه الوطني والمهني.

العماد قهوجي رغم كل ما تعرّض له من حملات وانتقادات ذهب معظمها في اتجاهات التحامل والإفتراء قابلها هذا الرجل بهدوء الواثق من نفسه، ولم يشأ ان يضع المؤسسة العسكرية على خط التجاذبات السياسية وان تكون طرفاً في صراع السلطة والمصالح على اي مستوى.

كما ابعد قهوجي الجيش عن مماحكات السياسيين وحال دون تدخلهم في شؤون المؤسسة العسكرية وهذا كان سبباً رئيسياً من اسباب نجاح الجيش في اداء مهامه وتحقيق اهدافه وفي التفاف الشعب من حوله، في وقت كانت الطبقة السياسية تشهر افلاسها وتعاني من ارفضاض الشعب من حولها وسحب الثقة منها.

لكل هذه الأسباب والدواعي والظروف، فإن جان قهوجي باقٍ في مركزه ومهمته ودوره حتى انتخاب رئيس للجمهورية.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة